موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الخضوع لحكم القضاء والقدر (قونية)

يعدّ موضوع القضاء والقدر من الموضوعات التي تُقلق فكر الكثير من الباحثين والمفكرين وحتى العامة من المسلمين، فالإيمان بهما واجب؛ ولكن ماذا يعني القضاء وماذا يعني القدر؟

يقول الشيخ محي الدين في الباب الثلاثين وثلاثمائة أن القضاء يحكم على القدر والقدر لا حكم له في القضاء بل حكمه في المقدَّر لا غير، وذلك بحكم القضاء. فالقاضي حاكم والمقدِّر مؤقّت، فالقدر التوقيت في الأشياء، وذلك من الاسم "المُقيت"؛ قال الله تعالى في سورة النساء: ((... وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا [85])).

فيقول الشيخ محي الدين أنه أشهد هذا المنزل بقونية في ليلة لم يمرّ عليه أشدّ منها لنفوذ الحكم وقوّته وسلطانه، فحمد الله على قصوره عليه في تلك الليلة ولم يكن حكمَ تأييد وإنما كان حكم وقوع مقدّر، فلما رُدّ إلى نفسه وقد سقط في يده وعلم ما أنزل الله عليه وما قدّره الحق لديه وفرّق بين قضائه وقدره في الأشياء، كتب بذلك إلى أخٍ له في الله يعرّفه بما جرى وكان ذلك الأخ قد أرسل له للتوّ كتابا قد ورد عليه يطلب منه شرح أحواله، فصادف هذا الكتاب ورودَ هذا الحال على ابن العربي فكتب إليه الشيخ محي الدين يصف له حاله هذا في كتابٍ طويل على شكل شعر ونثر.

فلمّا وصل الكتاب إلى صاحبه، ويبدو أن اسمه كان "شهاب الدين"، سُرَّ بوروده وأمعن النظر فيه وإليه. فيقول الشيخ محي الدين أنه أورثه التفكير فيه علّة كانت السبب في رحلته وسرعة نقلته فما بقي إلا أيّاماً ودرج وعلى أسنى معراجٍ إلى مقصوده عرج. ويضيف الشيخ أنه شهد احتضاره بالدار البيضا إلى أن قضى.[1]

تجدر الإشارة هنا إلى أن "الدار البيضا" المذكورة هنا لا يمكن أن تكون تلك المدينة المغربية المعروفة كما افترض ذلك عثمان يحيى رحمه الله،[2] وذلك لأن الشيخ محي الدين كان قد ترك المغرب منذ زمن وهو هنا يتكلم عن حادثة حصلت معه وهو في قونية.

من الممكن أن "الدار البيضاء" هنا هي مدينة في الأناضول قريبة من قونية وتسمى (Aksehir) وهي تعني بالتركية الدار البيضاء. ولكن من هو هذا الشخص الذي يتكلم عنه ابن العربي ويدعوه "شهاب الدين"!

من المحتمل أن يكون هذا الشخص هو شهاب الدين مدّ الله زيلا وهو أستاذ زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي الذي يبدو أنه كان يدرّس الحديث في مدرسة قريبة من قونية والدار



[1] الفتوحات المكية: ج3ص112.

[2] مؤلفات ابن عربي: ص111.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!