موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


فقط هو الذي يتّصف بالعلم والمعرفة بل جميع الحيوانات وحتى الجماد؛ كيف لا وكل شيء يسبّح بحمد الله، ولا يسبّح إلا من هو عالم بمن يسبّح!

مرضه وإنقاذه بسورة يس

بقدر ما يكون المرء موهوبا ومباركا وموفقا، بقدر ما تكثر أعداؤه ويزيد منافسوه الذين لا بدّ أن يحاولوا الإيقاع به ومحاصرته وتثبيطه عن الوصول إلى أهدافه النبيلة، فإما أن يغلبوه ويردوه على أعقابه وإما أن ينصره الله عليهم ويوفقه ويتمّ نعمته عليه فيخرجه من كل محنةٍ منتصراً وتزيده كل بليّةٍ قوةً وتصميماً، مع أنه يجب دائما اجتناب النزاعات وعدم الالتفات إليها لأنها إن لم تثنِ المرء عن أهدافه فسوف تؤخره.

فأما أعداء العالم الدنيوي فيسهل تجنّبهم واستيعابهم، وذلك بترك ما يتقاتلون عليه والزهد به فلا يكون هناك سبب للمنازعة. وهذا هو بالتحديد ما يجب فعله على كلّ من يريد دخول طريق التصوّف، وهذا هو ما فعله ابن العربي حين ترك المناصب وابتعد عن السلاطين وترك حبّ الشهرة للفقهاء الذين كثيراً ما كانوا يداهنون من أجل الحصول على قبول الحكام والوزراء لهم.

ولكن ثمة أعداء آخرون يتربصون بالمرء من كل جهة وهم لا يريدون منافسته في مال ولا جاه بل ربما يُغروه بهذه الأشياء ليثنوه عما هو في سبيله. وهؤلاء هم الشياطين والأرواح الشريرة، ونحن لا يمكننا أن ننكر وجودهم، رغم أن ذلك شيء لم يدخل بعد تحت سيطرة العلم الحديث ودراسته، ولكن الدين يفرض علينا الإيمان بذلك مع أننا نؤمن أنه في النهاية لا يضرّ ولا ينفع إلا الله سبحانه وتعالى. ولولا وجود مثل هذه الأرواح الشريرة ما أُمرنا بالحرز والاستعاذة وقراءة القرآن الكريم وخاصة بعض الآيات أو السور التي تتعلق بطرد هذه الأرواح والقضاء عليهم مثل المعوذات وآية الكرسي وسورة يس.

يروي ابن العربي أنه كان مرة مريضا جدا حتى إن من حوله اعتقدوا أنه يصارع الموت أو أنه قد مات حيث كان غائبا عن الوعي وكان يهلوس لشدة الحمّى. فيقول إنه كان يرى أشخاصا مرعبين قبيحيّ المنظر يحاولون أن يؤذوه، ولكن فجأةً ظهر له شخص قويٌّ ولطيفٌ وكان يستنشق الطيب من نَفَسه وصار هذا الشخصُ يدافع عنه حتى غلبهم جميعاً. فقال له محمد: من أنت؟ قال: أنا سورة يس، أنا حارسك. ثم ما لبث أن استعاد محمد وعيه وعافيته وإذا بأبيه يقف قربه وهو يبكي وكان قد انتهى لتوّه من قراءة سورة يس.[1]

وبذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد سخّر له أباه لإنقاذه من الموت بقراءة هذه السورة المباركة



[1] الفتوحات المكية: ج4ص648، ط 1329، وأيضاً: الوصايا، ص150.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!