موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأعراف: [الآية 72]

سورة الأعراف
فَأَنجَيْنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا ۖ وَمَا كَانُوا۟ مُؤْمِنِينَ ﴿72﴾

تفسير الجلالين:

«فأنجيناه» أي هودا «والذين معه» من المؤمنين «برحمة منا وقطعنا دابر» القوم «الذين كذبوا بآياتنا» أي استأصلناكم «وما كانوا مؤمنين» عطف على كذبوا.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)

«إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ» وهم الملائكة المقربون «لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ» يقول : يذلون ويخضعون له «وَيُسَبِّحُونَهُ» أي ينزهونه عن الصفات التي لا تليق به وهي التي تقربوا بها إليه من الذل والخضوع وصدقهم اللّه في هذه الآية في قولهم : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فأخبر اللّه عنهم بما أخبروه عن نفوسهم «وَلَهُ يَسْجُدُونَ» وصفهم بالسجود له عزّ وجل مع هذه الأحوال المذكورة ، وهنا يسجد التالي للقرآن في هذه السجدة اقتداء بسجود الملأ الأعلى وبهديهم ، قال اللّه تعالى لما ذكر النبيين عليهم السلام لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وذكر أنه تعالى آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة قال له : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) وهم بشر مثله ، فما ظنك بالملائكة الذين لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وأي هدي

أعظم مما هدى اللّه تعالى به الملائكة ، فمن سجد فيها ولم يحصل له نفحة مما حصل للملائكة في سجودها من حيث ملكيته الخاصة به فما سجدها ، وهكذا في كل سجدة ترد .

(8) سورة الأنفال مدنيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(206) الفتوحات ج 1 / 509

تفسير ابن كثير:

( فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين )

وقد ذكر الله ، سبحانه ، صفة إهلاكهم في أماكن أخر من القرآن ، بأنه أرسل عليهم الريح العقيم ، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ، كما قال في الآية الأخرى : ( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ) [ الحاقة : 6 - 8 ] لما تمردوا وعتوا أهلكهم الله بريح عاتية ، فكانت تحمل الرجل منهم فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتثلغ رأسه حتى تبينه من جثته ; ولهذا قال : ( كأنهم أعجاز نخل خاوية )

وقال محمد بن إسحاق : كانوا يسكنون باليمن من عمان وحضرموت ، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض وقهروا أهلها ، بفضل قوتهم التي آتاهم الله ، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله ، فبعث الله إليهم هودا ، عليه السلام ، وهو من أوسطهم نسبا ، وأفضلهم موضعا ، فأمرهم أن يوحدوا الله ولا يجعلوا معه إلها غيره ، وأن يكفوا عن ظلم الناس ، فأبوا عليه وكذبوه ، وقالوا : من أشد منا قوة ؟ واتبعه منهم ناس ، وهم يسير مكتتمون بإيمانهم ، فلما عتت عاد على الله وكذبوا نبيه ، وأكثروا في الأرض الفساد وتجبروا ، وبنوا بكل ريع آية عبثا بغير نفع ، كلمهمهود فقال : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون ) [ الشعراء : 128 - 131 ] ( قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين . إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) أي : بجنون ( قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ) [ هود : 53 - 56 ]

قال محمد بن إسحاق : فلما أبوا إلا الكفر به ، أمسك الله عنهم القطر ثلاث سنين ، فيما يزعمون ، حتى جهدهم ذلك ، قال : وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان ، فطلبوا من الله الفرج فيه ، إنما يطلبونه بحرمة ومكان بيته ، وكان معروفا عند الملل وبه العماليق مقيمون ، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح ، وكان سيدهم إذ ذاك رجلا يقال له : " معاوية بن بكر " ، وكانت له أم من قوم عاد ، واسمها كلهدة ابنة الخيبري ، قال : فبعثت عاد وفدا قريبا من سبعين رجلا إلى الحرم ، ليستسقوا لهم عند الحرم ، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة فنزلوا عليه ، فأقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان - قينتان لمعاوية - وكانوا قد وصلوا إليه في شهر ، فلما طال مقامهم عنده وأخذته شفقة على قومه ، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف ، عمل شعرا يعرض لهم بالانصراف ، وأمر القينتين أن تغنياهم به ، فقال :

