موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنبياء: [الآية 104]

سورة الأنبياء
يَوْمَ نَطْوِى ٱلسَّمَآءَ كَطَىِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُۥ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَآ ۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ ﴿104﴾

تفسير الجلالين:

«يوم» منصوب باذكر مقدراً قبله «نطوي السماء كطي السجل» اسم ملك «للكتاب» صحيفة ابن آدم عند موته واللام زائدة أو السجل الصحيفة والكتاب بمعنى المكتوب واللام بمعنى على وفي قراءة للكتب جمعاً «كما بدأنا أول خلق» من عدم «نُعيده» بعد إعدامه فالكاف متعلقة بنعيد وضميره عائد إلى أول وما مصدرية «وعداً علينا» منصوب بوعدنا مقدراً قبله وهو مؤكد لمضمون ما قبله «إنا كنا فاعلين» ما وعدناه.

تفسير الشيخ محي الدين:

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (111) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (112 (

[ "قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ " ]

«قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي الحق الذي شرعت لنا ليثبت صدقي عند من أرسلتني إليهم فيما أرسلتني به ، فجاء بلفظ يدل على أنه وقع فقال تعالى مخبرا «قالَ» وهو عند العامة ما وقع ، فإنه يوم القيامة ، وما أخبر اللّه إلا بالواقع ، فلا بد أن يكون ثم حضرة إلهية فيها وقوع الأشياء دائما ، لا يتقيد بالماضي فيقال قد وقعت ، ولا بالمستقبل فيقال تقع ، ولكن


متعلقها الحال الدائم ، والحال له الوجود ، ومن هذه الحضرة الإلهية عنها تقع الإخبارات بالماضي والمستقبل ، والألف واللام في الحق للحق المعهود الذي بعث به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فإن اللّه لا يعاملنا إلا بما شرع لنا لا بغير ذلك ، ألا تراه قد أمر نبيه صلّى اللّه عليه وسلم أن يسأله يوم القيامة أن يحكم بالحق الذي بعثه به بين عباده وبيده ، فقال تعالى آمرا «قل» يا محمد ، وهي قراءة «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» أي فليكن حكمك في الأمم يوم القيامة بما شرعت لهم وبعثتنا به إليهم .

فإن ذلك مما يراد ، فإنك ما أرسلتنا إلا بما تريد حتى يثبت صدقنا عندهم ، وتقوم الحجة عليهم إذا حكم الحق في كل أمة بما أرسل به نبيه إليهم ، وبهذا تكون للّه الحجة البالغة ، فما حكم إلا بما شرع وأمر عبده أن يسأله تعالى في ذلك حتى يكون حكمه فيه عن سؤال عبده ، كما كان حكم العبد بما قيده من الشرع عن أمر ربه ، وأكثر من هذا التنزل الإلهي إلى العباد ما يكون ، وهل يحكم اللّه إلا بالحق ، فجعل الحق نفسه في هذه الآية مأمورا لنبيه عليه السلام ، فإن لفظة احكم أمر ، وأمره سبحانه أن يقول له ذلك ، فإن اللّه ما يعامل العبد بأمر إلا قد عامل به نفسه ، فأوجب على نفسه كما أوجب عليك ، ودخل لك تحت العهد كما أدخلك تحت العهد ، فما أمرك بشيء إلّا وقد جعل على نفسه مثل ذلك ، هذا لتكون له الحجة البالغة ، ووفى بكل ما أوجبه على نفسه ، وطلب منك الوفاء بما أوجبه عليك ،

أليس هذا من لطفه ؟ أليس هذا من كرمه ؟

ألا تراه تعالى لما قال لنبيه داود «فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوىقال تعالى جبرا لقلب خلفائه «قل» يا محمد «رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ» فيحكم بنفسه تعالى بالحق الذي بعث به رسله ليصدقهم عند عبيده فعلا بحكمه ، كما صدقهم في حال احتجابه بما أيدهم به من الآيات ، ولما كان الأصل في الحكم المشروع غلبة الظنّ ،

