موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وكما سخّر الله للشيخ محي الدين إسماعيل ابن سودكين في حلب فكان يلقي الدروس في بيته، وكذلك في ملطية صاحبه مجد الدين الرومي، وهكذا في كل مكان يذهب له إمّا أن يهديه الملوك بيتاً ويقطعون له معاشاً أو يفعل ذلك له أكابر البلد الذي هو فيه، عن محبّة وطيب ونفس.

فتشير الكثير من المراجع أن الشيخ محي الدين قد وجد في دمشق احتفاءً كبيراً من قبل عائلة بني الزكي الذين اشتهروا بمنصب قاضي القضاة فتوارثوه لفترات طويلة بدءً من محي الدين ابن الزكي الذي كان أول خطيب يخطب الجمعة في القدس بعد فتحها مباشرة على يد صلاح الدين الأيوبي الذي ولاّه منصب قاضي القضاة في حلب ودمشق، وكان هذا القاضي أيضاً هو الذي صلى بالناس على جنازة صلاح الدين لما توفي سنة 589.

بنو الزكي (دمشق)

وكما ذكرنا من قبل فلما فتح صلاح الدين المنصور القدس صرف نظره عن جميع الشيوخ واختار شابا كان في الثانية والثلاثين من العمر، معروفا بذكائه ولباقته الخطابية وهو محي الدين ابن الزكي، فقدّمه لإلقاء أول خطبة في القدس بعد الفتح، فصعد إلى المنبر بالجبة السوداء التي أهداها له الخليفة العباسي في بغداد، فألقى خطبة سُجّلت في التاريخ.

تعتبر عائلة بني الزكي الذين احتفلوا بالشيخ محي الدين ابن العربي في دمشق وقدموا له الرعاية والضيافة من أعرق العائلات في بلاد الشام وقد اشتهروا بالعلم والفضل وحسن الخلق. وقد شغل الكثير منهم منصب قاضي القضاة خلال الدولة الأيوبية وقبلها وبعدها، وهو أكبر منصب ديني وقضائي في ذلك الوقت. تعود أصول هذه العائلة الكريمة إلى القاضي ابن الزكي المعروف بابن الصائغ الذي تولى القضاء في دمشق، بعد أبيه، سنة 510. يقول عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: "ابن الزكي، قاضي دمشق، القاضي المنتجب، أبو المعالي، محمد بن القاضي أبي الفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز، القرشي الدمشقي الشافعي، ويعرف أيضاً بابن الصائغ. ... كان نزهاً عفيفاً صليباً في الحكم. وُلد سنة سبع وستين وأربع مئة. وقال السمعاني: كان محموداً، حسن السيرة، شفوقاً وقوراً، حسن المنظر، متودداً. ... وهو والد القضاة بني الزكي. مات في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، ودفن عند أبيه بمسجد القدم."[1]

فيذكر جميع المؤرخين أن الشيخ محي الدين لما نزل في دمشق وأقام فيها وجد احتفاءً منقطع النظير من قبل عائلة بني الزكي، حيث خصصوا له معاشاً، وكانوا يحضرون دروسه، حتى إنه لما توفي رحمه الله دفنوه في تربتهم رغم أنه لا ينتمي إلى عائلتهم، فزادت شهرتهم به حتى إن الكثير من المؤرخين الذين كتبوا سير الرجال أصبحوا يؤرخون وفاتهم ومكان دفنهم فيقولون مثلا "ودفن في تربة بني الزكي قرب مقام الشيخ محي الدين".



[1] الذهبي، "سير أعلام النبلاء": ج20ص137-138.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!