موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة البقرة: [الآية 104]

سورة البقرة
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَقُولُوا۟ رَٰعِنَا وَقُولُوا۟ ٱنظُرْنَا وَٱسْمَعُوا۟ ۗ وَلِلْكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿104﴾

تفسير الجلالين:

«يا أيها الذين أمنوا لا تقولوا» للنبي «راعنا» أمر من المراعاة وكانوا يقولون له ذلك وهي بلغة اليهود سب من الرعونة فسُرُّوا بذلك وخاطبوا بها النبي فنُهى المؤمنون عنها «وقولوا» بدلها «انظرنا» أي انظر إلينا «واسمعوا» ما تؤمرون به سماع قبول «وللكافرين عذاب أليم» مؤلم هو النار.

تفسير الشيخ محي الدين:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)

أصل التكاليف مشتق من الكلف وهي المشقات «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» وهو ما آتاها من التمكن الذي هو وسعها ، فقد خلق سبحانه لنا التمكن من فعل بعض الأعمال ، نجد ذلك من نفوسنا ولا ننكره ، وهي الحركة الاختيارية ، كما جعل سبحانه فينا المانع من بعض الأفعال الظاهرة فينا ، ونجد ذلك من نفوسنا ، كحركة المرتعش الذي لا اختيار للمرتعش فيها ، وبذلك القدر من التمكن الذي يجده الإنسان في نفسه صح أن يكون مكلفا ، ولا يحقق الإنسان بعقله لما ذا يرجع ذلك التمكن ، هل لكونه قادرا أو لكونه مختارا ؟ وإن كان مجبورا في اختياره ، ولا يمكن رفع الخلاف في هذه المسألة ، فإنها من المسائل المعقولة ولا يعرف الحق فيها إلا بالكشف ، وإذا بذلت النفس الوسع في طاعة اللّه لم يقم عليها حجة ،

فإن اللّه أجلّ أن يكلف نفسا إلا وسعها ، ولذلك كان الاجتهاد في الفروع والأصول «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» لما كانت النفوس ولاة الحق على الجوارح ، والجوارح مأمورة مجبورة غير مختارة فيما تصرف فيه ، مطيعة بكل وجه ، والنفوس ليست كذلك ، فإذا عملت لغير عبادة لا يقبل العمل من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة ، لكن من حيث أن العمل صدر من الجوارح أو من جارحة مخصوصة ، فإنها تجزى به تلك الجارحة ، فيقبل العمل لمن ظهر منه ولا يعود منه على النفس الآمرة به للجوارح شيء إذا كان العمل خيرا بالصورة كصلاة المرائي والمنافق وجميع ما يظهر على جوارحه من أفعال الخير الذي لم تقصد به النفس عبادة ، وأما أعمال الشر المنهي عنها فإن النفس تجزى بها للقصد ، والجوارح لا تجزى بها لأنها ليس في قوتها الامتناع عما تريد النفوس بها من الحركات ، فإنها مجبورة على السمع والطاعة لها ، فإن جارت النفوس فعليها ، وللجوارح رفع الحرج ، بل لهم الخير الأتم ، وإن عدلت النفوس فلها وللجوارح ، لذلك قال تعالى : «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فميز اللّه بين الكسب والاكتساب باللام وعلى ، وهذه الآية بشرى من اللّه حيث جعل المخالفة اكتسابا والطاعة كسبا ، فقال : «لَها ما كَسَبَتْ» فأوجبه لها .