فإن الحاكم لا يحكم إلا بشهادة الشاهد ، وهو ليس قاطعا فيما شهد به من ذلك ، فما اختلف العلماء في حكم الحاكم بين الخصمين بغلبة الظن ، واختلفوا في حكمه بعلمه ، فكانت غلبة الظن في هذا النوع أصلا متفقا عليه ويرجع إليه ،

وكان العلم في ذلك مختلفا فيه ، والحق تعالى وإن لم يكن عنده إلا العلم فإنه يحكم بالشهود ، ولذلك جاء «قل رب احكم بالحق» أي بما شرعت لي وأرسلتني به ، فمع علمه تعالى يقيم على خلقه يوم القيامة الشهود ، فلا يعاقبهم إلا بعد إقامة البينة عليهم مع علمه ، وبهذا قال من قال : إنه ليس للحاكم أن يحكم بعلمه ، أما في العالم فللتهمة بما له


من الغرض ، وأما في جانب الحق فلإقامة الحجة على المحكوم عليه ، حتى لا يأخذه في الآخرة إلا بما شرع له من الحكم في الدنيا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلم ، ولهذا يقول الرسول لربه عن أمر ربه" رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ "

يعني بالحق الذي بعثتني به وشرعت لي أن أحكم به فيهم «وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» لولا ما هو الرحمن ما اجترأ العبد أن يقول رب احكم بالحق ، فإنه تعالى ما يحكم إلا بالحق

- الوجه الثاني -جعل اللّه في الوجود كتابين ، كتابا سماه أمّا ، فيه ما كان قبل إيجاده وما يكون ، كتبه بحكم الاسم المقيت ، فهو كتاب ذو قدر معلوم فيه بعض أعيان الممكنات وما يتكون عنها ،

وكتابا آخر ليس فيه سوى ما يتكون عن المكلفين خاصة ، فلا تزال الكتابة فيه ما دام التكليف ، وبه تقوم الحجة للّه على المكلفين ، وبه يطالبهم لا بالأم ، وهذا هو الإمام الحق المبين الذي يحكم به الحق تعالى الذي أخبرنا اللّه في كتابه أنه أمر نبيه أن يقول لربه «احْكُمْ بِالْحَقِّ» ، يريد هذا الكتاب ،

وهو كتاب الإحصاء فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وكل صغير وكبير مستطر ، وهو منصوص عليه في الأم .

(22) سورة الحج مدنيّة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

------------

(112) الفتوحات ج 2 / 52 ، 92 - ج 4 / 235 - ج 2 / 92 - ج 1 / 579">579 - ج 4 / 235 - ج 1 / 579">579 - ج 3 / 364 ، 76 ، 364 -ح 4 / 26 - ج 1 / 597 - ج 3 / 476 - ج 4 / 54 - ج 3 / 112

تفسير ابن كثير:

يقول تعالى : هذا كائن يوم القيامة ، ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) كما قال تعالى : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) [ الزمر : 67 ] وقد قال البخاري :

حدثنا مقدم بن محمد ، حدثني عمي القاسم بن يحيى ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين ، وتكون السماوات بيمينه " .

انفرد به من هذا الوجه البخاري ، رحمه الله .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي الواصل ، عن أبي المليح الأزدي ، عن أبي الجوزاء الأزدي ، عن ابن عباس قال : يطوي الله السماوات السبع بما فيها من الخليقة والأرضين السبع بما فيها من الخليقة ، يطوي ذلك كله بيمينه ، يكون ذلك كله في يده بمنزلة خردلة .

وقوله : ( كطي السجل للكتب ) ، قيل : المراد بالسجل [ الكتاب . وقيل : المراد بالسجل ] هاهنا : ملك من الملائكة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا يحيى بن يمان ، حدثنا أبو الوفاء الأشجعي ، عن أبيه ، عن ابن عمر في قوله تعالى : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) ، قال : السجل : ملك ، فإذا صعد بالاستغفار قال : اكتبها نورا .

وهكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن ابن يمان ، به .

قال ابن أبي حاتم : وروي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين أن السجل ملك .

وقال السدي في هذه الآية : السجل : ملك موكل بالصحف ، فإذا مات الإنسان رفع كتابه إلى السجل فطواه ، ورفعه إلى يوم القيامة .

