موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ويقول الشيخ الأكبر أيضاً أن الشيخ أبا عمران كان واحداً من رجال الإمداد، وهم ثلاثة رجال في كل زمان يستمدون من الحق ويمدّون الخلق بلطف ولين ورحمة من غير أن يشعروهم بشيء:

ومنهم رضي الله عنهم ثلاثة أنفس وهم رجال الإمداد الإلهي والكوني في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون فهم يستمدون من الحق ويمدون الخلق ولكن بلطف ولين ورحمة لا بعنف ولا شدة ولا قهر يقبلون على الله بالاستفادة ويقبلون على الخلق بالإفادة فيهم رجال ونساء قد أهلهم الله للسعي في حوائج الناس وقضائها عند الله لا عند غيره وهم ثلاثة لقيت واحداً منهم بإشبيلية وهو من أكبر من لقيته يقال له موسى بن عمران سيد وقته كان أحد الثلاثة لم يسأل أحداً حاجة من خلق الله. ورد في الخبر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال من تقبل لي بواحدة تقبلت له بالجنة: أن لا يسأل أحداً شيئاً،[1] فأخذها أبّان مولى عثمان بن عفان فعمل عليها فربما وقع السوط من يده وهو راكب فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه فينيخ راحته فتبرك فيأخذ السوط من الأرض بيده. وصفة هؤلاء إذا أفادوا الخلق ترى فيهم من اللطف وحسن التأني حتى يظن أنهم هم الذين يستفيدون من الخلق وإن الخلق هم الذين لهم اليد عليهم ما رأيت أحسن منهم في معاملة الناس.[2]

التقليل من المعارف

وكذلك كان الشيخ أبو عمران يطلب الستر حياءً من معارفه. يقول عنه الشيخ الأكبر في جوابه على السؤال الستين من أسئلة الحكيم الترمذي حول الخوض الذي يحصل للناس أثناء وقوفهم في الحشر يوم القيامة:

السؤال الستون: ما خوض الوقوف؟ الجواب: دخول بعضهم في بعض طلباً للتخلص مما هم فيه من شدة ذلك اليوم وكربه؛ فمنهم الخائض في طلب من يشفع له، ومنهم الخائض في طلب من يتكرم عليه لينقذه من هول ذلك اليوم، ومنهم الخائض في طلب من يشهد له، ومنهم الخائض في طلب الخصم لطلب القصاص، ومنهم الخائض ليختفي ويستتر من خصمائه، ومنهم الخائض ليستتر حياءً من معارفه وعلى هذا كان يعمل شيخنا أبو عمران موسى بن عمران الميرتلي: قلت له يوماً لم تقلل من معارفك فقال: "ربما لا أكون هناك بذاك فأستحي من معارفي فإذا لم أر من أعرف هان علي بعض الحال." ومنهم الخائض ليعرّف بمنزلته لما هو فيه من المكانة عند ربه ليغيظ بهم الكفار. وأمثال هذا هو خوض الوقوف إذا تأملت.[3]

تبشيره له بالجنة

وكان من بركة هذا الشيخ أن بشّر الله تعالى ابن العربي بالجنة، وذلك أن الشيخ الأكبر رأى له



[1] انظر في زيادة الجامع الصغير: حديث رقم 3277.

[2] الفتوحات المكية: ج2ص14.

[3] الفتوحات المكية: ج2ص81.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!