وقال في المعصية والمخالفة : «وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فما أوجب لها الأخذ بما اكتسبته ، فالاكتساب ما هو حق لها فتستحقه ، فتستحق الكسب ولا تستحق الاكتساب ، والحق لا يعامل إلا بالاستحقاق ، والعفو من اللّه يحكم على الأخذ بالجريمة «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا» اعلم أن الرحمة أبطنها اللّه في النسيان الموجود في العالم ، وأنه لو لم يكن لعظم الأمر وشق ، وفيما يقع فيه التذكر كفاية ، وأصل هذا وضع الحجاب بين العالم وبين اللّه في موطن التكليف ، إذ كانت المعاصي والمخالفات مقدرة في علم اللّه فلا بد من وقوعها من العبد ضرورة ، فلو وقعت مع التجلي والكشف لكان مبالغة في قلة الحياء من اللّه حيث يشهده ويراه ، والقدر حاكم بالوقوع فاحتجب رحمة بالخلق لعظيم المصاب ، قال صلّى اللّه عليه وسلم:

إن اللّه إذا أراد نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم ، حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا ، وقال صلّى اللّه عليه وسلم : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، فلا يؤاخذهم اللّه به في الدنيا ولا في الآخرة ، فأما في الآخرة فمجمع عليه من الكل ، وأما في الدنيا فأجمعوا على رفع الذنب ، واختلفوا في الحكم ، وكذلك في الخطأ على قدر ما شرع الشارع في

أشخاص المسائل ، مثل الإفطار ناسيا في رمضان وغير ذلك من المسائل ، فإن اللّه تعالى الذي شرع المعصية والطاعة وبيّن حكمهما ، رفع حكم الأخذ بالمعصية في حق الناسي والمخطئ «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ» وهذا تعليم من الحق لنا أن نسأله في أن لا يقع منه في المستقبل ما لم يقع في الحال ، «وَاعْفُ عَنَّا» أي كثر خيرك لنا وقلل بلاءك عنا ، أي قلل ما ينبغي أن يقلل وكثر ما ينبغي أن يكثر ، فإن العفو من الأضداد يطلق بإزاء الكثرة والقلة ، وليس إلا عفوك عن خطايانا التي طلبنا منك أن تسترنا عنها حتى لا تصيبنا ، وهو قولنا : «وَاغْفِرْ لَنا» أي استرنا من المخالفات حتى لا تعرف مكاننا فتقصدنا «وَارْحَمْنا» برحمة الامتنان ورحمة الوجوب ، أي برحمة الاختصاص.

------------

(286) التنزلات الموصلية - الفتوحات ج 1 / 341 - ج 2 / 381 - ج 3 / 348 ، 123 ، 511 - ج 2 / 535 ، 684 - ج 3 / 381 - ج 1 / 435 ، 434

تفسير ابن كثير:

نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم ، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص عليهم لعائن الله فإذا أرادوا أن يقولوا : اسمع لنا يقولون : راعنا . يورون بالرعونة ، كما قال تعالى : ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) [ النساء : 46 ] وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم ، بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون : السام عليكم . والسام هو : الموت . ولهذا أمرنا أن نرد عليهم ب " وعليكم " . وإنما يستجاب لنا فيهم ، ولا يستجاب لهم فينا .

والغرض : أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا . فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم )

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر ، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت ، حدثنا حسان بن عطية ، عن أبي منيب الجرشي ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت بين يدي الساعة بالسيف ، حتى يعبد الله وحده لا شريك له . وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم " .

وروى أبو داود ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي النضر هاشم بن القاسم به " من تشبه بقوم فهو منهم "

ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد ، على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ، ولباسهم وأعيادهم ، وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولم نقرر عليها .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا مسعر ، عن معن وعون أو أحدهما أن رجلا أتى عبد الله بن مسعود ، فقال : اعهد إلي . فقال : إذا سمعت الله يقول ( ياأيها الذين آمنوا ) فأرعها سمعك ، فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه .

وقال الأعمش ، عن خيثمة ، قال : ما تقرؤون في القرآن : ( ياأيها الذين آمنوا ) فإنه في التوراة : " يا أيها المساكين " .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس : ( راعنا ) أي : أرعنا سمعك .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ) قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم أرعنا سمعك . وإنما ( راعنا ) كقولك : عاطنا .