وقيل : المراد به اسم رجل صحابي ، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا نوح بن قيس ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس : [ ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) ] ، قال : السجل : هو الرجل .

قال نوح : وأخبرني يزيد بن كعب - هو العوذي - عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم .

وهكذا رواه أبو داود والنسائي عن قتيبة بن سعيد ، عن نوح بن قيس ، عن يزيد بن كعب ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ، قال : السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم .

ورواه ابن جرير عن نصر بن علي الجهضمي ، كما تقدم . ورواه ابن عدي من رواية يحيى بن عمرو بن مالك النكري عن أبيه ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم كاتب يسمى السجل وهو قوله : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) ، قال : كما يطوي السجل الكتاب ، كذلك نطوي السماء ، ثم قال : وهو غير محفوظ .

وقال الخطيب البغدادي في تاريخه : أنبأنا أبو بكر البرقاني ، أنبأنا محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي ، أنبأنا أحمد بن الحسن الكرخي ، أن حمدان بن سعيد حدثهم ، عن عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : السجل : كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم .

وهذا منكر جدا من حديث نافع عن ابن عمر ، لا يصح أصلا وكذلك ما تقدم عن ابن عباس ، من رواية أبي داود وغيره ، لا يصح أيضا . وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه - وإن كان في سنن أبي داود - منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي ، فسح الله في عمره ، ونسأ في أجله ، وختم له بصالح عمله ، وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدة ، ولله الحمد . وقد تصدى الإمام أبو جعفر ابن جرير للإنكار على هذا الحديث ، ورده أتم رد ، وقال : لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل ، وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم معروفون ، وليس فيهم أحد اسمه السجل ، وصدق رحمه الله في ذلك ، وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث . وأما من ذكر في أسماء الصحابة هذا ، فإنما اعتمد على هذا الحديث ، لا على غيره ، والله أعلم . والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة ، قاله علي بن أبي طلحة والعوفي ، عنه . ونص على ذلك مجاهد ، وقتادة ، وغير واحد . واختاره ابن جرير; لأنه المعروف في اللغة ، فعلى هذا يكون معنى الكلام : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) أي : على [ هذا ] الكتاب ، بمعنى المكتوب ، كقوله : ( فلما أسلما وتله للجبين ) [ الصافات : 103 ] ، أي : على الجبين ، وله نظائر في اللغة ، والله أعلم .

وقوله : ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) يعني : هذا كائن لا محالة ، يوم يعيد الله الخلائق خلقا جديدا ، كما بدأهم هو القادر على إعادتهم ، وذلك واجب الوقوع ، لأنه من جملة وعد الله الذي لا يخلف ولا يبدل ، وهو القادر على ذلك . ولهذا قال : ( إنا كنا فاعلين ) .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع وابن جعفر المعنى ، قالا : حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال : " إنكم محشورون إلى الله عز وجل حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده ، وعدا علينا إنا كنا فاعلين " ; وذكر تمام الحديث ، أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة . ورواه البخاري عند هذه الآية في كتابه .

وقد روى ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحو ذلك .

وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( كما بدأنا أول خلق نعيده ) قال : نهلك كل شيء ، كما كان أول مرة .


تفسير الطبري :

