موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


أما ما يُفهم من كلام ابن العربي في بعض شروحه وأشعاره، فكله من وحي الحديث القدسي الذي قال فيه الله تعالى "كنت سمعه الذي يسمع به…"، فعندما يكون العبد بهذا القرب من الله تعالى تقصر العبارات وتعجز اللغات عن توصيل المعنى فقد يفهم السامع غير ما قصد القائل إذا لم يضع كلّ كلمة في مكانها من الإضافة والمعنى.

وقد سئل شيخ الإسلام عن مثل هذه الأقوال فقال في رسالة إبطال وحدة الوجود:

هذه الأقوال المذكورة تشتمل على أصلين باطلين مخالفين لدين المسلمين واليهود والنصارى مخالفتهما للمعقول والمنقول: أحدهما الحلول والاتحاد وما يقارب ذلك كالقول بوحدة الوجود كالذين يقولون إن الوجود واحد، فالوجود الواجب للخالق هو الوجود الممكن للمخلوق، كما يقول ذلك أهل الوحدة كابن عربي وصاحبه القونوي وابن سبعين وابن الفارض ... ثم من هؤلاء من يفرّق بين الوجود والثبوت كما يقوله ابن عربي ويزعم أن الأعيان ثابتة في العدم غنيّة عن الله في أنفسها، ووجود الحق هو وجودها، والخالق مفتقر إلى الأعيان في ظهور وجودها، وهي مفتقرة إليه في حصول وجودها الذي هو نفس وجوده.[1]

وحدة الوجود

ومن الأمور التي اتهم بها شيخ الإسلام ابن تيمية الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي أنه قال بوحدة الوجود. وبالفعل لقد قال الشيخ محي الدين مثل ذلك، ولكن ليس بالشكل الذي يفهمه شيخ الإسلام، وهذا أمر ليس بإمكاننا الخوض به هنا كثيرا لأنه يحتاج إلى كتاب منفصل سنقوم به في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى. ولكن لا بدّ من التنويه في البداية إلى أنّ الشيخ محي الدين لم يذكر أبداً كلمة "وحدة الوجود" ولا نُقل عنه ذلك لا في كتبه ولا مشافهة، ولكنه يشير إلى نوع من الوحدة الوجودية التي تضمحلّ فيها، عند مستوىً معيّن، جميع المخلوقات ولا يبقى وجود حقيقي إلا لذات الله تعالى. فليس ذلك بمعنى التوحّد أو الاتّحاد بين الخلق والخالق، بل هو نفي الوجود الحقيقي عن الخلق وإثباته للخالق وحده سبحانه وتعالى، أما وجود الخلق فهو وجودٌ نسبيٌ منوطٌ بوجود الله تعالى أي قائمٌ به وليس وجوداً قائماً بنفسه، فالله وحده هو القيّوم أي القائم بنفسه والخلق قائمون به، فلو كان الخلق قائمون بأنفسهم لكان لهم وجود مستقل عن وجود الحق وبالتالي يكونون أغنياء عنه، بل الحقيقة أنهم مفتقرون إليه في كل حين.

والذين يخوضون في موضوع وحدة الوجود من غير علم يعتقدون أن من يقول بها إنما يعتبر أن الحق والخلق شيء واحد، أي أن الكرسي والجدار والحجر وغير ذلك من الأشياء هي نفسه الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً. وهذا كلّه خلط لا يقول به عاقل. وابن تيميّة مع أنه يعترف لابن العربي بأنه يوجد في كلامه الكثير من الكلام الجيّد في هذا الخصوص ولكنه مع ذلك يسميه كفراً، فيقول ابن تيمية في



[1] مجموع فتاوي ابن تيمية: كتاب توحيد الربوبية (ج2ص295).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!