المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يونس: [الآية 99]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة يونس | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (97) فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (98)
إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهي العلم بوجود الرب أنه ربنا ، ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ولا يحشر إلا مؤمنا ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ، ويؤيد ذلك قوله : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا» حين رأوا البأس «كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» فهذا معنى قولنا : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ومتى شاء ، فثبت أن انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود ، ودلت هذه الآية على أن يونس عليه السلام كان محبوبا للّه ، حيث خص قومه من أجله بما لم يخص به أمة قبلها ، وعرفنا بذلك ، فعامل قوم يونس بما عاملهم به من كونه كشف عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم ، فآمنوا ، أرضاه اللّه في أمته فنفعها إيمانها ، ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها ، ومتعهم إلى حين فأمدّ لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب ، فلما اشتد البلاء
على قوم يونس وكانت اللحظة الزمانية عندهم في وقت رؤية العذاب كالسنة أو أطول ، ذكر أنه تعالى في مقابلة هذا الطول الذي وجدوه في نفوسهم أنه متعهم إلى حين ، فبقوا في نعيم الحياة الدنيا زمنا طويلا ، لم يكن يحصل لهم ذلك لولا هذا البلاء وقد قيل إن الحين الذي جعله غاية تمتعهم أنه القيامة واللّه أعلم .
------------
(98) الفتوحات ج 3 / 383 - ج 2 / 415تفسير ابن كثير:
يقول تعالى : ( ولو شاء ربك ) - يا محمد - لأذن لأهل الأرض كلهم في الإيمان بما جئتهم به ، فآمنوا كلهم ، ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى كما قال تعالى : ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) [ هود : 118 ، 119 ] ، وقال تعالى : ( أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ) [ الرعد : 31 ] ؛ ولهذا قال تعالى : ( أفأنت تكره الناس ) أي : تلزمهم وتلجئهم ( حتى يكونوا مؤمنين ) أي : ليس ذلك عليك ولا إليك ، بل [ إلى ] الله ( يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) [ فاطر : 8 ] ، ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [ البقرة : 272 ] ، ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) [ الشعراء : 3 ] ، ( إنك لا تهدي من أحببت ) [ القصص : 56 ] ، ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد : 40 ] ، ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر ) [ الغاشية : 21 ، 22 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى هو الفعال لما يريد ، الهادي من يشاء ، المضل لمن يشاء ، لعلمه وحكمته وعدله ؛ ولهذا قال :
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ْ} بأن يلهمهم الإيمان، ويوزع قلوبهم للتقوى، فقدرته صالحة لذلك، ولكنه اقتضت حكمته أن كان بعضهم مؤمنين، وبعضهم كافرين.
{ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ْ} أي: لا تقدر على ذلك، وليس في إمكانك، ولا قدرة لغير الله [على] شيء من ذلك.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ولو شاء ربك ) يا محمد ، ( لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه كان حريصا على أن يؤمن جميع الناس ، فأخبره الله جل ذكره : أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة ، ولا يضل إلا من سبق له الشقاوة .
الإعراب:
(وَ لَوْ) الواو استئنافية ولو حرف شرط غير جازم (شاءَ رَبُّكَ) ماض وفاعله والكاف مضاف إليه والجملة ابتدائية (لَآمَنَ) اللام واقعة في جواب لو وماض (مَنْ) اسم موصول فاعل والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بمحذوف صلة.
(كُلُّهُمْ) توكيد لمن.
(جَمِيعاً) حال منصوبة.
(أَ فَأَنْتَ) الهمزة للاستفهام والفاء عاطفة ومبتدأ مرفوع.
(تُكْرِهُ) مضارع فاعله مستتر.
(النَّاسَ) مفعول به والجملة خبر للمبتدأ.
(حَتَّى) حرف تعليل وجر.
(يَكُونُوا) مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد حتى والواو اسمه.
(مُؤْمِنِينَ) خبر يكونوا.