ألا يا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يصبحنا غماما فيسقي أرض عاد إن عادا

قد امسوا لا يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس نرجو

به الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهم بخير

فقد أمست نساؤهم عيامى وإن الوحش تأتيهم جهارا

ولا تخشى لعادي سهاما وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم

نهاركم وليلكم التماما فقبح وفدكم من وفد قوم

ولا لقوا التحية والسلاما

قال : فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له ، فنهضوا إلى الحرم ، ودعوا لقومهم فدعا داعيهم ، وهو : " قيل بن عنز " فأنشأ الله سحابات ثلاثا : بيضاء ، وسوداء ، وحمراء ، ثم ناداه مناد من السماء : " اختر لنفسك - أو : - لقومك من هذا السحاب " ، فقال : " اخترت هذه السحابة السوداء ، فإنها أكثر السحاب ماء " فناداه مناد : اخترت رمادا رمددا ، لا تبقي من عاد أحدا ، لا والدا تترك ولا ولدا ، إلا جعلته همدا ، إلا بني اللوذية المهندا قال : وبنو اللوذية : بطن من عاد مقيمون بمكة ، فلم يصبهم ما أصاب قومهم - قال : وهم من بقي من أنسالهم وذراريهم عاد الآخرة - قال : وساق الله السحابة السوداء ، فيما يذكرون ، التي اختارها " قيل بن عنز " بما فيها من النقمة إلى عاد ، حتى تخرج عليهم من واد يقال له : " المغيث " ، فلما رأوها استبشروا ، وقالوا : ( هذا عارض ممطرنا ) يقول : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها ) [ الأحقاف : 24 ، 25 ] أي : تهلك كل شيء مرت به ، فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح ، فيما يذكرون ، امرأة من عاد يقال لها : مهدد فلما تبينت ما فيها صاحت ، ثم صعقت . فلما أفاقت قالوا : ما رأيت يا مهدد ؟ قالت ريحا فيها شهب النار ، أمامها رجال يقودونها . فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، كما قال الله . و " الحسوم " : الدائمة - فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك واعتزل هود ، عليه السلام ، فيما ذكر لي ، ومن معه من المؤمنين في حظيرة ، ما يصيبه ومن معه إلا ما تلين عليه الجلود ، وتلتذ الأنفس ، وإنها لتمر على عاد بالطعن ما بين السماء والأرض ، وتدمغهم بالحجارة .

وذكر تمام القصة بطولها ، وهو سياق غريب فيه فوائد كثيرة ، وقد قال الله تعالى : ( ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ ) [ هود : 58 ]

وقد ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده قريب مما أورده محمد بن إسحاق بن يسار ، رحمه الله .

قال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي ، حدثنا عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن الحارث البكري قال : خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقالت لي : يا عبد الله ، إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ، فهل أنت مبلغي إليه ؟ قال : فحملتها فأتيت المدينة ، فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق ، وإذا بلال متقلد بسيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما شأن الناس ؟ فقالوا : يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها . قال : فجلست ، فدخل منزله - أو قال رحله فاستأذنت عليه ، فأذن لي ، فدخلت فسلمت ، قال : هل بينكم وبين تميم شيء ؟ قلت : نعم ، وكانت لنا الدبرة عليهم ، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها ، فسألتني أن أحملها إليك ، وها هي بالباب . فأذن لها ، فدخلت ، فقلت : يا رسول الله ، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزا ، فاجعل الدهناء . فحميت العجوز واستوفزت ، فقالت : يا رسول الله ، فإلى أين يضطر مضطرك ؟ قال : قلت : إن مثلي مثل ما قال الأول : " معزى حملت حتفها " ، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما ، أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد ! قال : هيه ، وما وافد عاد ؟ - وهو أعلم بالحديث منه ، ولكن يستطعمه - قلت : إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له : " قيل " ، فمر بمعاوية بن بكر ، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان ، يقال لهما : " الجرادتان " ، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة ، فقال : اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه . اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه ، فمرت به سحابات سود ، فنودي : منها " اختر " . فأومأ إلى سحابة منها سوداء ، فنودي منها : " خذها رمادا رمددا ، لا تبقي من عاد أحدا " . قال : فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح إلا قدر ما يجري في خاتمي هذا ، حتى ، هلكوا - قال أبو وائل : وصدق - قال : وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا : " لا تكن كوافد عاد " .

