المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة التوبة: [الآية 105]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة التوبة | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)
«فَإِنْ تَوَلَّوْا» عما دعوتموهم إليه «فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ» أي في اللّه الكفاية يكفيني أمرهم
[ توحيد الاستكفاء ]
«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» وهذا هو التوحيد الحادي عشر ، وهو توحيد الاستكفاء ، وهو من توحيد الهوية لما قال تعالى : «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى» فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره ، فمنا من قال التعاون على البر والتقوى أن يرد كل واحد صاحبه إلى ربه في ذلك ، ويستكفي به فيما كلفه ،
وهو قوله : (واستعينوا بالله) خطاب تحقيق «عليه توكلت» التوكل اعتماد القلب على اللّه تعالى مع عدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة في العالم ، التي من شأن النفوس أن تركن إليها ، فإن اضطرب فليس بمتوكل ، وهو من صفات المؤمنين «وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»
فإذا كان رب العرش والعرش محيط بعالم الأجسام وأنت من حيث جسميتك أقل الأجسام فاستكف باللّه ، الذي هو رب مثل هذا العرش ، ومن كان اللّه حسبه انقلب بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسه سوء ، وجاء في ذلك بما يرضي اللّه ، واللّه ذو فضل عظيم على من جعله حسبه .
(10) سورة يونس مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(129) الفتوحات ج 2 / 409 ، 199 ، 409تفسير ابن كثير:
قال مجاهد : هذا وعيد ، يعني من الله تعالى للمخالفين أوامره بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى ، وعلى الرسول ، وعلى المؤمنين . وهذا كائن لا محالة يوم القيامة ، كما قال : ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) [ الحاقة : 18 ] ، وقال تعالى : ( يوم تبلى السرائر ) [ الطارق : 9 ] ، وقال ( وحصل ما في الصدور ) [ العاديات : 10 ] وقد يظهر ذلك للناس في الدنيا ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة ، لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان " . .
وقد ورد : أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ ، كما قال أبو داود الطيالسي : حدثنا الصلت بن دينار ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : " اللهم ، ألهمهم أن يعملوا بطاعتك " .
وقال الإمام أحمد : أخبرنا عبد الرزاق ، عن سفيان ، عمن سمع أنسا يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : اللهم ، لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا " .
وقال البخاري : قالت عائشة ، رضي الله عنها : إذا أعجبك حسن عمل امرئ ، فقل : ( اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) .
وقد ورد في الحديث شبيه بهذا ، قال الإمام أحمد :
حدثنا يزيد ، حدثنا حميد ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له ؟ فإن العامل يعمل زمانا من عمره - أو : برهة من دهره - بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة ، ثم يتحول فيعمل عملا سيئا ، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ ، لو مات عليه دخل النار ، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا ، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته " . قالوا : يا رسول الله وكيف يستعمله : قال : " يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه " تفرد به أحمد من هذا الوجه .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يقول تعالى: {وَقُلْ} لهؤلاء المنافقين: {اعْمَلُوا} ما ترون من الأعمال، واستمروا على باطلكم، فلا تحسبوا أن ذلك، سيخفى.
{فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} أي: لا بد أن يتبين عملكم ويتضح، {وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} من خير وشر، ففي هذا التهديد والوعيد الشديد على من استمر على باطله وطغيانه وغيه وعصيانه.
ويحتمل أن المعنى: أنكم مهما عملتم من خير أوشر، فإن اللّه مطلع عليكم، وسيطلع رسوله وعباده المؤمنين على أعمالكم ولو كانت باطنة.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) قال مجاهد : هذا وعيد لهم . قيل : رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بإعلام الله تعالى إياه ، ورؤية المؤمنين بإيقاع المحبة في قلوبهم لأهل الصلاح ، والبغضة لأهل الفساد .
الإعراب:
«وَقُلِ» الواو استئنافية وأمر فاعله مستتر والجملة مستأنفة «اعْمَلُوا» أمر وفاعله والجملة مقول القول «فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ» الفاء عاطفة ومضارع ولفظ الجلالة فاعله وعملكم مفعول به والكاف مضاف إليه «وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» معطوفان على ما سبق «وَسَتُرَدُّونَ» مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو نائب فاعل والجملة معطوفة «إِلى عالِمِ» متعلقان بستردون «الْغَيْبِ» مضاف إليه «وَالشَّهادَةِ» معطوف على ما قبله «فَيُنَبِّئُكُمْ» الفاء عاطفة ومضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة معطوفة «بِما» متعلقان بالفعل قبلهما «كُنْتُمْ» كان واسمها والجملة صلة «تَعْمَلُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والجملة خبر كنتم.