موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة ابراهيم: [الآية 21]

سورة ابراهيم
وَبَرَزُوا۟ لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ ٱلضُّعَفَٰٓؤُا۟ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍ ۚ قَالُوا۟ لَوْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَٰكُمْ ۖ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴿21﴾

تفسير الجلالين:

«وبرزوا» أي الخلائق والتعبير فيه وفيما بعده بالماضي لتحقيق وقوعه «لله جميعا فقال الضعفاء» الأتباع «للذين استكبروا» المتبوعين «إنا كنا لكم تبعا» جمع تابع «فهل أنتم مغنون» دافعون «عنا من عذاب الله من شيء» من الأولى للتبيين والثانية للتبعيض «قالوا» المتبوعون «لو هدانا الله لهديناكم» لدعوناكم إلى الهدى «سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من» زائدة «محيص» ملجأ.

تفسير الشيخ محي الدين:

سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (51) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (52)

[ «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» ]

-الوجه الأول - «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» فهو بلاغ للإنسان من كونه من الناس «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» من كونه على قدم غرور وخطر فيحذرو «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ»

أي بفعل ما يريد ما ثمّ آخر يرده عن إرادته فيك ويصده «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ»

بما أشهدهم على نفسه أنه ربه ، ليقوم بما يجب على المملوك في حق سيده الذي أقر له بالملك ، فإن التذكر لا يكون إلا عن علم متقدم منسي ، فيذكره من يعلم ذلك ، فالقرآن بلاغ من وجه وإنذار من وجه وإعلام من وجه وتذكرة لما نسيه من وجه ، والمخاطب بهذا كله واحد العين وهو الإنسان

- الوجه الثاني -ميز اللّه بين طبقات العالم ليعلموا أن اللّه قد رفع بعضهم فوق بعض درجات فقال : «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» يريد طائفة مخصوصة لا يعقلون منه سوى أنه بلاغ ، يسمعون حروفه إيمانا بها أنها من عند اللّه لا يعرفون غير ذلك «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب ، وأراد بالعلم هنا الإيمان ، وهو الذي يعول عليه في السعادة ، فإن اللّه به أمر ،

وسميناه علما لكون المخبر هو اللّه فقال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) وقال تعالى : «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ» في حق طائفة أخرى وهم العلماء باللّه وبالأمر على ما هو عليه ، فيتذكر أرباب العقول ما كانوا قد علموه قبل ، أي ما جاءوا بما تحيله الأدلة الغامض إدراكها ،

فإنها لب الدلالات ، والقرآن واحد في نفسه ، تكون الآية منه تذكرة لذي اللب ، وتوحيدا لطالب العلم بتوحيده ، وإنذارا للمترقب الحذر ، وبلاغا للسامع ليحصل له أجر السماع ، كالأعجمي الذي لا يفهم اللسان ، فيسمع

فيعظم كلام اللّه من حيث نسبته إلى اللّه ، ولا يعرف معنى ذلك اللفظ حتى يشرح له بلسانه ويترجم له عنه .

(15) سورة الحجر مكيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(51) الفتوحات ج 4 / 268 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 85 - ج 1 / 326 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 544

تفسير ابن كثير:

يقول : ( وبرزوا [ لله ] ) أي : برزت الخلائق كلها ، برها وفاجرها لله وحده الواحد القهار ، أي : اجتمعوا له في براز من الأرض ، وهو المكان الذي ليس فيه شيء يستر أحدا .

( فقال الضعفاء ) وهم الأتباع لقادتهم وسادتهم وكبرائهم الذين استكبروا عن عبادة الله وحده لا شريك له ، وعن موافقة الرسل ، فقالوا لهم : ( إنا كنا لكم تبعا ) أي : مهما أمرتمونا ائتمرنا وفعلنا ، ( فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء ) أي : فهل تدفعون عنا شيئا من عذاب الله ، كما كنتم تعدوننا وتمنوننا ؟ فقالت القادة لهم : ( لو هدانا الله لهديناكم ) ولكن حق علينا قول ربنا ، وسبق فينا وفيكم قدر الله ، وحقت كلمة العذاب على الكافرين ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) أي : ليس لنا خلاص مما نحن فيه إن صبرنا عليه أو جزعنا منه .

