موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


أبي جعفر وفتحت يديها على عنقه فعانقته ومرغت وجهها على لحيته فقام إليه أبو الحجاج حتى أجلسه ولم يقل شيئا فأخبرني أبو الحجاج أن ذلك الفعل ما رأيته قط فعلته مع غيره ولم تزل عنده حتى خرج من عنده. وجاءه رجل وأنا عنده في جماعة وفي عينيه وجع شديد يصيح منه مثل النفساء فدخل عليه وقد شق على الناس صياحه فاصفر وجه الشيخ وقعد وقلع يده المباركة ووضعها على عينيه فسكن الوجع من جبينه هذا الشخص كأنه الميت ثم قام وخرج مع الجماعة وما به من بأس. وكان له صاحب من صالح مؤمني الجن أبدا لا يبرح من عنده. دخلت عليه مع شيخنا أبي محمد رضي الله عنهما فقلت يا سيدنا هذا من أصحاب أبي مدين فتبسم الشيخ وقال عجب أمس كان عندنا أبو مدين رضي الله عنه نعم الشيخ وأبو مدين إذ ذاك ببجاية وبينه وبينهما مسيرة خمسة وأربعين يوما فكان كشفا بينهما وكانت هذه الحالة كثيرا تتفق لي مع أبي يعقوب فإن أبا مدين كان قد سكن عن الحركة وأحفظ من أخباره ما شاهدته كثيرا تضيق هذه العجالة عنه. وهكذا كل من أذكره وإنما أذكره ليعلم أن الزمان لا يخلو من الرجال.

الشيخ أبو عبد الله محمد بن قسوم

وكان من محبين الشيخ ابن المجاهد ومريديه فقرأ عليه حتى مات واستخلفه في موضعه فجرى على حالته وزاد فجمع بين العلم والعمل. كان مالكي المذهب قائلا بشرف العلم ومرتبته. صحبه الشيخ محي الدين وقرأ عليه وسمع منه. كان دعاؤه الذي يختم به أبدا: اللهم أسمعنا خيرا وأطلعنا خيرا، ورزقنا الله العافية وأدامها لنا، وجمع الله قلوبنا على التقوى ووفقنا لما يحبه ويرضاه، وخواتم البقرة. ولذلك التزم الشيخ محي الدين هذا الدعاء في مجالسه ثم رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام في الحرم وقارئ يقرأ عليه صحيح البخاري فلما فرغ دعا بهذا الدعاء.

يقول عنه الشيخ محي الدين أنه قسم ليله ونهاره بحيث إذا صلى الصبح ذكر الله حتى تطلع الشمس فيركع ركعتين ويدخل منزله فيأخذ كتبه ويخرج إلى الطلبة فيقرؤون العلم إلى ارتفاع النهار ويدخل منزله فإذا لم يكن صائما أخذ شيئا من الغداء وصلى ضحاه ونام يسيرا ثم يقوم فيسبغ الوضوء فإن كان له تقييد قيده وإلا ذكر الله فإذا جاء الظهر فتح المسجد وأذن ودخل مسجده يتنفل ويذكر الله إلى وقت دخول الصلاة متمكنا يخرج إلى أن يقيم الصلاة لا يتنفل، يتمايل في محرابه تمايل النشوان مما يجد في باطنه من الوجد بكلام الله، فإذا خرج وتنفل براتبة الظهر وأخذ المصحف ففتحه على ركبته ومشى بيديه على حروفه،[1] وعيناه في المصحف يرتل القرآن بحنان وتدبر حتى يتم خمسة أجزاء وقد حان العصر فيؤذن ويدخل مسجده ويتنفل حتى تجتمع الجماعة فيصلي بهم ثم يدخل منزله يذكر الله حتى يحين وقت المغرب فيخرج يؤذن ويصلي ويدخل فيجيء بين العشاءين حتى يجيء وقت العشاء أو قربها فيسرج القنديل في المسجد ويؤذن ويدخل منزله يتنفل حتى يجتمع الجماعة يخرج يصلي بهم ثم يغلق باب



[1] وهذا ما يوصى به ابن عربي في كتاب كنه ما لا بدّ للمريد منه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!