موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


النساءُ والطيبُ وجُعلت قرّة عيني في الصلاة".[1]

يقول ابن العربي في الباب الثالث والستين وأربعمائة من الفتوحات المكية في تعليقه على موضوع هذا الحديث الأخير أنه كان من أكره خلق الله تعالى في النساء وفي الجِماع في أول دخوله إلى هذا الطريق وبقي على ذلك نحواً من "ثمان عشرة سنة"، إلى أن وقف على الخبر النبويّ أن الله حَبَّب النساء لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم؛ فما أحبهن طبعاً ولكنه أحبّهن بتحبّب الله إليه. ويضيف الشيخ محي الدين فيقول: "فلما صدقتُ مع الله في التوجّه إليه تعالى في ذلك من خوفي مقت الله حيث أكره ما حبّبه الله لنبيّه أزال عني ذلك بحمد الله، وحبّبهن إليّ؛ فأنا أعظم الخلق شفقة عليهنّ وأرعى لحقّهن لأني في ذلك على بصيرة، وهو عن تحبّب لا عن حبّ طبيعي."

ويضيف الشيخ الأكبر فيقول إنه لا يعلم قدر النساء إلا من علم وفَهم عن الله ما قاله في حق زوجتَيْ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندما تعاونتا عليه وخرجتا عليه كما ذكر الله في سورة التحريم وجعل في مقابلة هاتين المرأتين في التعاون عليه من يعاون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليهما وينصره وهو الله وجبريل وصالح المؤمنين ثم الملائكة بعد ذلك ظهير،[2] وليس ذلك إلا للاختلاف في السبب الذي لأجله يقع التعاون؛ فثمّ أمر لا يمكن إزالته إلا بالله لا بمخلوق ولذلك أمرنا أن نستعين بالله في أشياء وبالصبر في أشياء وبالصلاة في أشياء فاعلم ذلك.[3]

فإذن، بعد ثمانية عشر سنة من دخوله الطريق، عاد الشيخ محي الدين وغيّر موقفه من النساء لما حبّبهنّ الله إليه فأصبح يحبّهن على بصيرة. فأين ومتى حدث ذلك التغيّر بالتحديد؟ أغلب الظن أنه حدث في مكة المكرمة في هذه السنة سنة 598، إذا افترضنا أنه دخل الطريق سنة 580 كما ذكر هو في مكان آخر حيث قال: "ونلت هذه المقامات في دخولي هذه الطريقة سنة ثمانين وخمسمائة في مدة يسيرة"،[4] رغم أن بعض الباحثين يرجّح أن الشيخ محي الدين قد دخل طريق الله قبل ذلك بكثير كما ذكرنا في بداية الفصل الثاني.

إذا كان الأمر كذلك، فهذا يخالف ما قرّره، من غير أي دليل، أسين بلاثيوث في كتابه عن حياة ابن العربي حيث يفترض أن ابن العربي قد تزوّج حتى قبل دخوله الطريق وأن من المحتمل أن يكون دخوله الطريق كان بتأثير زوجته مريم بنت محمد بن عبدون التي سنذكرها بعد قليل. ولكن هذا الكلام غير منطقي على الإطلاق وليس له أي دليل.



[1] روي هذا الحديث بأسانيد كثيرة ومتون متقاربة: رواه الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس رفعه، وكذا الخطيب في تاريخ بغداد، ورواه النسائي عن أنس، ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن عدي عن أنس، وأبو يعلى في مسنده، وأبو عوانة في مستخرجه، والبيهقي في سننه، ورواه الديلمي.

[2] من سورة التحريم: ((... وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ [4])).

[3] الفتوحات المكية: ج4ص84.

[4] الفتوحات المكية: ج2ص425.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!