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إن أهل النار قال بعضهم لبعض : تعالوا ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم إلى الله - عز وجل - تعالوا نبك ونتضرع إلى الله فبكوا وتضرعوا ، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : تعالوا ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر ، تعالوا حتى نصبر فصبروا صبرا لم ير مثله ، فلم ينفعهم ذلك ، فعند ذلك قالوا ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص )

قلت : والظاهر أن هذه المراجعة في النار بعد دخولهم إليها ، كما قال تعالى : ( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ) [ غافر : 47 ، 48 ] وقال تعالى : ( قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ) [ الأعراف : 38 ، 39 ] ، وقال تعالى : ( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ) [ الأحزاب : 66 - 68 ] .

وأما تخاصمهم في المحشر ، فقال تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) [ سبأ : 31 - 33 ] .


تفسير الطبري :

قوله تعالى {وبرزوا لله جميعا} أي برزوا من قبورهم، يعني يوم القيامة. والبروز الظهور. والبراز المكان الواسع لظهوره؛ ومنه امرأة برزة أي تظهر للناس؛ فمعنى، {برزوا} ظهروا من قبورهم. وجاء بلفظ؛ الماضي ومعناه الاستقبال، واتصل هذا بقوله{وخاب كل جبار عنيد} أي وقاربوا لما استفتحوا فأهلكوا، ثم بعثوا للحساب فبرزوا لله جميعا لا يسترهم عنه ساتر. {لله} لأجل أمر الله إياهم بالبروز. {فقال الضعفاء} يعني الأتباع {للذين استكبروا} وهم القادة. {إنا كنا لكم تبعا} يجوز أن يكون تبع مصدرا؛ التقدير : ذوي تبع. ويجوز أن يكون تابع؛ مثل حارس وحرس، وخادم وخدم، وراصد ورصد، وباقر وبقر. {فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} أي دافعون {عنا من عذاب الله من شيء} أي شيئا، و{من} صلة؛ يقال : أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى، وأغناه إذا أوصل إليه النفع. {قالوا لو هدانا الله لهديناكم} أي لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه. وقيل : لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها. وقيل؛ لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه. {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} {سواء علينا} هذا ابتداء خبره {أجَزِعنا} أي {سواء علينا} أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} أي من مهرب وملجأ. ويجوز أن يكون بمعنى المصدر، وبمعنى الاسم؛ يقال : حاص فلان عن كذا أي فر وزاغ يحيص حيصا وحيوصا وحيصانا؛ والمعنى : ما لنا وجه نتباعد به عن النار. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (يقول أهل النار إذا اشتد بهم العذاب تعالوا نصبر فيصبرون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا هلم فلنجزع فيجزعون ويصيحون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص}). وقال محمد بن كعب القرظي : ذكر لما أن أهل النار يقول بعضهم لبعض : يا هؤلاء! قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر؛ فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الطاعة على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا؛ فأجمعوا رأيهم على الصبر فصبروا؛ فطال صبرهم فجزعوا، فنادوا{سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} أي منجى، فقام إبليس عند ذلك فقال{إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم} يقول : لست بمغن عنكم شيئا } وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل} الحديث بطوله، وقد كتبناه في كتاب [التذكرة] بكماله. قوله تعالى‏ {‏وقال الشيطان لما قضي الأمر‏}‏ قال الحسن‏:‏ يقف إبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعا‏.‏ ومعنى‏ {‏لما قضي الأمر‏}‏ أي حصل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، على ما يأتي بيانه في ‏"‏مريم‏"‏ عليها السلام‏.‏ ‏{‏إن الله وعدكم وعد الحق‏}‏ يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي فصدقكم وعده، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب فأخلفتكم‏.