اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
فى معرفة منزل الاشتراك مع الحق فى التقدير


صدقنا فيما ادعيناه فإن قلت فما علمنا بهذا الإشهاد الميثاقي الذي ورد به الخبر فإن ذلك حظ الايمان لا حظ العقل وليس هو بأمر ضروري فكيف يدخل في هذا الابتلاء العاقل الذي ليس بمؤمن قلنا إن العاقل أوجب على نفسه بعقله تعظيم خالقه والموجب الله لأنه الذي وهبه ذلك العقل فقام العقل له مقام الرسول لنا فنظر العاقل بعقله في وجوده لما ذا يستند هل هو في نفسه لم يزل كذلك أو هو الذي أوجد نفسه فاستحال عنده الأمران وقد تقدم الكلام في هذا الكتاب في هذا المعنى فلما استحال ذلك عنده استند إلى موجد ما هو عينه فنظر فيما ينبغي لذلك الذي استند إليه فنزهه عن كل نعت يفضي اتصافه به إلى حدوثه وسبب ذلك قوة النفس حتى لا يتعبدها مثلها أعني ممكنا محدثا مثلها فإنه قد علم حدوثه فرأى أنه ينبغي بالدليل أن يكون واحدا لا كثيرين ورأى أنه منفي المثلية وأنه على مرتبة توجب له التعظيم والحمد والثناء فأوجب عليه العقل الذي هو بمنزلة الرسول عندنا تعظيم جنابه بما يستحقه مما أعطته الأدلة العقلية فأخذ في تحميده وتعظيمه وتكبيره وتنزيهه وعلم ما تستحقه السيادة فعاملها به فناب عن الحق فيما أوجده في نفسه بنظره من المعرفة به والعبادة