قوله تعالى{يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} قرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح والأعرج والزهري {تُطوى} بتاء مضمومة {السماء} رفعا على ما لم يسم فاعله. مجاهد {يطوي} على معنى يطوي الله السماء. الباقون {نطوي} بنون العظمة. وانتصاب {يوم} على البدل من الهاء المحذوفة في الصلة؛ التقدير : الذي كنتم توعدونه يوم نطوي السماء. أو يكون منصوبا بـ {نعيد} من قول {كما بدأنا أول خلق نعيده}. أو بقول{لا يحزنهم} أي لا يحزنهم الفزع الأكبر في اليوم الذي نطوي فيه السماء. أو على إضمار واذكر، وأراد بالسماء الجنس؛ دليله{والسموات مطويات بيمنه}[الزمر : 67]. {كطي السجل للكتاب} قال ابن عباس ومجاهد : أي كطي الصحيفة على ما فيها؛ فاللام بمعنى {على}. وعن ابن عباس أيضا اسم كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بالقوي؛ لأن كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفون ليس هذا منهم، ولا في أصحابه من اسمه السجل. وقال ابن عباس أيضا وابن عمر والسدي{السجل} ملك، وهو الذي يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه. ويقال : إنه في السماء الثالثة، ترفع إليه أعمال العباد، يرفعها إليه الحفظة الموكلون بالخلق في كل خميس واثنين، وكان من أعوانه فيما ذكروا هاروت وماروت. والسجل الصك، وهو اسم مشتق من السجالة وهي الكتابة؛ وأصلها من السجل وهو الدلو؛ تقول : ساجلت الرجل إذا نزعت دلوا ونزع دلوا، ثم استعيرت فسميت المكاتبة والمراجعة مساجلة. وقد سجل الحاكم تسجيلا. وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب : من يساجلني يساجل ماجدا ** يملأ الدلو إلى عقد الكرب ثم بني هذا الاسم على فعل مثل حمر وطمر وبلي. وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جرير {كطي السجل} بضم السين والجيم وتشديد اللام. وقرأ الأعمش وطلحة {كطي السجل} بفتح السين وإسكان الجيم وتخفيف اللام. قال النحاس : والمعنى واحد إن شاء الله تعالى. والتمام عند قوله{للكتاب}. والطي في هذه الآية يحتمل معنيين : أحدهما : الدرج الذي هو ضد النشر، قال الله تعالى{والسموات مطويات بيمينه}[الزمر : 67]. والثاني : الإخفاء والتعمية والمحو؛ لأن الله تعالى يمحو ويطمس رسومها ويكدر نجومها. قال الله تعالى{إذا الشمس كورت. وإذا النجوم انكدرت}[التكوير : 1 - 2] {وإذا السماء كشطت}[التكوير : 11]. {للكتاب} وتم الكلام. وقراءة الأعمش وحفص وحمزة والكسائي ويحي وخلف{للكتب} جمعا ثم استأنف الكلام فقال{كما بدأنا أول خلق نعيده} أي نحشرهم حفاة عراة غرلا كما بدؤوا في البطون. وروى النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلا أول الخلق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام - ثم قرأ - {كما بدأنا أول خلق نعيده} أخرجه مسلم أيضا عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال : (يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام) وذكر الحديث. وقد ذكرنا هذا الباب في كتاب {التذكرة} مستوفى. وذكر سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبدالله بن مسعود قال : يرسل الله عز وجل ماء من تحت العرش كمني الرجال فتنبت منه لحمانهم وجسمانهم كما تنبت الأرض بالثرى. وقرأ {كما بدأنا أول خلق نعيده}. وقال ابن عباس : المعنى. نهلك كل شيء ونفنيه كما كان أول مرة؛ وعلى هذا فالكلام متصل بقوله{يوم نطوي السماء} أي نطويها فنعيدها إلى الهلاك والفناء فلا تكون شيئا. وقيل : نفني السماء ثم نعيدها مرة أخرى بعد طيها وزوالها؛ كقول{يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات}[إبراهيم : 48] والقول الأول أصح وهو نظير قوله{ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة}[الأنعام : 94] وقوله عز وجل{وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة} {وعدا} نصب على المصدر؛ أي وعدنا وعدا {علينا} إنجازه والوفاء به أي من البعث والإعادة ففي الكلام حذف. ثم أكد ذلك بقول جل ثناؤه{إنا كنا فاعلين} قال الزجاج : معنى {إنا كنا فاعلين} إنا كنا قادرين على ما نشاء. وقيل {إنا كنا فاعلين} أي ما وعدناكم وهو كما قال{كان وعده مفعولا}[المزمل : 18]. وقيل{كان} للإخبار بما سبق من قضائه. وقيل : صلة.

التفسير الميسّر:

لا يخيفهم الهول العظيم يوم القيامة، بل تبشرهم الملائكة: هذا يومكم الذي وُعِدتُم فيه الكرامة من الله وجزيل الثواب. يوم نطوي السماء كما تُطْوى الصحيفة على ما كُتب فيها، ونبعث فيه الخلق على هيئة خَلْقنا لهم أول مرة كما ولدتهم أمهاتهم، ذلك وعد الله الذي لا يتخلَّف، وَعَدْنا بذلك وعدًا حقًا علينا، إنا كنا فاعلين دائمًا ما نَعِدُ به.

