موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


جاهلٌ بالكلّ عالمٌ بالبعض، إلا الإنسان الكامل[1] وحده فإنّ الله علّمه الأسماء كلها وآتاه جوامع الكلم.

ولقد ورد في صحيح البخاري (كتاب الأقضية) عن عمْرو بن العاص أَنَّه سمع رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: "إذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ، ثمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ." فلذلك لا ‏ينبغي لنا أن نطعن في حكم مجتهد لأن الشرع الذي هو حكم الله قد قرّر ذلك الحكم، ‏فهو شرع الله بتقريره إيّاه، وهذه مسألة يقع في محظورها أصحاب المذاهب كلهم لعدم ‏استحضارهم لذلك مع كونهم عالمين به، ولكنهم غفلوا عن استحضاره، فأساؤوا ‏الأدب مع الله في ذلك حين فاز بذلك الأدباء من عباد الله؛ فمن خطّأ مجتهداً بعينه فقد ‏خطّأ الحقّ فيما قرّره حكما.[2] ومن هنا نجد الفرق الكبير بين انتقاد ابن العربي وأتباعه لمن خالفهم بالرأي وبين انتقاد ابن تيميّة وأتباعه لابن العربي وأمثاله كما سنرى في الفصل الأخير.

شيخه المقرئ محمد بن خلف بن صاف اللخمي

(إشبيلية، 578/1182)

في سنة 578/1182، عندما كان عمره ثمانية عشر سنة، واظب محمد على حضور دروس القرآن الكريم مع الشيخ المقرئ محمد بن خلف اللخمي (توفي 585/1189)[3] حيث تعلم منه القراءات السبع، وقد كان معروفا بالعلم والتربية، ومنه تعلم بعض القراءات التي لم تكن مشهورة كلفظ بعض الأعراب "الزراط" بدلا من "الصراط" أو "السراط":

سمعت شيخا، وكنت أقرأ عليه القرآن يقال له محمد بن خلف بن ‏صاف اللخمي، بمسجده المعروف به بقوس الحنية بإشبيلية من بلاد الأندلس سنة ثمان ‏وسبعين وخمسمائة، فقرأت السراط بالسين لابن كثير، فقال لي: سأل بعض ناقلي اللغة بعض ‏الأعراب كيف تقولون صقر أو سقر؟ فقال له ما أدري ما تقول ولكنني أظنك تسأل عن ‏الزقر! فقال فزادني لغة ثالثة ما كنت أعرفها.[4]



[1] الإنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود وهو اصطلاح صوفي يستخدمه ابن العربي للإشارة إلى العقل الأوّل الذي خلقه الله على صورته، وهو أيضاً سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم ولكن كذلك يمكن للأنبياء والأولياء أن يصلوا إلى مثل هذه المرتبة من الكمال فيكونون كالإنسان الكامل. انظر مثلا الفتوحات المكية: ج1ص639، ج2ص103، 123، 129، 149، 169، 354، 383، 390، 395، 461، 468، 469. ولقد صنّف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي كتاب الإنسان الكامل في معرفة الأوائل والأواخر، وله طبعات عديدة منها طبعة بتحقيق أبي عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضه، دار الكتب العلمية-بيروت, 1998.

[2] الفتوحات المكية: ج1ص348.

[3] لترجمة هذا المقري انظر: غاية النهاية في طبقات القراء، شمس الدين أبي الخير محمد بن محمد بن الجزري، عني بنشره ج. برجستراسر، مكتبة الخانجي-القاهرة، 1932: ج2ص137-138، وكذلك: الذيل والتكملة على كتاب الموصول والصلة، لابن عبد الملك المراكشي، أكاديمية المملكة المغربية-المغرب، 1984: ج4ص188، وكذلك: التكملة لكتاب الصلة، لابن الأبار، تحقيق إبراهيم الإبياري، دار الكتاب المصري-القاهرة، 1989، رقم 821.

[4] الفتوحات المكية: ج1ص331.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!