المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يونس: [الآية 27]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة يونس | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (97) فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (98)
إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهي العلم بوجود الرب أنه ربنا ، ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ولا يحشر إلا مؤمنا ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ، ويؤيد ذلك قوله : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا» حين رأوا البأس «كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» فهذا معنى قولنا : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ومتى شاء ، فثبت أن انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود ، ودلت هذه الآية على أن يونس عليه السلام كان محبوبا للّه ، حيث خص قومه من أجله بما لم يخص به أمة قبلها ، وعرفنا بذلك ، فعامل قوم يونس بما عاملهم به من كونه كشف عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم ، فآمنوا ، أرضاه اللّه في أمته فنفعها إيمانها ، ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها ، ومتعهم إلى حين فأمدّ لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب ، فلما اشتد البلاء
على قوم يونس وكانت اللحظة الزمانية عندهم في وقت رؤية العذاب كالسنة أو أطول ، ذكر أنه تعالى في مقابلة هذا الطول الذي وجدوه في نفوسهم أنه متعهم إلى حين ، فبقوا في نعيم الحياة الدنيا زمنا طويلا ، لم يكن يحصل لهم ذلك لولا هذا البلاء وقد قيل إن الحين الذي جعله غاية تمتعهم أنه القيامة واللّه أعلم .
------------
(98) الفتوحات ج 3 / 383 - ج 2 / 415تفسير ابن كثير:
لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات ، ويزدادون على ذلك ، عطف بذكر حال الأشقياء ، فذكر عدله تعالى فيهم ، وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها ، لا يزيدهم على ذلك ، ( وترهقهم ) أي : تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها ، كما قال تعالى : ( وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي ) [ الشورى : 45 ] ، وقال تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) [ إبراهيم : 42 - 44 ] ، وقوله ( ما لهم من الله من عاصم ) أي : من مانع ولا واق يقيهم العذاب ، كما قال تعالى : ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ) [ القيامة : 10 - 12 ] .
وقوله : ( كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ) إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة ، كما قال تعالى : ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون ) [ آل عمران : 106 ، 107 ] ، وكما قال تعالى : ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة ) [ عبس : 38 - 42 ] . الآية .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
لما ذكر أصحاب الجنة ذكر أصحاب النار، فذكر أن بضاعتهم التي اكتسبوها في الدنيا هي الأعمال السيئة المسخطة لله، من أنواع الكفر والتكذيب، وأصناف المعاصي، فجزاؤهم سيئة مثلها أي: جزاء يسوؤهم بحسب ما عملوا من السيئات على اختلاف أحوالهم.
{وَتَرْهَقُهُمْ} أي: تغشاهم {ذِلَّةٌ} في قلوبهم وخوف من عذاب الله، لا يدفعه عنهم دافع ولا يعصمهم منه عاصم، وتسري تلك الذلة الباطنة إلى ظاهرهم، فتكون سوادًا في الوجوه .
{كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فكم بين الفريقين من الفرق، ويا بعد ما بينهما من التفاوت؟!
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} {ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ}
تفسير البغوي
( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ) أي : لهم مثلها ، كما قال : " ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها " ( الأنعام - 160 ) . ( وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم ) و " من " صلة ، أي : مالهم من الله عاصم ، ( كأنما أغشيت ) ألبست ، ( وجوههم قطعا ) جمع قطعة ، ( من الليل مظلما ) نصبت على الحال دون النعت ، ولذلك لم يقل : مظلمة ، تقديره : قطعا من الليل في حال ظلمته ، أو قطعا من الليل المظلم . وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب : " قطعا " ساكنة الطاء ، أي بعضا ، كقوله : " بقطع من الليل " ( هود - 81 ) . ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .
الإعراب:
(وَالَّذِينَ) الواو استئنافية واسم الموصول مبتدأ (كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) ماض والواو فاعله والسيئات مفعوله المنصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم والجملة صلة (جَزاءُ) مبتدأ ثان (سَيِّئَةٍ) مضاف إليه (بِمِثْلِها) متعلقان بخبر محذوف وهذه الجملة خبر الذين (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) الواو استئنافية ومضارع ومفعوله المقدم وفاعله المؤخر والجملة مستأنفة (ما) نافية (لَهُمْ) متعلقان بخبر مقدم محذوف (مِنَ اللَّهِ) لفظ الجلالة في محل جر بمن متعلقان بعاصم (مِنَ) زائدة (عاصِمٍ) مبتدأ مجرور لفظا مرفوع محلا (كَأَنَّما) كافة ومكفوفة (أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً) ماض مبني للمجهول ونائب فاعل ومفعول به (مِنَ اللَّيْلِ) متعلقان بصفة لقطعا (مُظْلِماً) صفة ثانية والجملة مستأنفة (أُولئِكَ) اسم الإشارة مبتدأ والكاف للخطاب (أَصْحابُ) خبر (النَّارِ) مضاف إليه والجملة مستأنفة (هُمْ) مبتدأ (فِيها) متعلقان بخالدون (خالِدُونَ) خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة حالية.