موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يدور عليه كأنه الرحى حين تدور على قطبها وهو عبد الله بن الأستاذ الموروري الذي كان قطب التوكل في زمانه، فلما اجتمع به وصحبه عرّفه بذلك فتبسم وشكر الله تعالى.[1]

ولا شك أن عبد الله قد أعجب بالشيخ الأكبر وعلم قدره وعلو علمه ومعرفته، وربما هذا ما دعاه لاحقا لزيارته في إشبيلية حتى يتعلم منه معرفة الله سبحانه وتعالى، وذلك أنه كان له أخ مات فرآه في المنام، فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال له: أدخلَني الجنّة آكل وأشرب وأنكح. قال له: ليس عن هذا أسألك! هل رأيت ربك؟ قال: لا يراه إلا من يعرفه. فلما استيقظ ركب دابته وجاء إلى الشيخ محي الدين في إشبيلية وعرّفه بالرؤيا وقال له قد قصدتك لتعرّفني بالله. فلازمه حتى عرف الله بالقدر الذي يمكن للمحدث أن يعرفه به من طريق الكشف والشهود لا من طريق الأدلة النظرية.[2]

بعض صفاته

وقد روى الشيخ محي الدين الكثير من أخبار الشيخ الموروري وصفاته في رسالة روح القدس، وكذلك في كتاب محاضرة الأبرار؛ فالشيخ أبو محمد عبد الله الموروري كان من تلاميذ أبي مدين الذي كان يسميه الحاج المبرور وقد حج وصاحب في مكة أبا عبد الله بن حسان الذي طلب منه أن يتزوّج ابنته رغبة فيه فأبى عبد الله أن يأخذها مخافة أن لا يقوم بحقها. وكان الشيخ أبو مدين يحبه جدا؛ قال له يوما يا أبا عبد الله كَبُر علي دعائي الناس إلى الله ولا يجيب أحد وأريد أن أصطفيك لنفسي وتخرج معي إلى بعض هذه الجبال فألزم مغارة تصحبني فيها إلى أن أموت ففرح عبد الله بذلك وعلم أن له عند الله مكانا، ولما كان الليل رأى عبد الله الشيخ أبا مدين في النوم إذا تكلم مع الناس صار شمسا وإذا سكت صار قمرا فروى له ذلك في الصباح فتبسم وقال له الحمد لله يا ولدي أريد أن أكون شمساً فإن الشمس تنفي كل ظلمة وتكشف كل كربة.

وكان عبد الله الموروري له همة فعالة وصدق عجيب، سافر من عند الشيخ أبي مدين إلى الأندلس بسبب والدته فأودعه الشيخ أبو مدين سلامه إلى أبي عبد الله الشيخ المسن بمدينة المرية المعروف بالغزّال من أصحاب ابن العرّيف من أقران أبي مدين وأبي الربيع الكفيف الذي كان بمصر وعبد الرحيم الذي كان بقنا وأبي النجا[3] الذي كان بجزيرة الذهب رحمهم الله تعالى، فلما وصل عبد الله إلى



[1] الفتوحات المكية: ج4ص76.

[2] الفتوحات المكية: ج4ص510.

[3] أبو النجا سالم الفوي المغربي توفي سنة 532 للهجرة، رحل إلى الموصل والتقى بقضيب البان المشهور. ذكره الملق في طبقات الأولياء وذكر له بعض الكرامات؛ قال: "كنت في بدايتي، ما سمعت عن أحد من الرجال أنه عمل عملاً إلا عملته؛ حتى ذكرت الملائكة، وأن غذاءهم التسبيح، فأقمت مدة أتغذى بالذكر، وأشبع منه، كما أشبع بالطعام". وقال أيضاً: "وكنت مرة على جبل الربوة -بدمشق- فقلت: يا رب! الذي تطيّره في الهواء، كيف يفعل؟ فما فرغت من الكلام إلا وأخذني ورفعني في الهواء، صوب السماء، إلى أن صارت دمشق تحتي كدور الدرهم؛ قلت: أشهد إنك على كل شيء قديراً، ردني إلى موضعي!"


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!