‏ وروي ابن المبارك من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال‏:‏ ‏(‏فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجه المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم ويقول عند ذلك‏ {‏إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم‏}‏ الآية‏)‏‏.‏ ‏{‏وعد الحق‏}‏ هو إضافة الشيء إلى نعته كقولهم‏:‏ مسجد الجامع؛ قال الفراء قال البصريون‏:‏ وعدكم وعد اليوم الحق أو وعدكم وعد الوعد الحق فصدقكم؛ فحذف المصدر لدلالة الحال‏.‏ ‏{‏وما كان لي عليكم من سلطان‏}‏ أي من حجة وبيان؛ أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزينته لكم في الدنيا، ‏{‏إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي‏}‏ أي أغويتكم فتابعتموني‏.‏ وقيل‏:‏ لم أقهركم على ما دعوتكم إليه‏.‏ {‏إلا أن دعوتكم‏}‏ هو استثناء منقطع؛ أي لكن دعوتكم بالوسواس فاستجبتم لي باختياركم، ‏{‏فلا تلوموني ولوموا أنفسكم‏}‏ وقيل‏{‏وما كان لي عليكم من سلطان‏}‏ أي على قلوبكم وموضع إيمانكم لكن دعوتكم فاستجبتم لي؛ وهذا على أنه خطب العاصي المؤمن والكافر الجاحد؛ وفيه نظر؛ لقوله‏ {‏لما قضي الأمر‏}‏ فإنه يدل على أنه خطب الكفار دون العاصين الموحدين؛ والله أعلم‏.‏ ‏{‏فلا تلوموني ولوموا أنفسكم‏}‏ إذا جئتموني من غير حجة‏.‏ {‏ما أنا بمصرخكم‏}‏ أي بمغيثكم‏.‏ ‏{‏وما أنتم بمصرخي‏}‏ أي بمغيثي‏.‏ والصارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النصرة والمعاونة، والمصرخ هو المغيث‏.‏ قال سلامة بن جندل‏: كنا إذا ما أتانا صارخ فزع ** وكان الصراخ له قرع الظنابيب وقال أمية بن أبي الصلت‏:‏ ولا تجزعوا إني لكم غير مصرخ ** وليس لكم عندي غناء ولا نصر يقال‏:‏ صرخ فلان أي استغاث يصرخ صرخا وصراخا وصرخة‏.‏ واصطرخ بمعنى صرخ‏.‏ والتصرخ تكلف الصراخ‏.‏ والمصرخ المغيث، والمستصرخ المستغيث؛ تقول منه‏:‏ استصرخني فأصرخته‏.‏ والصريخ صوت المستصرخ‏.‏ والصريخ أيضا الصارخ، وهو المغيث والمستغيث، وهو من الأضداد؛ قاله الجوهري‏.‏ وقراءة العامة {‏بمصرخي‏}‏ بفتح الياء‏.‏ وقرأ الأعمش وحمزة ‏"‏بمصرخي‏"‏ بكسر الياء‏.‏ والأصل فيها بمصرخيين فذهبت النون للإضافة، وأدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة، فمن نصب فلأجل التضعيف، ولأن ياء الإضافة إذا سكن ما قبلها تعين فيها الفتح مثل‏:‏ هواي وعصاي، فإن تحرك ما قبلها جاز الفتح والإسكان، مثل‏:‏ غلامي وغلامتي، ومن كسر فلالتقاء الساكنين حركت إلى الكسر، لأن الياء أخت الكسرة‏.‏ وقال الفراء‏:‏ قراءة حمزة وهم منه، وقل من سلم منهم عن خطأ‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ هذه قراءة رديئة ولا وجه لها إلا وجه ضعيف‏.‏ وقال قطرب‏:‏ هذه لغة بني يربوع يزيدون على ياء الإضافة ياء‏.‏ القشيري‏:‏ والذي يغني عن هذا أن ما يثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن يقال فيه هو خطأ أو قبيح أو رديء، بل هو في القرآن فصيح، وفيه ما هو أفصح منه، فلعل هؤلاء أرادوا أن غير هذا الذي قرأ به حمزة أفصح‏.‏ ‏{‏إني كفرت بما أشركتموني من قبل‏}‏ أي كفرت بإشراككم إياي مع الله تعالى في الطاعة؛ فـ ‏{‏ما‏}‏ بمعنى المصدر‏.‏ وقال ابن جريج‏:‏ إني كفرت اليوم بما كنتم تدعونه في الدنيا من الشرك بالله تعالى‏.‏ قتادة‏:‏ إني عصيت الله‏.‏ الثوري‏:‏ كفرت بطاعتكم إياي في الدنيا‏.‏ {‏إن الظالمين لهم عذاب أليم‏}‏‏.‏ وفي هذه الآيات رد على القدرية والمعتزلة والإمامية ومن كان على طريقهم؛ انظر إلى قول المتبوعين‏{‏لو هدانا الله لهديناكم‏}‏ وقول إبليس‏ {‏إن الله وعدكم وعد الحق‏}‏ كيف اعترفوا بالحق في صفات الله تعالى وهم في دركات النار؛ كما قال في موضع آخر‏ {‏كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها‏} [‏الملك‏:‏ 8‏]‏ إلى قوله‏ {‏فاعترفوا بذنبهم‏} [‏الملك‏:‏ 11‏]‏ واعترافهم في دركات لظى بالحق ليس بنافع، وإنما ينفع الاعتراف صاحبه في الدنيا؛ قال الله عز وجل‏{‏وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم‏}[‏التوبة‏:‏ 102‏]‏ و‏{‏عسى‏}‏ من الله واجبة‏.‏