وقال ابن أبي حاتم : وروي عن أبي العالية ، وأبي مالك ، والربيع بن أنس ، وعطية العوفي ، وقتادة ، نحو ذلك .

وقال مجاهد : ( لا تقولوا راعنا ) لا تقولوا خلافا . وفي رواية : لا تقولوا : اسمع منا ونسمع منك .

وقال عطاء : ( لا تقولوا راعنا ) كانت لغة تقولها الأنصار فنهى الله عنها .

وقال الحسن : ( لا تقولوا راعنا ) قال : الراعن من القول السخري منه . نهاهم الله أن يسخروا من قول محمد صلى الله عليه وسلم ، وما يدعوهم إليه من الإسلام . وكذا روي عن ابن جريج أنه قال مثله .

وقال أبو صخر : ( لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا ) قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين ، فيقول : أرعنا سمعك . فأعظم الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقال ذلك له .

وقال السدي : كان رجل من اليهود من بني قينقاع ، يدعى رفاعة بن زيد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا لقيه فكلمه قال : أرعني سمعك واسمع غير مسمع . وكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء كانت تفخم بهذا ، فكان ناس منهم يقولون : اسمع غير مسمع : غير صاغر . وهي كالتي في سورة النساء . فتقدم الله إلى المؤمنين أن لا يقولوا : راعنا .

وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، بنحو من هذا .

قال ابن جرير : والصواب من القول في ذلك عندنا : أن الله نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيه صلى الله عليه وسلم : راعنا ; لأنها كلمة كرهها الله تعالى أن يقولها لنبيه صلى الله عليه وسلم ، نظير الذي ذكر عن النبي قال : " لا تقولوا للعنب الكرم ، ولكن قولوا : الحبلة . ولا تقولوا : عبدي ، ولكن قولوا : فتاي " . وما أشبه ذلك .


تفسير الطبري :