هكذا رواه الإمام أحمد في المسند ، ورواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن زيد بن الحباب ، به نحوه : ورواه النسائي من حديث سلام بن أبي المنذر . عن عاصم - وهو ابن بهدلة - ومن طريقه رواه ابن ماجه أيضا ، عن أبي وائل ، عن الحارث بن حسان البكري ، به . ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن زيد بن حباب ، به . ووقع عنده : " عن الحارث بن يزيد البكري " فذكره ، ورواه أيضا عن أبي كريب ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن الحارث بن يزيد البكري ، فذكره ولم أر في النسخة " أبا وائل " ، والله أعلم .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} هو ثمود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح. وهو أخو جديس، وكانوا في سعة من معايشهم؛ فخالفوا أمر الله وعبدوا غيره، وأفسدوا في الأرض. فبعث الله إليهم صالحا نبيا، وهو صالح بن عبيد بن آسف بن كاشح بن عبيد بن حاذر بن ثمود. وكانوا قوما عربا. وكان صالح من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا فدعاهم إلى الله تعالى حتى شمط ولا يتبعه. منهم إلا قليل مستضعفون. ولم ينصرف {ثمود} لأنه جعل اسما للقبيلة. وقال أبو حاتم : لم ينصرف، لأنه اسم أعجمي. قال النحاس : وهذا غلط؛ لأنه مشتق من الثمد وهو الماء القليل. وقد قرأ القراء {ألا إن ثمود كفروا ربهم} [هود : 68] على أنه اسم للحي. وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى. وهم من ولد سام بن نوح. وسميت ثمود لقلة مائها. وسيأتي بيانه في {الحجر} إن شاء الله تعالى. قوله تعالى: {هذه ناقة الله لكم آية} أخرج لهم الناقة حين سألوه من حجر صلد؛ فكان لها يوم تشرب فيه ماء الوادي كله، وتسقيهم مثله لبنا لم يشرب قط ألذ وأحلى منه. وكان بقدر حاجتهم على كرتهم؛ قال الله تعالى {لها شرب ولكم شرب يوم معلوم}[الشعراء : 155]. وأضيفت الناقة إلى الله عز وجل على جهة إضافة الخلق إلى الخالق. وفيه معنى التشريف والتخصيص. قوله تعالى: {فذروها تأكل في أرض الله} أي ليس عليكم رزقها ومؤونتها.

التفسير الميسّر:

فوقع عذاب الله بإرسال الريح الشديدة عليهم، فأنجى الله هودًا والذين آمنوا معه برحمة عظيمة منه تعالى، وأهلك الكفار من قومه جميعا ودمَّرهم عن آخرهم، وما كانوا مؤمنين لجمعهم بين التكذيب بآيات الله وترك العمل الصالح.

تفسير السعدي

{ فَأَنْجَيْنَاهُ } أي: هودا { وَالَّذِينَ } آمنوا { مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا } فإنه الذي هداهم للإيمان، وجعل إيمانهم سببا ينالون به رحمته فأنجاهم برحمته، { وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } أي: استأصلناهم بالعذاب الشديد الذي لم يبق منهم أحدا، وسلط اللّه عليهم الريح العقيم، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم، فأهلكوا فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، فانظر كيف كان عاقبة المنذرين الذين أقيمت عليهم الحجج، فلم ينقادوا لها، وأمروا بالإيمان فلم يؤمنوا فكان عاقبتهم الهلاك، والخزي والفضيحة. { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } وقال هنا { وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ } بوجه من الوجوه، بل وصفهم التكذيب والعناد، ونعتهم الكبر والفساد.