التفسير الميسّر:

وخرجت الخلائق من قبورهم، وظهروا كلهم يوم القيامة لله الواحد القهار؛ ليحكم بينهم، فيقول الأتباع لقادتهم: إنَّا كنَّا لكم في الدنيا أتباعًا، نأتمر بأمركم، فهل أنتم -اليوم- دافعون عنا من عذاب الله شيئًا كما كنتم تَعِدوننا؟ فيقول الرؤساء: لو هدانا الله إلى الإيمان لأرشدناكم إليه، ولكنه لم يوفقنا، فضللنا وأضللناكم، يستوي علينا وعليكم الـجَزَع والصبر عليه، فليس لنا مهرب من العذاب ولا منجى.

تفسير السعدي

{ وَبَرَزُوا } أي: الخلائق { لِلَّهِ جَمِيعًا } حين ينفخ في الصور فيخرجون من الأجداث إلى ربهم فيقفون في أرض مستوية قاع صفصف، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ويبرزون له لا يخفى [عليه] منهم خافية، فإذا برزوا صاروا يتحاجون، وكل يدفع عن نفسه، ويدافع ما يقدر عليه، ولكن أني لهم ذلك؟

فيقول { الضُّعَفَاءُ } أي: التابعون والمقلدون { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } وهم: المتبوعون الذين هم قادة في الضلال: { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أي: في الدنيا، أمرتمونا بالضلال، وزينتموه لنا فأغويتمونا، { فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } أي: ولو مثقال ذرة، { قَالُوا } أي: المتبوعون والرؤساء { أغويناكم كما غوينا } و { لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ } فلا يغني أحد أحدا، { سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا } من العذاب { أَمْ صَبَرْنَا } عليه، { مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ } أي: من ملجأ نلجأ إليه، ولا مهرب لنا من عذاب الله.


تفسير البغوي

قوله عز وجل : ( وبرزوا لله جميعا ) [ أي : خرجوا من قبورهم إلى الله وظهروا جميعا ] ( فقال الضعفاء ) يعني : الأتباع ( للذين استكبروا ) أي : تكبروا على الناس وهم القادة والرؤساء : ( إنا كنا لكم تبعا ) جمع تابع ، مثل : حرس وحارس ( فهل أنتم مغنون ) دافعون ( عنا من عذاب الله من شيء ) .

( قالوا ) يعني القادة المتبوعين : ( لو هدانا الله لهديناكم ) أي : لو هدانا الله لدعوناكم إلى الهدى ، فلما أضلنا دعوناكم إلى الضلالة ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) مهرب ولا منجاة .

قال مقاتل : يقولون في النار : تعالوا نجزع ، فيجزعون خمسمائة عام ، فلا ينفعهم الجزع ، ثم يقولون : تعالوا نصبر ، فيصبرون خمسمائة عام فلا ينفعهم ، فحينئذ يقولون : ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) .

قال محمد بن كعب القرظي بلغني أن أهل النار استغاثوا بالخزنة . فقال الله تعالى : ( وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ) ( غافر - 49 ) ، فردت الخزنة عليهم : " أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى " ، فردت الخزنة عليهم : ( فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) ( غافر - 50 ) فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا : ( يا مالك ليقض علينا ربك ) ( الزخرف - 77 ) سألوا الموت ، فلا يجيبهم ثمانين سنة والسنة ستون وثلاثمائة يوما ، واليوم كألف سنة مما تعدون ، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين إنكم ماكثون ، فلما يئسوا مما قبله قال بعضهم لبعض : إنه قد نزل بكم من البلاء ما ترون فهلموا فلنصبر ، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم ، فأجمعوا على الصبر ، فطال صبرهم ، ثم جزعوا فنادوا : " سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص " ، أي : من منجى .

