موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

البحث داخل الكتاب

عرض الصفحة 8 - -

 

كتاب فصوص الحكمللشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

التنسيق موافق لطبعة ....

 

 
  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 8


العربية غني حافل بهذه المصطلحات، ولكن الفصوص حوى أمهاتها وأضفى عليها من الدقة العلمية، والنضج الفكري ما لا نجده في كتاب آخر له. وإِلى مصطلحات الفصوص خاصة يرجع فضل تأثير ابن عربي فيمن ترسَّم خطاه في الطريق الصوفي.

على أن أهمية الفصوص ليست قاصرة على مصطلحاته التي رددها الصوفية والشعراء من بعد ابن عربي ترديداً، فإِن للكتاب قيمة أخرى لا تقدر من ناحية مادته، إذ فيه يعالج المؤلف مشكلته الكبرى- مشكلة وحدة الوجود- وما تفرع عنها من المسائل التي سلك في استنباطها مسلكاً كلامياً خاصًّا لا أجد له نظيراً في مؤلف آخر من مؤلفاته، وربط هذه المسائل كلها ربطاً محكماً داخل دائرة مذهبه العام. فجاء كتابه خلاصة لمذهب في الفلسفة الصوفية منسجم متسق الأجزاء، وهو مذهب لا تكاد نظفر به كاملًا في كتاب آخر له، كما لا نظفر بمثله في كتب غيره من الصوفية الذين سبقوه أو أتوا من بعده. وفي هذه الناحية أيضاً- ناحية مادة الفصوص- كان ديْن متأخري الصوفية لابن عربي عظيماً. وليس ما خلَّفه شعراء الفرس من تراث شعري صوفي رائع سوى صدى لتلك المعاني التي ابتكرها صاحب الفصوص وورثتها عنه العبقرية الفارسية فأبدعت في تصويرها وفي أساليب التعبير عنها. فاضت قلوب شعراء الفرس والترك بمعاني الوحدة الوجودية الشاملة وبالحب الإلهي القاهر القائم عليه كل شي‏ء. وقالوا إِن الحق أصل كل موجود، وإِنه يتخلل العالم بأكمله فيضاً عن فيض، وإِنه الفاعل على الحقيقة لكل شي‏ء في كل شي‏ء، تصدر عنه الأشياء، وتفيض عنه الحركات، يلبس في كل آن صورة جديدة- ما لا نهاية له من الصور الجديدة- يخلعها عن نفسه إِلى صور جديدة أخرى. وإن عالم الممكنات يخلق خلقاً جديداً في كل لحظة ويفنى في اللحظة التي تليها، وان‏


-


- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 8


 
  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!