تفسير البغوي

( فأنجيناه ) يعني هودا عند نزول العذاب ، ( والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا ) أي : استأصلناهم وأهلكناهم عن آخرهم ، ( وما كانوا مؤمنين )

وكانت قصة عاد على ما ذكر محمد بن إسحاق وغيره : أنهم كانوا قوما ينزلون اليمن وكانت مساكنهم بالأحقاف ، وهي رمال بين عمان وحضرموت ، وكانوا قد فشوا في الأرض كلها وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم الله - عز وجل - ، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها ، صنم يقال له صدى ، وصنم يقال له صمود ، وصنم يقال له الهباء ، فبعث الله إليهم هودا نبيا ، وهو من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا ، فأمرهم أن يوحدوا الله ويكفوا عن ظلم الناس ولم يأمرهم بغير ذلك ، فكذبوه فقالوا من أشد منا قوة فبنوا المصانع وبطشوا بطشة الجبارين ، فلما فعلوا ذلك أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك .

وكان الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء فطلبوا الفرج كانت طلبتهم إلى الله - عز وجل - عند بيته الحرام بمكة مسلمهم ومشركهم ، فيجتمع بمكة ناس كثير شتى ، مختلفة أديانهم وكلهم معظم لمكة ، وأهل مكة يومئذ العماليق سموا عماليق ، لأن أباهم عمليق بن لاذا بن سام بن نوح ، وكان سيد العماليق إذ ذاك بمكة رجل يقال له معاوية بن بكر وكانت أم معاوية كلهدة بنت الخيبري رجل من عاد ، فلما قحط المطر عن عاد وجهدوا قالوا جهزوا وافدا منكم إلى مكة فليستسقوا لكم ، فبعثوا قيل بن عنز ولقيم بن هزال من هزيل ، وعقيل بن صندين بن عاد الأكبر ، ومرثد بن سعد بن عفير وكان مسلما يكتم إسلامه ، وجلهمة بن الخيبري خال معاوية بن بكر ، ثم بعثوا لقمان بن عاد الأصغر بن صندين بن عاد الأكبر ، فانطلق كل رجل من هؤلاء ومعه رهط من قومه حتى بلغ عدد وفدهم سبعين رجلا .

فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجا من الحرم ، فأنزلهم وأكرمهم وكانوا أخواله وأصهاره فأقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان ، قينتان لمعاوية بن بكر ، وكان مسيرهم شهرا ومقامهم شهرا فلما رأى معاوية بن بكر طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون بهم من البلاء الذي أصابهم شق ذلك عليه ، وقال هلك أخوالي وأصهاري وهؤلاء مقيمون عندي وهم ضيفي ، والله ما أدري كيف أصنع بهم ، أستحي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه ، فيظنون أنه ضيق مني بمقامهم عندي ، وقد هلك من وراءهم من قومهم جهدا وعطشا ، فشكا ذلك من أمرهم إلى قينتيه الجرادتين ، فقالتا : قل شعرا نغنيهم به ، لا يدرون من قاله ، لعل ذلك أن يحركهم ، فقال معاوية بن بكر :

ألا يا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يسقينا غماما فيسقي أرض عاد إن عادا

قد أمسوا لا يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس نرجو

به الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهم بخير

فقد أمست نساؤهم أيامى وإن الوحش تأتيهم جهارا

فلا تخشى لعادي سهاما وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم

نهاركمو وليلكمو التماما فقبح وفدكم من وفد قوم

ولا لقوا التحية والسلاما

فلما غنتهم الجرادتان هذا قال بعضهم لبعض : يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم من البلاء الذي نزل بهم ، وقد أبطأتم عليهم ، فادخلوا هذا الحرم فاستسقوا لقومكم ، فقال مرثد بن سعد بن عفير ، وكان قد آمن بهود سرا : إنكم والله لا تسقون بدعائكم ، ولكن إن أطعتم نبيكم وأنبتم إلى ربكم سقيتم ، فأظهر إسلامه عند ذلك وقال :

