موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


فيقول الشيخ محي الدين في الباب الحادي والستين ومائة "في المقام الذي بين الصدّيقية والنبوّة وهو مقام القربة" أن القربة نعت إلهي وهو مقام مجهول أنكرت آثاره الخاصّة من الرسل عليهم السلام مع الافتقار إليه منهم وشهادة الحق لصاحبه بالعدالة والاختصاص وهو مقام الخضر مع موسى، وما أذهله إلا سلطان الغيرة التي جعل اللهُ في الرسل عليهم السلام على مقام شرع الله على أيديهم.

ويقول الشيخ محي الدين أن بعض العلماء، مثل أبي حامد الغزالي، قد أنكروا هذا المقام وقالوا ليس بين الصديقية والنبوة مقام ومن تخطى رقاب الصديقين وقع في النبوة، والنبوة باب مغلق، فكان يقول لا تتخطوا رقاب الصديقين. ويضيف الشيخ محي الدين أنه لا شك أن الأنبياء أصحاب الشرائع هم أرفع عباد الله من البشر ومع هذا لا يبعد أن يخص الله المفضول بعلم ليس عند الفاضل ولا يدلّ تميّزه عنه أنه بذلك العلم أفضل منه. ولذلك قال الخضر لموسى: يا موسى أنا على علمٍ علمنيه الله لا تعلمه أنت وأنت على علمٍ علمكه الله لا أعلمه أنا. وما قال له أنا أفضل منك.[1]

أبو عبد الرحمن السلمي (أنجال، 597/1201)

ثم يقول ابن العربي أنه دخل هذا المقام في شهر محرّم سنة سبع وتسعين وخمسمائة وهو مسافر بمنزل أبحيسل ببلاد المغرب، فتاه به فرحاً ولم يجد فيه أحداً فاستوحش من الوحدة. ثم رحل عن أبجيسل فلقي رجلاً من الرجال ببلدة قربها تسمى أنجال فصلى العصر في الجامع فجاء الأمير أبو يحيى بن واجتن، وكان صديقه، وفرح به وسأله أن ينزل عنده فأبى، ونزل عند كاتبه وكانت بينهما مؤانسة. فشكى الشيخ محي الدين إليه ما هو فيه من انفراده بهذا المقام رغم سروره به فبينما هو يؤانسنه، يقول الشيخ محي الدين أنه لاح له ظل شخص، فنهض من فراشه إليه عسى أن يجد عنده فرجاً، فعانقه، فتأمله، فإذا به أبو عبد الرحمن السلمي (توفي 421/1030)، وهو مؤلف كتاب "طبقات الأولياء" الشهير. يقول الشيخ محي الدين أنه قد تجسدت له روحه وبعثه الله إليه رحمة به. فقال له الشيخ محي الدين: أراك في هذا المقام (أي مقام القربة)؟ فقال: فيه قُبضت وعليه مُتُّ، فأنا فيه لا أبرح. فذكر له الشيخ محي الدين وحشته فيه وعدم الأنيس، فقال له: الغريب مستوحش! وبعد أن سبقت لك العناية الإلهية بالحصول في هذا المقام فاحمد الله، ولمن يا أخي يحصل هذا ألا ترضى أن يكون الخضر صاحبك في هذا المقام!

ثم جرى بينهما حديث طويل ذكره الشيخ محي الدين في الباب الواحد والستين ومائة، وفي كتاب القربة.[2]

مرّاكُش (597/1200)



[1] الفتوحات المكية: ج2ص262.

[2] هذا الكتاب منشور من ضمن رسائل ابن العربي: طبعة حيدرآباد، الكتاب رقم 6.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!