موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ويقول الشيخ محي الدين أيضاً أنه كان يوحَى إلى قضيب البان كتابة على الورق؛ فالوحي على ضروب شتى فمنه ما يكون مُتلقّى بالخيال كالمبشّرات في عالم الخيال وهو الوحي في النوم، فالمتلقي خيال والنازل كذلك والوحي كذلك، ومنه ما يكون خيالاً في حسّ على ذي حسّ، ومنه ما يكون معنى يجده الموحى إليه في نفسه من غير تعلّق حسّ ولا خيال بمن نزل به، وقد يكون كتابة. فيقول ابن العربي أن ذلك يقع ذلك كثيراً للأولياء وبه كان يوحى لأبي عبد الله قضيب البان ولأبي زكريا البجائي بالمعرة بدير النقرة ولبقي بن مخلد تلميذ أحمد بن حنبل صاحب المسند، ولكن كان أضعف الجماعة في ذلك فكان لا يجده إلا بعد القيام من النوم مكتوباً في ورقة.[1] ولا يقصد بالوحي هنا وحي الأنبياء الذي يأتيهم به جبريل عليه السلام ليسنّوا الشرائع لله تعالى، وإنما هو وحي الإلهام الذي يعطي العلم الكشفي الذوقي، لأن نبوة التشريع قد انقطعت بعد محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ولكن النبوة العامة لم تنقطع.

مقام النبوة

ومن الموصل في هذه السنة سنة إحدى وستمائة كتب الشيخ الأكبر لأحد إخوانه يوضح له أن مقام النبوة هو مقام غير مكتسب وذلك بعكس ما يقوله بعض أهل الفكر والنظر. فقال شعرا:

ألا إن الرسالة برزخيه
إذا أعطت بنيته قواها
وإن الاختصاص بها منوط

ولا يحتاج صاحبها لنية
تلقتها بقوتها البنية
كما دلت عليه الأشعرية[2]

ويفرّق ابن العربي بين نبوة التشريع والنبوة العامة، حيث أن الأولى مقام يختص به الله من يشاء من عباده ويختارهم لكي يسنّوا الشرائع للبشر، وهذه قد انقطعت بعد النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم فلا نبي بعده ولا رسول، أما النبوة العامة فهي لا تنقطع، وهي نوع من الاستشراف على الغيب تشبه الرؤيا ولكنّها تكون في النوم وفي اليقظة.

وتعدّ آراء الشيخ محي الدين بخصوص النبوة أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت ابن تيمية ينتقده بشدة ويتهمه بالكفر حيث يقول الشيخ الأكبر أن دائرة الولاية أكبر من دائرة النبوة وأن مقام الولي أعلى من مقام النبي، ولكن ابن العربي يضيف أن كل نبيّ هو بالضرورة وليّ فهذا لا يعني أن الولي أعلى مقاماً من النبي ولكن النبي مقامه عند الله أعلى من كونه وليّ، الأمر الذي لم يستوعبه ابن تيمية مما أدّى به لانتقاد ابن العربي بحدة، كما سنتكلم عن ذلك بالتفصيل في الفصل السابع.



[1] الفتوحات المكية: ج2ص632.

[2] الفتوحات المكية: ج2ص256.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!