عصت عاد رسولهم فأمسوا عطاشا ما تبلهم السماء

لهم صنم يقال له صمود يقابله صداء والهباء

فبصرنا الرسول سبيل رشد فأبصرنا الهدى وجلى العماء

وإن إله هود هو إلهي على الله التوكل والرجاء

فقالوا لمعاوية بن بكر : احبس عنا مرثد بن سعد فلا يقدمن معنا مكة ، فإنه قد اتبع دين هود ، وترك ديننا ، ثم خرجوا إلى مكة يستسقون لعاد ، فلما ولوا إلى مكة خرج مرثد بن سعد من منزل معاوية حتى أدركهم قبل أن يدعوا الله بشيء مما خرجوا له ، فلما انتهى إليهم قام يدعو الله ، وبها وفد عاد يدعون ، فقال : اللهم أعطني سؤلي وحدي ولا تدخلني في شيء مما يدعوك به وفد عاد ، وكان قيل بن عنز رأس وفد عاد ، فقال وفد عاد : اللهم أعط قيلا ما سألك واجعل سؤلنا مع سؤله .

وكان قد تخلف عن وفد عاد - حين دعوا - لقمان بن عاد ، وكان سيد عاد ، حتى إذا فرغوا من دعوتهم قام ، فقال : اللهم إني جئتك وحدي في حاجتي فأعطني سؤلي ، وسأل الله طول العمر فعمر عمر سبعة أنسر ، وقال قيل بن عنز حين دعا : يا إلهنا إن كان هود صادقا فاسقنا فإنا قد هلكنا ، فأنشأ الله سحائب ثلاثا بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم ناداه مناد من السحايب يا قيل اختر لنفسك وقومك من هذه السحائب ما شئت فقال قيل : اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء فناداه مناد : اخترت رمادا رمددا لا تبقي من آل عاد أحدا ، وساق الله سبحانه وتعالى السحابة السوداء التي اختارها قيل بما فيها من النقمة إلى عاد حتى خرجت عليهم من واد لهم يقال له " المغيث " فلما رأوها استبشروا وقالوا : هذا عارض ممطرنا ، يقول الله تعالى : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها ) ( الأحقاف - 24 - 25 ) أي : كل شيء مرت به .

وكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح مهلكة امرأة من عاد يقال لها مهدد ، فلما تبينت ما فيها صحت ثم صعقت ، فلما أفاقت قالوا لها : ماذا رأيت؟ قالت : رأيت الريح فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها ، فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، فلم تدع من آل عاد أحدا إلا هلك ، واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه هو ومن معه من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلذ الأنفس ، وإنها لتمر من عاد بالظعن فتحملهم بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة ، وخرج وفد عاد من مكة حتى مروا بمعاوية بن بكر فنزلوا عليها فبينما هم عنده إذ أقبل رجل على ناقة في ليلة مقمرة مساء ثالثة من مصاب عاد فأخبرهم الخبر ، فقالوا له فأين فارقت هودا وأصحابه؟ فقال : فارقتهم بساحل البحر فكأنهم شكوا فيما حدثهم به ، فقالت هزيلة بنت بكر : صدق ورب مكة .

وذكروا أن مرثد بن سعد ولقمان بن عاد ، وقيل بن عنز حين دعوا بمكة ، قيل لهم : قد أعطيتكم مناكم فاختاروا لأنفسكم ، إلا أنه لا سبيل إلى الخلود ، ولا بد من الموت ، فقال مرثد : اللهم أعطني صدقا وبرا فأعطي ذلك ، وقال لقمان : أعطني يا رب عمرا ، فقيل له : اختر ، فاختار عمر سبعة أنسر ، فكان يأخذ الفرخ حين يخرج من بيضته فيأخذ الذكر منها لقوته ، حتى إذا مات أخذ غيره فلم يزل يفعل ذلك حتى أتى على السابع ، وكان كل نسر يعيش ثمانين سنة ، وكان آخرها لبد فلما مات لبد مات لقمان معه .

وأما قيل فإنه قال : أختار أن يصيبني ما أصاب قومي فقيل له : إن الهلاك ، فقال : لا أبالي لا حاجة لي في البقاء بعدهم ، فأصابه الذي أصاب عادا من العذاب فهلك .