فيه خمس مسائل: الأولى: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا} ذكر شيئا آخر من جهالات اليهود والمقصود نهي المسلمين عن مثل ذلك. وحقيقة {راعنا} في اللغة أرعنا ولنرعك، لأن المفاعلة من اثنين، فتكون من رعاك الله، أي احفظنا ولنحفظك، وارقبنا ولنرقبك. ويجوز أن يكون من أرعنا سمعك، أي فرغ سمعك لكلامنا. وفي المخاطبة بهذا جفاء، فأمر المؤمنين أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أرقها. قال ابن عباس : كان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا. على جهة الطلب والرغبة - من المراعاة - أي التفت إلينا، وكان هذا بلسان اليهود سبا، أي اسمع لا سمعت، فاغتنموها وقالوا : كنا نسبه سرا فالآن نسبه جهرا، فكانوا يخاطبون بها النبي صلى الله عليه وسلم ويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ وكان يعرف لغتهم، فقال لليهود : عليكم لعنة الله! لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه، فقالوا : أولستم تقولونها؟ فنزلت الآية، ونهوا عنها لئلا تقتدي بها اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد فيه. الثانية: في هذه الآية دليلان : [أحدهما] على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض للتنقيص والغض، ويخرج من هذا فهم القذف بالتعريض، وذلك يوجب الحد عندنا خلافا لأبي حنيفة والشافعي وأصحابهما حين قالوا : التعريض محتمل للقذف وغيره، والحد مما يسقط بالشبهة. وسيأتي في النور بيان هذا، إن شاء الله تعالى. الدليل الثاني: التمسك بسد الذرائع وحمايتها وهو مذهب مالك وأصحابه وأحمد بن حنبل في رواية عنه، وقد دل على هذا الأصل الكتاب والسنة. والذريعة عبارة عن أمر غير ممنوع لنفسه يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع. أما الكتاب فهذه الآية، ووجه التمسك بها أن اليهود كانوا يقولون ذلك وهي سب بلغتهم، فلما علم الله ذلك منهم منع من إطلاق ذلك اللفظ، لأنه ذريعة للسب، وقوله تعالى{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} [الأنعام:108] فمنع من سب آلهتهم مخافة مقابلتهم بمثل ذلك، وقوله تعالى{واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} [الأعراف : 163] الآية، فحرم عليهم تبارك وتعالى الصيد في يوم السبت، فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شرعا، أي ظاهرة، فسدوا عليها يوم السبت وأخذوها يوم الأحد، وكان السد ذريعة للاصطياد، فمسخهم الله قردة وخنازير، وذكر الله لنا ذلك معنى التحذير عن ذلك، وقوله تعالى لآدم وحواء {ولا تقربا هذه الشجرة} [البقرة:35] وقد تقدم. وأما السنة فأحاديث كثيرة ثابتة صحيحة، منها حديث عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهن ذكرتا كنيسة رأياها بالحبشة فيها تصاوير [فذكرتا ذلك] لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله). أخرجه البخاري ومسلم. قال علماؤنا : ففعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله عز وجل عند قبورهم، فمضت لهم بذلك أزمان، ثم أنهم خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم، ووسوس لهم الشيطان أن آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك، وشدد النكير والوعيد على من فعل ذلك، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال : (اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد) وقال : (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد). وروى مسلم عن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الحلال بيّن والحرام بين وبينهما أمور متشابهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه) الحديث، فمنع من الإقدام على الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات، وذلك سدا للذريعة. وقال صلى الله عليه وسلم : (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس). وقال صلى الله عليه وسلم : (إن من الكبائر شتم الرجل والديه) قالوا : يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال : (نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه). فجعل التعرض لسب الآباء كسب الآباء. وقال صلى الله عليه وسلم : (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه منكم حتى ترجعوا إلى دينكم). وقال أبو عبيد الهروي : العينة هو أن يبيع الرجل من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به. قال : فإن اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ثم باعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراه إلى أجل مسمى ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن فهذه أيضا عينة، وهي أهون من الأولى، وهو جائز عند بعضهم. وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة، وذلك لأن العين هو المال الحاضر والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضر يصل إليه من فوره. و روى ابن وهب عن مالك أن أم ولد لزيد بن الأرقم ذكرت لعائشة رضي الله عنها أنها باعت من زيد عبدا بثمانمائة إلى العطاء ثم ابتاعته منه بستمائة نقدا، فقالت عائشة : بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت! أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب. ومثل هذا لا يقال بالرأي، لأن إبطال الأعمال لا يتوصل إلى معرفتها إلا بالوحي، فثبت أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دعوا الربا والريبة. ونهى ابن عباس رضي الله عنهما عن دراهم بدراهم بينهما حريزة. قلت : فهذه هي الأدلة التي لنا على سد الذرائع، وعليه بنى المالكية كتاب الآجال وغيره من المسائل في البيوع وغيرها. وليس عند الشافعية كتاب الآجال. لأن ذلك عندهم عقود مختلفة مستقلة، قالوا : وأصل الأشياء على الظواهر لا على الظنون. والمالكية جعلوا السلعة محللة ليتوصل بها إلى دراهم بأكثر منها، وهذا هو الربا بعينه، فاعلمه. الثالثة: قوله تعالى: {لا تقولوا راعنا} نهي يقتضي التحريم، على ما تقدم. وقرأ الحسن {راعنا} منونة. وقال : أي هجرا من القول، وهو مصدر ونصبه بالقول، أي لا تقولوا رعونة. وقرأ زر بن حبيش والأعمش {راعونا}، يقال لما نتأ من الجبل : رعن، والجبل أرعن. وجيش أرعن أي متفرق. وكذا رجل أرعن، أي متفرق الحجج وليس عقله مجتمعا، عن النحاس. وقال ابن فارس : رعن الرجل يرعن رعنا فهو أرعن، أي أهوج. والمرأة رعناء. وسميت البصرة رعناء لأنها تشبه برعن الجبل، قال ابن دريد ذلك، وأنشد للفرزدق : لولا ابن عتبة عمرو والرجاء له ** ما كانت البصرة الرعناء لي وطنا الرابعة: قوله تعالى{وقولوا انظرنا} أمروا أن يخاطبوه صلى الله عليه وسلم بالإجلال، والمعنى : أقبل علينا وانظر إلينا، فحذف حرف التعدية، كما قال : ظاهرات الجمال والحسن ينظر ** ن كما ينظر الأراك الظباء أي إلى الأراك. وقال مجاهد : المعنى فهمنا وبين لنا. وقيل : المعنى انتظرنا وتأن بنا، قال : فإنكما إن تنظراني ساعة ** من الدهر ينفعني لدى أم جندب والظاهر استدعاء نظر العين المقترن بتدبر الحال، وهذا هو معنى راعنا، فبدلت اللفظة للمؤمنين وزال تعلق اليهود. وقرأ الأعمش وغيره {انظرنا} بقطع الألف وكسر الظاء، بمعنى أخرنا وأمهلنا حتى نفهم عنك ونتلقى منك، قال الشاعر : أبا هند فلا تعجل علينا ** وانظرنا نخبرك اليقينا الخامسة: قوله تعالى{واسمعوا وللكافرين عذاب أليم} لما نهى وأمر جل وعز، حض على السمع الذي في ضمنه الطاعة واعلم أن لمن خالف أمره فكفر عذابا أليما.

