موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وأما أبو يحيي الصنهاجي رضي الله عنه فكان قد عمي وقد أسن فكان مجتهدا في العبادة وله قدم راسخة في الرياضات والإشارات. لما مات بإشبيلية دفنوه في جبل عال قريب وكان لا يخلو من الريح أبدا فسكّن الله الريح في ذلك الموسم واستبشر الناس وباتوا على قبره يقرؤون القرآن، فلما نزل الناس هبت الريح على عادتها.

يقول الشيخ محي الدين أنه عاشره شهورا قبل موته وكان من أهل السياحات ملازما للسواحل مؤثرا للخلق.[1]

أبو الحجاج يوسف الشبربيلي

وهو من شبربيل وهي قرية شرقي الأندلس على فرسخين من إشبيلية، وكانت أكثر إقامته بالبادية صحب أبا عبد الله بن المجاهد وكان يعيش من عمل يده. دخل طريق التصوف قبل بلوغ الحلم ولم يزل عليها حتى مات. وكان ابن المجاهد إمام هذه الطريقة في إشبيلية يقول التمسوا الدعاء من أبي الحجاج الشبربيلي وكان يُكبره إذا زاره. ويقول الشيخ محي الدين عنه أنه رأى له بركات كثيرة، وكان ممن يمشي على الماء.

أخبر أبو الحجاج ابن العربي أنه كان يزور شيخه ابن المجاهد كل يوم جمعة فزاره في يوم جمعة على عادته فوجده واقفا على البنّائين بحائط داره التي يسكن بها وكان قد تهدّم فبناه ليستر عياله. فسلم عليه، فقال له: خالفت عادتك يا أبا الحجاج، فقال له يوسف: بل هو يوم الجمعة. فضرب يداً على يد وصاح أوّاه هذا ما فعل الضروريُّ الذي لا بدّ منه، فكيف لو زدنا؛ وناح وبكى على نفسه وتحسّر على وقته (لأنه فاتت عليه صلاة الجمعة). فكان أبو الحجاج كلما ذكر هذه الحكاية للشيخ محي الدين يبكي ويقول: هكذا تكون الرجال يبكون على فوات حظوظهم من الحضور مع الله.

وكان له بداره بالقرية بئر يستقي منها لوضوئه فرأينا بجانب البئر شجرة زيتون قد علت وأورقت وحملت جسمها غليظ فقال له صاحبي يا سيدنا لم غرست هذه الزيتونة في هذا الموضع وضيقت بها على البئر فالتفت إلينا ونظر وكان قد انحنى ظهره من الكبر فقال في هذه الدار ربيت من صغري ووالله ما رأيت قط هذه الزيتونة إلا الآن! فكان بهذه المثابة من الاشتغال بقلبه ما دخلت قط عليه ولا غيري إلا وجدته قارئا في المصحف لم يمسك كتابا غير المصحف حتى مات. وكان له هرة سوداء لا يستطيع أحد أن يمسكها ولا يلقي يده عليها وكانت ترقد في حجره وكان يقول لي لهذه الهرة تمييز لأولياء الله فهذا العذار الذي ترى فيها ما هو سدى قد جعلها الله تأنس بالأولياء فشاهدتها مرارا عنده فيدخل إنسان فتحك خدها في رجله وتتعلق به ويدخل أخر فتفر منه؛ ولقد دخل عليه شيخنا أول مرة دخل عليه -يعني أبا جعفر العريبي رحمه الله تعالى الذي ذكرته أولا- وكانت الهرة في البيت الآخر فخرجت من البيت ونظرت إلى شيخنا



[1] روح القدس: ص53.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!