قال السدي : بعث الله على عاد الريح العقيم فلما دنت منهم نظروا إلى الإبل والرجال ، تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، فلما رأوها تبادروا البيوت فدخلوها وأغلقوا أبوابهم ، فجاءت الريح فقلعت أبوابهم فدخلت عليهم فأهلكتهم فيها ، ثم أخرجتهم من البيوت ، فلما أهلكهم الله أرسل عليهم طيرا سوداء فنقلتهم إلى البحر فألقتهم فيه .

وروي أن الله - عز وجل - أمر الريح فأهالت عليهم الرمال ، فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين تحت الرمل ، ثم أمر الريح فكشفت عنهم الرمال فاحتملتهم فرمت بهم في البحر ولم تخرج ريح قط إلا بمكيال إلا يومئذ فإنها عتت على الخزنة فغلبتهم فلم يعلموا كم كان مكيالها .

وفي الحديث : " إنها خرجت عليهم على قدر خرق الخاتم " وروي عن علي رضي الله عنه : أن قبر هود عليه السلام بحضرموت في كثيب أحمر . وقال عبد الرحمن بن سابط : بين الركن والمقام وزمزم قبر تسعة وتسعين نبيا ، وإن قبر هود وشعيب وصالح وإسماعيل عليهم السلام في تلك البقعة . ويروى : أن النبي من الأنبياء إذا هلك قومه جاء هو والصالحون معه إلى مكة يعبدون الله فيها حتى يموتوا .


الإعراب:

(فَأَنْجَيْناهُ) فعل ماض مبني على السكون، ونا فاعله والهاء مفعوله والجملة مستأنفة بعد الفاء، (وَالَّذِينَ) اسم موصول معطوف على الضمير المنصوب.

(مَعَهُ) ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول والتقدير والذين آمنوا معه. والهاء في محل جر بالإضافة.

(بِرَحْمَةٍ) متعلقان بالفعل أنجينا.

(مِنَّا) متعلقان بمحذوف صفة لرحمة.

(وَقَطَعْنا) فعل ماض وفاعله (دابِرَ) مفعوله والجملة معطوفة، (الَّذِينَ) اسم موصول في محل جر بالإضافة.

(كَذَّبُوا) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور بعده (بِآياتِنا) والواو فاعله، والجملة صلة الموصول...

(وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) كان واسمها وخبرها وما نافية والجملة مستأنفة لا محل لها.

---

Traslation and Transliteration:

Faanjaynahu waallatheena maAAahu birahmatin minna waqataAAna dabira allatheena kaththaboo biayatina wama kanoo mumineena

بيانات السورة

اسم السورة سورة الأعراف (Al-A'raf - The Heights)
ترتيبها 7
عدد آياتها 206
عدد كلماتها 3344
عدد حروفها 14071
معنى اسمها (الأَعْرَافُ) جَمْعُ (عُرْفٍ)، وَهُوَ كُلُّ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، وَالمُرَادُ بِـ(الأَعْرَافِ): السُّورُ الَّذِي بَينَ الجَنَّةِ والنَّارِ، يُحْبَسُ فِيهِ مَن تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُم وسَيِّئَاتُهُم
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الأَعْرَافِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (الْمِيقَاتِ)، وَسُورَةَ (الْمِيثَاقِ)
مقاصدها بَيَانُ السُّنَنِ الإِلَهِيَّةِ فِي التَّدَافُعِ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الأَعْرَافِ) بِآخِرِهَا: الإِشَارَةُ إلَى أنَّ القُرْآنَ ذِكْرَى وَرَحْمَةٌ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ ٢﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ٢٠٤﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَعْرَافِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ): قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي خِتَامِ (الْأَنْعَامِ): ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَٰٓئِفَ ٱلۡأَرۡضِ ...١٦٥﴾، وَقَالَ فِي أَوَّلِ (الْأَعْرَافِ): ﴿وَلَقَدۡ مَكَّنَّٰكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ ...١٠﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!