التفسير الميسّر:

يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا للرسول محمد صلى الله عليه وسلم: راعنا، أي: راعنا سمعك، فافهم عنا وأفهمنا؛ لأن اليهود كانوا يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم يلوون ألسنتهم بها، يقصدون سبَّه ونسبته إلى الرعونة، وقولوا- أيها المؤمنون- بدلا منها: انظرنا، أي انظر إلينا وتعهَّدْنا، وهي تؤدي المعنى المطلوب نفسه واسمعوا ما يتلى عليكم من كتاب ربكم وافهموه. وللجاحدين عذاب موجع.

تفسير السعدي

كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: { رَاعِنَا } أي: راع أحوالنا, فيقصدون بها معنى صحيحا، وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا, فانتهزوا الفرصة, فصاروا يخاطبون الرسول بذلك, ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة, سدا لهذا الباب، ففيه النهي عن الجائز, إذا كان وسيلة إلى محرم، وفيه الأدب, واستعمال الألفاظ, التي لا تحتمل إلا الحسن, وعدم الفحش, وترك الألفاظ القبيحة, أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال: { وَقُولُوا انْظُرْنَا } فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور، { وَاسْمَعُوا } لم يذكر المسموع, ليعم ما أمر باستماعه، فيدخل فيه سماع القرآن, وسماع السنة التي هي الحكمة, لفظا ومعنى واستجابة، ففيه الأدب والطاعة.


تفسير البغوي

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا} وذلك أن المسلمين كانوا يقولون راعنا يا رسول الله، من المراعاة أي أرعنا سمعك، أي فرغ سمعك لكلامنا، يقال: أرعى إلى الشيء، ورعاه، وراعاه، أي أصغى إليه واستمعه، وكانت هذه اللفظة (شيئاً) قبيحاً بلغة اليهود، وقيل: وكان معناها عندهم اسمع لا سمعت.

وقيل: هي من الرعونة إذا أرادوا أن يحمقوا إنساناً قالوا له: راعنا بمعنى يا أحمق فلما سمع اليهود هذه اللفظة من المسلمين قالوا فيما بينهم: كنا نسب محمداً سراً، فأعلنوا به الآن، فكانوا يأتونه ويقولون: راعنا يا محمد، ويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ ففطن لها، وكان يعرف لغتهم، فقال لليهود: لئن سمعتها من أحدكم يقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه، فقالوا: أو لستم تقولونها؟ فأنزل الله تعالى: {لا تقولوا راعنا} كيلا يجد اليهود بذلك سبيلا إلى شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{وقولوا انظرنا} أي انظر إلينا، وقيل: انتظرنا وتأن بنا، يقال: نظرت فلاناً وانتظرته، ومنه قوله تعالى: {انظرونا نقتبس من نوركم} [13-الحديد]، قال مجاهد: "معناها فهمناه".

