موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


من الواضح أن نظام كانت تعرف الشيخ محي الدين ربما من خلال زيارته لأبيها وصحبته له وشهرته في الوسط العلمي الذي تربّت به تحت كنف والدها وعمتها، فكانت هي أيضاً ذات أدب وفصاحة وبيان لا يضاهى بالإضافة إلى ما حباها الله به من الجمال والحسن الطبيعي والروحاني الذي جذب الشيخ محي الدين إليها فكان بينهما علاقة ودّ ومحبة روحانية طاهرة انتهت على الأغلب بالزواج كما سنوضح بعد قليل.

يصف الشيخ محي الدين نظام في بداية ترجمان الأشواق فيقول:

بنت عذراء طفلة هيفاء، تقيّد النواظر، وتزين المَحاضر، وتُسِرّ المُحاضِر، وتحيّر المَناظر تسمى بالنظام،[1] وتُلقب بعين الشمس والبهاء، من العالمات العابدات، السائحات، الزاهدات. شيخة الحرمين، وتربية البلد الأمين الأعظم بلا مَين.[2] ساحرة الطرف، عراقية الظرف. إن أسهبت أتعبت، وإن أوجزت أعجزت، وإن أفصحت أوضحت. إن نطقت خرس قسّ بن ساعدة، وإن كرُمت خنس معن بن زائدة، وإن وفّت قصر السموأل خطاه، وأغرى ورأى بظهر الغرر وامتطاه. ولولا النفوس الضعيفة السريعة الأمراض، السيئة الأغراض، لأخذت في شرح ما أودع الله تعالى في خَلقها من الحسن، وفي خُلقها الذي هو روضة المزن. شمس بين العلماء، بستان بين الأدباء، حُقّة مختومة، واسطة عقد منظومة...[3]

ويصف الشيخ محي الدين أول نظرة رأى فيها نظام في مقدمة الكتاب الشهير الذي كتبه في محاسنها ونشر فيها من الغزل الروحاني اللائق والنسيب الرائق ما فاق فيه الشعراء وفتح باباً جديداً في التعبير عن العلوم الروحانية بطريقة شعرية ما سبقه إليها أحد، وترك الشعراء والأدباء والنقّاد على مدى العصور بعده يتيهون في التأويلات المختلفة لهذه العلاقة الغريبة بين الشيخ وهذه الفتاة، فتارة يبرّرون وتارة ينتقدون وكثيراً ما يعجزون عن التفسير، ولكن الجميع لا يستطيع إلا أن يبدي إعجابه بهذا النظم البديع والأدب الرفيع.

يقول الشيخ محي الدين في مقدمة شرحه لكتاب "ترجمان الأشواق" أنه كان يطوف ذات ليلة بالبيت فطاب به الوقت وهزّه حال كان يعرفه من قبل، فخرج من البلاط بعيداً عن الناس، وصار يطوف على الرمل، فتذكر أبياتا من الشعر وأنشدها بهدوء بحيث لا يُسمع إلا نفسه ومن يليه لو كان هناك أحد، وهي:

ليت شعري هل دروا
وفؤادي لو درى
أتراهم سلموا
حار أرباب الهوى

أيَّ قلب ملكوا
أيَّ شِعب سلكوا
أم تراهم هلكوا
في الهوى وارتبكوا



[1] قد يكون هذا الاسم أيضاً وصفا بمعنى النظم والانتظام وليس اسما، فربما يكون اسمها غير ذلك.

[2] المين هو الكذب وجمعه مُيُونٌ؛ يُقال أَكثَرُ الظُّنُون مُيُون. انظر مختار الصحاح (م ي ن).

[3] ترجمان الأشواق: ص8.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!