موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الظالم نفسه والظالم لنفسه، فالظالم لنفسه هو من المصطَفِين الذين ورثوا الكتاب بفضل الله كما قال الله سبحانه وتعالى فيهم في سورة فاطر: ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [32]))، وهو ما خرج عن ربه حتى يرجع إليه. وأما الظالم نفسه عليه أن يرجع إلى الله تعالى، ولكن لمّا كان محمد هو رسول الله يجيء له هذا الظالم نفسه حتى يستغفر الله ويستغفر له الرسول.

ثم يضيف الشيخ الأكبر فيقول إن صاحب هذا الذكر بالآية المذكورة يتجسّد له الحقّ في الصورة المحمّدية إمّا في النوم أو في اليقظة كيف كان، وإن لم يتجسّد له فما هو ذلك الرجل، فإذا تجسّد له فلا يخلو أن يستغفر الله هذا الظالم نفسه أو لا يستغفر الله، فإن استغفر الله ولم يرَ صورة الرسول تستغفر له فيعلم عند ذلك أنه ما استغفر الله، فإن استغفر له الرسول صلّى الله عليه وسلّم فإنه يجد الله عند ذلك توّاباً رحيماً، كما ذكر الله في الآية.

ثم يقول ابن العربي رضي الله عنه أنه قد ظلم نفسه وجاء إلى قبره صلّى الله عليه وسلّم فرأى الأمر على ما ذكره، وقضى الله حاجته وانصرف، ولم يكن قصده في ذلك المجيء إلى الرسول إلا هذا الهجير (أي الذكر) وهكذا تلاه على الرسول صلّى الله عليه وسلّم في زيارته إيّاه عند قبره فكان القبول وانصرف وذلك في سنة إحدى وستمائة.[1]

مروره في بغداد لأول مرة (601/1204)

كانت منطقة بلاد ما بين النهرين (دجلة والفرات) مركزاً للعديد من الحضارات الإنسانية التي ترجع إلى 3700 قبل الميلاد ومن أهمها الحضارة السومرية العربية، ثم الدولة الأكدية، ثم الدولة البابلية الأولى ثم الكاشيين، ثم الدولة الآشورية، ثم الدولة الكلدانية (البابلية الثانية)، ثم الحكم الفارسي.

تحولت العراق بالفتح الإسلامي وخاصة إبّان فترة الحكم العباسي إلى مركز سياسي وعلمي مهم، وصارت بغداد عاصمة العالم الثقافية والعلمية إلى أن سقطت بأيدي المغول سنة 656/1258. ففي العهد الراشدي شيّد عمر بن الخطاب مدينتي البصرة والكوفة، وخلال الحكم الأموي كانت العراق تابعة للعاصمة الأموية في دمشق. ولمّا قامت الخلافة العباسية انتقلت إدارة الدولة الإسلامية إلى العراق، وتألقت بغداد التي بناها العباسيون لتصبح عاصمة العلم والترجمة عن مختلف الحضارات السابقة التي كانت تتم في بيت الحكمة الذي أسّسه الخليفة المأمون سنة 215/830. تعرضت العراق في عهد العباسيين إلى العديد من الثورات والحروب الداخلية إلى أن سقطت على يد القائد المغولي هولاكو سنة 656/1258.

ففي الشهور الأولى من سنة 601 دخل ابن العربي بغداد ولكنه لم يُقم فيها سوى اثني عشر يوماً حيث أنه كان يقصد الموصل لزيارة عليّ بن عبد الله بن جامع. ولكن بغداد لا شك قد أخذت من نفسه



[1] الفتوحات المكية: ج4ص193.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!