قال : فقام إبليس عند ذلك فخطبهم ، فقال : " إن الله وعدكم وعد الحق " الآية ، فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم فنودوا : ( لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ) ( غافر - 10 ) قالوا فنادوا الثانية : " فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون " ، فرد عليهم : ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) الآيات ( السجدة - 12 ، 13 ) فنادوا الثالثة : ( ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ) ( إبراهيم 44 ) ، فرد عليهم : ( أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ) الآيات ( إبراهيم - 44 ) ، ثم نادوا الرابعة : ( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل ) فرد عليهم : ( أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير ) ، الآية ( فاطر - 37 ) قال : فمكث عليهم ما شاء الله ، ثم ناداهم : " ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون " ، فلما سمعوا ذلك قالوا : الآن يرحمنا ، فقالوا عند ذلك : " ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " ، قال عند ذلك : ( اخسئوا فيها ولا تكلمون ) ( المؤمنون 105 - 108 ) فانقطع عند ذلك الرجاء والدعاء عنهم ، فأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجوه بعض ، وأطبقت عليهم النار .


الإعراب:

(وَبَرَزُوا) الواو حرف استئناف وماض وفاعله والجملة مستأنفة (لِلَّهِ) لفظ الجلالة مجرور باللام متعلقان ببرزوا (جَمِيعاً) حال (فَقالَ الضُّعَفاءُ) الفاء عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة (لِلَّذِينَ) موصول متعلقان بقال (اسْتَكْبَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (إِنَّا) إن واسمها والجملة مقول القول (كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) كان واسمها وخبرها والجار والمجرور متعلقان بتبعا والجملة خبر إنا (فَهَلْ) الفاء حرف استئناف وهل حرف استفهام (أَنْتُمْ مُغْنُونَ) مبتدأ وخبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة مستأنفة (عَنَّا) متعلقان بمغنون (مِنْ عَذابِ) متعلقان بمغنون (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (مِنْ شَيْءٍ) من حرف جر زائد وشيء مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به لاسم الفاعل مغنون (قالُوا) ماض وفاعله والجملة مستأنفة (لَوْ) حرف شرط غير جازم (هَدانَا) ماض ومفعوله (اللَّهِ) لفظ الجلالة فاعل والجملة ابتدائية لا محل لها (لَهَدَيْناكُمْ) اللام واقعة في جواب الشرط وفعل ماض وفاعله ومفعوله والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (سَواءٌ) مبتدأ (عَلَيْنا) الجار والمجرور متعلقان بسواء (أَجَزِعْنا) الهمزة للتسوية وماض وفاعله والجملة من همزة التسوية وما بعدها مقول القول (أَمْ) عاطفة (صَبَرْنا) معطوف على جزعنا (ما لَنا) ما تعمل عمل ليس ولنا متعلقان بالخبر المقدم (مِنْ مَحِيصٍ) من حرف جر زائد ومحيص اسم ما مجرور لفظا مرفوع محلا والجملة مقول القول.

---

Traslation and Transliteration:

Wabarazoo lillahi jameeAAan faqala aldduAAafao lillatheena istakbaroo inna kunna lakum tabaAAan fahal antum mughnoona AAanna min AAathabi Allahi min shayin qaloo law hadana Allahu lahadaynakum sawaon AAalayna ajaziAAna am sabarna ma lana min maheesin

بيانات السورة

اسم السورة سورة ابراهيم (Ibrahim - Abrahim)
ترتيبها 14
عدد آياتها 52
عدد كلماتها 831
عدد حروفها 3461
معنى اسمها (إِبْرَاهِيمُ عليه السلام): أَبُو الأَنْبِيَاءِ، يَنْتَهِي نَسَبُهُ إِلَى سَامِ بنِ نُوحٍ عليه السلام، وَهُوَ مِن أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ أَدْعِيَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فِي سَبْعِ آيَاتٍ دُونَ ذِكْرِ قِصَّتِهِ كَمَا فِي بَقِيَّةِ السُّوَرِ
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (إِبرَاهِيمَ عليه السلام)
مقاصدها ذِكْرُ قِصَّةِ الرُّسُلِ عَلَيهِمُ السَّلَامِ، وَتَصْويرُ مَشَاهِدِ الخَيرِ وَالشَّرِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَوْ فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا
فضلها هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (إِبْرَاهِيمَ عليه السلام) بِآخِرِهَا: بَيَانُ مُهِمَّةِ الرَّسُولِ ﷺ بِالْقُرْآنِ الكَرِيمِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ ...١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿هَٰذَا بَلَٰغٞ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِۦ ...٥٢﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (إِبْرَاهِيمَ عليه السلام) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الرَّعْدِ): ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الكِتَابَ فِي آخِرِ (الرَّعْدِ) فَقَالَ ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ ٤٣﴾، وَذَكَرَهُ فِي مُفْتَتَحِ سُورَةِ (إِبْرَاهِيمَ عليه السلام) فَقَالَ: ﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ ... ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!