موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


تقع مدينة مكة المكرمة بين جبال تهامة وجبال السروات غربي الجزيرة العربية قرب البحر الأحمر، وكانت منطقة جرداء لا ينبت فيها الزرع حين قدم إليها إبراهيم الخليل عليه السلام الذي قدم من فلسطين مع زوجته هاجر وابنه الرضيع إسماعيل وتركهما هناك بأمر من الله تعالى ورجع إلى فلسطين، فيقول الله تعالى في سورة إبراهيم: ((رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [37]))، وكان ذلك في القرن التاسع عشر قبل الميلاد. فاستجاب الله تعالى لدعوة خليله وفجّر الله فيها نبع زمزم وبدأت القبائل تتوافد إلى مكان الماء، وعمرت المنطقة بالناس.

بعد ذلك رجع رسول الله سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مكة المكرمة وكان هو وولده النبي إسماعيل عليهما السلام أول من رفعا القواعد من البيت الحرام بأمر من الله عز وجل. يقول الله تعالى في سورة البقرة: ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [127]))، ومع انتشار الدين الحنيفي بدأ الناس يتوافدون إلى الحج تلبية لنداء إبراهيم الخليل الذي قال له الله تعالى كما ورد في سورة الحج: ((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [27])).

في أواخر القرن الثالث الميلادي تولّت قبيلة خزاعة بزعامة ربيعة بن الحارث زعامة مكة، وجاء بعده عمرو بن لحي الخزاعي الذي بدّل دين إبراهيم عليه السلام وأحضرت الأوثان إلى الكعبة وصار الناس يعبدونها. ثم انتقلت الزعامة إلى قريش الذين استمروا في عبادة الأصنام، وتركوا الدين الحنيف.

وفي سنة 571 ميلادية، قدم أبرهة الأشرم إلى مكة بجيش كبير مدجّجٍ بالأسلحة ومحمولٍ على الفيلة يريد هدم البيت الحرام، وسمي ذلك العام بعام الفيل وهي السنة التي ولد فيها سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم. ولكن الله عزّ وجلّ حمى بيته بأن أرسل على أصحاب الفيل طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في سورة الفيل.

وما هي إلا سنوات حتى ظهر الرسول صلّى الله عليه وسلّم برسالة الإسلام، فحاربوه وهجّروه وقامت حروب كثيرة معروفة انتهت بفتح مكة وبدأ الإسلام ينتشر في أرض الجزيرة ثم توسّع إلى بلاد الشام في عهد الخلفاء الراشدين وبدَء المسلمون يتوافدون إلى مكة المكرمة من أجل قضاء فريضة الحج، وأصبح المسجد الحرام يزدحم بالمسلمين فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتوسعته للمرة الأولى ثم قام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بتجديده وتوسعته مرة أخرى.

بعد ذلك جاء الأمويون وقاموا أيضاً بتوسعة المسجد الحرام وزخرفته، وجاء من بعدهم العباسيون الذين ضاعفوا مساحة الحرم واهتموا بتطويره من الناحية الجمالية والعمرانية وشجّعوا العلماء وحلقات الدروس التي كانت تقام في الحرم الشريف.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!