{واسمعوا} ما تؤمرون به وأطيعوا.

{وللكافرين} يعني اليهود.

{عذاب أليم}.


الإعراب:

(راعِنا) أمهلنا.

(انْظُرْنا) أخرنا.

(يا أَيُّهَا) يا حرف نداء. أي منادى نكرة مقصودة مبني على الضم والهاء للتنبيه.

(الَّذِينَ) اسم موصول بدل من أي.

(آمَنُوا) فعل ماض والواو فاعل والجملة صلة الموصول.

(لا تَقُولُوا) لا ناهية جازمة تقولوا مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل.

والجملة لا محل لها ابتدائية.

(راعِنا) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وهو الياء والكسرة دليل عليه والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ونا مفعول به والجملة مقول القول.

(وَقُولُوا) الواو عاطفة قولوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل. والجملة معطوفة.

(انْظُرْنا) فعل أمر وفاعله أنت ونا مفعول به والجملة مفعول به مقول القول.

(وَاسْمَعُوا) أمر وفاعله ومفعوله محذوف تقديره واسمعوا كلام رسولكم، والجملة معطوفة.

(وَلِلْكافِرِينَ) الواو استئنافية للكافرين متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

(عَذابٌ) مبتدأ مؤخر.

(أَلِيمٌ) صفة مرفوعة، والجملة استئنافية.

---

Traslation and Transliteration:

Ya ayyuha allatheena amanoo la taqooloo raAAina waqooloo onthurna waismaAAoo walilkafireena AAathabun aleemun

بيانات السورة

اسم السورة سورة البقرة (Al-Baqara - The Cow)
ترتيبها 2
عدد آياتها 286
عدد كلماتها 6144
عدد حروفها 25613
معنى اسمها (البَقَرَةُ) مِنْ أَصْنَافِ بَهِيمَةِ الأَنعَامِ، وهِيَ: (الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ)
سبب تسميتها انفِرَادُ السُّورَةِ بذِكْرِ قِصَّةِ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (البَقَرَةِ)، وتُلقَّبُ بِـ(سَنَامِ القُرْآنِ)، و(فُسْطَاطِ القُرْآنِ)، وَ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها الاسْتِجَابَةُ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَالامْتِثَالُ الكَامِلُ لَهُ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها بَرَكَةٌ عَجِيبَةٌ لِقَارِئِهَا، قَالَ ﷺ: «اقْرَؤُوا البَقَرَةَ؛ فَإِنَّ أَخذَها بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). عِلَاجٌ مِنَ السِّحْرِ وَالْعَينِ وَالحَسَدِ، قَالَ ﷺ: «وَلَا يَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ؛ أَيِ: السَّحَرَةُ». (رَوَاهُ مُسْلِم). طَارِدَةٌ لِلشَّيَاطِينِ، قَالَ ﷺ: «وَإِنَّ البَيْتَ الَّذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ لَا يدخُلُهُ شَيطَانٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (البَقَرَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ صِفَاتِ المُتَّقِينَ. فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ﴾ ... الآيَاتِ، وقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ﴾... الآيَاتِ.. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (البَقَرَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الفَاتِحَةِ): لَمَّا قَالَ العَبْدُ فِي خِتَامِ (الفَاتِحَةِ): ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦﴾. قِيلَ لَهُ فِي فَاتِحَةِ (البَقَرَةِ): ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ٢﴾ هُوَ مَطْلُوبُكَ وَفِيهِ حَاجَتُكَ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!