موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


لا يعرف وعيّن له هذا المشهد حتى عاينه ذوقاً صحيحاً لا يشك فيه، كما يقول عن نفسه في الباب الواحد والسبعين من الفتوحات المكية. ثم يضيف الشيخ الأكبر أن هذا أيضاً هو مذهب شيخه أبي إسحق بن طريف. ويقول إنه قال له يوما وهو عنده في جزيرة طريف سنة 589: يا أخي والله ما أرى الناس في حقي إلا أولياء عن آخرهم ممن يعرفني! قال له الشيخ الأكبر: كيف تقول يا أبا إسحق؟ فقال: إن الناس الذين رأوني أو سمعوا بي إما أن يقولوا في حقي خيراً أو يقولوا ضد ذلك؛ فمن قال في حقي خيراً وأثنى عليّ فما وصفني إلا بصفته، فلولا ما هو أهلٌ ومحلٌّ لتلك الصفة ما وصفني بها، فهذا عندي من أولياء الله تعالى. ومن قال فيّ شرّاً فهو عندي وليٌّ أطلعه الله على حالي فإنه صاحب فراسةٍ وكشفٍ ناظر بنور الله، فهو عندي وليّ فلا أرى يا أخي إلا ولياً لله.[1]

قصة موت الشيخ ابن طريف

يقول الشيخ محي الدين عن الشيخ ابن طريف القيسي أنه كان من الشيوخ الذين يحاسبون أنفسهم على أنفاسهم ويعاقبونها على غفلاتها. وقد مات في عقوبة غفلة كما ذكرها الشيخ محي الدين في رسالة روح القدس، حيث قال إن سبب موته هو أنه كان هناك إنسان من أهل البلد الذي يسكنه فيه داء في عنقه يقال له نفنفة، فجاءه يوما رجلٌ يسأله عن هذا الإنسان فلم يعرفه الشيخ جيّدا، فألحّ عليه الرجل في السؤال، فقال له ابن طريف: أراك والله تسأل عن ذلك الرجل صاحب النفنفة في عنقه؟ قال: عنه أسأل. قال الشيخ ابن طريف: فناداني الحقّ في سرّي أن يا إبراهيم ما تعرفُ عبادَنا إلا بما نبتليهم؟ أما كان له اسم تذكره به؟ لأميتنّك بها! فأصبح وقد خرجت النفنفة في عنقه فقاساها يسيرا ثم مات.[2]

يروي الشيخ محي الدين هذه الحكاية في "روح القدس" عن محمد ابن هذا الشيخ إبراهيم بن طريف حيث التقاه بالحرم في مكة، وقال له محمد أن أباه قال له أنه ما غلط في مثل هذا النوع منذ عشرين سنة!

قبل أن يعبر المضيق (الجزيرة الخضراء، 589/1192)

يذكر لنا تلميذُه مؤيّدُ الدين الجندي أن الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي قد قال لتلميذه صدر الدين القونوي الذي سنذكره لاحقا أنه لما وصل إلى البحر أخذ على نفسه عهدا أنه لن يقطع البحر حتى يُكشف له عن أحواله الداخلية والخارجية التي سيكون عليها حتى وقت وفاته. فتوجّه ابن العربي إلى الله تعالى بالدعاء بإخلاصٍ وحضورٍ تامٍّ حتى أشهده الله كلَّ أحواله المستقبلية حتى أيامه الأخيرة. فيقول الشيخ الأكبر لصدر الدين أنه علم من ذلك الوقت أن أباه اسحق بن محمد سيكون صاحبه، حتى إنه اطّلع



[1] الفتوحات المكية: ج1ص617.

[2] روح القدس: ص79.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!