موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي

في حلب كما في العديد من المدن التي زارها من قبل كان الشيخ محي الدين يجد قبولاً واسعاً عند أهلها وسلطانها على السواء وكان كثيراً ما يُقصد لحل مشكلاتهم ويرفعون عن طريقه مسائلهم إلى السلطان كما حدث معه منذ بداية أسفاره في تونس سنة 589/1194 كما رأينا من قبل في الفصل الثالث.

ففي حلب كان للشيخ الأكبر كلمة مسموعة عند صاحبها الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر الدين الله صلاح الدين يوسف بن أيوب فكان الشيخ يرفع إليه من حوائج الناس الكثير حتى رفع له في مجلس واحد مائة وثمان عشرة حاجة فقضاها كلها، وكان منها أنه كلمه في رجل أفشى سرّه وقدح في ملكه وكان من جملة بطانته وعزم الملك على قتله وأوصى به نائبه في القلعة بدر الدين إيدمور أن يخفي أمره حتى لا يصل حديثه إلى الشيخ محي الدين ولكنه وصله حديثه فلما كلمه في شأنه سكت الملك قليلا وقال له يجب أن تعرف أولاً ذنبه وأنه من الذنوب التي لا تتجاوز عنها الملوك. فقال له الشيخ محي الدين: يا هذا أتخيّلت أنّ لك همّة الملوك، وأنك سلطان! والله ما أعلم أن في العالم ذنباً يقاوم عفوي وأنا واحد من رعيتك، وكيف يقاوم ذنب رجل عفوك في غير حدّ من حدود الله؟ إنك لدنيء الهمة! فخجل الملك وسرّحه وعفا عنه وقال للشيخ جزاك الله خيراً من جليس، مثلك من يجالس الملوك. ثم قول الشيخ محي الدين أنه بعد ذلك ما رفع إليه حاجة إلا سارع في قضائها لفوره من غير توقف كانت ما كانت.[1]

سبب هذا القبول الجميل عند الملوك

ويعود الفضل في هذا القبول الجميل للشيخ محي الدين ابن العربي عند الملوك وكونهم لا يردون له حاجة إلى المقام الذي قال فيه الله عزّ وجلّ لموسى وهارون في حق فرعون في سورة طه: ((فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [44])) وهذه هي عين المداراة، فإنه يتخيل في ذلك أنك معه. فيقول ابن العربي أنّه لمّا ذاق هذا المقام واتحد به استعمله مع الملوك الذين صاحبهم فيقول إنه ما قضى لأحد من خلق الله عند واحد منهم حاجة إلا من هذا المقام وما ردّه أحد من الملوك في حاجة التمسها منه لأحد من خلق لله، وذلك لأنه كان إذا أراد أن يقضي عنده حاجة أحد بسط له بساطاً استدرجه فيه حتى يكون الملك هو الذي يسأل ويطلب قضاء تلك الحاجة مسارعاً على الفور بطيب نفس وحرصٍ لما يرى له فيها من المنفعة، فكان على الحقيقة يقضي للسلطان حاجةً بأن يقبل منه قضاء حاجة ذلك الإنسان.[2]

فتاوى بعض فقهاء حلب

ولكن انطباع الشيخ محي الدين عن فقهاء حلب لم يكن ايجابياً مثلهم مثل الفقهاء في الأندلس



[1] الفتوحات المكية: ج4ص539.

[2] الفتوحات المكية: ج3ص472.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!