علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين
وسبب ذلك أن المسائل الموضوعة في كتب أهل الحقيقة إنما تفيدك بالوضع علم التوحيد
تصريحاً ، وبالعبارة والإشارة عين التوحيد كتابة وتلويحاً ، وبضرب الأمثال حق
التوحيد وتسنيحاً ، فقد يكون بعض الكتب مسبوكاً على هذه الهيئات كلها ، فيدخل بك
إلى علم اليقين فإن عملت بمقتضاه ، ولازمت مطالعة ذلك الكتاب على حكم ذلك العلم
فإنه ينتقل بك إلى عين اليقين ، ثم يرقيك إلى حق اليقين ، إن أعطيت نفسك لذلك العين
على حكم ما ذكره المؤلف ، وإلا فهو مهلك وانتهاك . فإذا بلغت إلى حق اليقين انقطعت
فائدة الكتب عنك ، وهذا منتهى ما تبلغ بك الكتب إليه إن كنت شهماً . وحويت تمييزاً
وفهماً .وأما حقيقة اليقين فلا تستفاد من الكتب بنوع من الأعمال البتة ، لأنه في
الأصل لا يدخل تحت الإفادة الكونية بحال فهو أمر وهبي فوق المدارك العلمية والعينية
والذوقية يمنحه الله من يشاء من أهله ، ولعلك تقول إن كان لابد من الانقطاع فما
فائدة الكتب في آخر الأمر ، فإذا أتركها في أول الأمر وارجع إلى ما ترجع إليه .