تفسير السعدي

يخبر تعالى أنه يوم القيامة يطوي السماوات - على عظمها واتساعها - كما يطوي الكاتب للسجل أي: الورقة المكتوب فيها، فتنثر نجومها، ويكور شمسها وقمرها، وتزول عن أماكنها { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ } أي: إعادتنا للخلق، مثل ابتدائنا لخلقهم، فكما ابتدأنا خلقهم، ولم يكونوا شيئا، كذلك نعيدهم بعد موتهم.

{ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } ننفذ ما وعدنا، لكمال قدرته، وأنه لا تمتنع منه الأشياء.


تفسير البغوي

( يوم نطوي السماء ) قرأ أبو جعفر : " تطوى " بالتاء وضمها وفتح الواو و " السماء " رفع على المجهول وقرأ العامة بالنون وفتحها وكسر الواو ، و " السماء " نصب ، ( كطي السجل للكتب ) قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم للكتب على الجمع وقرأ الآخرون للكتاب على الواحد واختلفوا في السجل فقال السدي : السجل ملك يكتب أعمال العباد واللام زائدة أي كطي السجل للكتب كقوله ( ردف لكم ) ( النمل 72 ) ، اللام فيه زائدة وقال ابن عباس ومجاهد والأكثرون : السجل الصحيفة للكتب أي لأجل ما كتب معناه كطي الصحيفة على مكتوبها ، والسجل اسم مشتق من المساجلة وهي المكاتبة والطي هو الدرج الذي هو ضد النشر ( كما بدأنا أول خلق نعيده ) أي كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا كذلك نعيدهم يوم القيامة نظيره قوله تعالى : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ) ( الأنعام 94 ) ، وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنكم محشورون حفاة عراة غرلا " ثم قرأ : ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) يعني الإعادة والبعث .


الإعراب:

(يَوْمَ) ظرف زمان متعلق بفعل اذكر المحذوف (نَطْوِي) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل فاعله مستتر والجملة مضاف إليه (السَّماءَ) مفعول به (كَطَيِّ) متعلقان بمحذوف مفعول مطلق والتقدير طيا (السِّجِلِّ) مضاف إليه (لِلْكُتُبِ) متعلقان بالمصدر (كَما) الكاف حرف جر (ما) موصولية أو مصدرية (بَدَأْنا) ماض وفاعله والجملة صلة (أَوَّلَ) مفعول به (خَلْقٍ) مضاف إليه (نُعِيدُهُ) فعل مضارع ومفعوله وفاعله مستتر (وَعْداً) مفعول مطلق لفعل محذوف (عَلَيْنا) متعلقان بوعدا (إِنَّا) إن واسمها (كُنَّا) كان واسمها وجملة كنا إلخ خبر إن وإن واسمها وخبرها جملة مستأنفة (فاعِلِينَ) خبر كان المنصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

---

Traslation and Transliteration:

Yawma natwee alssamaa katayyi alssijlli lilkutubi kama badana awwala khalqin nuAAeeduhu waAAdan AAalayna inna kunna faAAileena

بيانات السورة

اسم السورة سورة الأنبياء (Al-Anbiyaa - The Prophets)
ترتيبها 21
عدد آياتها 112
عدد كلماتها 1174
عدد حروفها 4925
معنى اسمها (الأَنْبِيَاءُ): جَمْعُ (نَبِيٍّ)، وَهُوَ مَنْ أُوْحِيَ إِلَيهِ لِتَقْرِيرِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ، وَالرَّسُولُ: مَنْ أُوْحِيَ إِلَيهِ بِشَرْعٍ جَدِيدٍ
سبب تسميتها لَمْ تُذْكَرْ مُفْرَدَةُ (الأَنْبِيَاءِ) فِي السُّورَة، وَلَكِنَّهَا انْفَرَدَتْ بِذِكْرِ قَصَصِ سِتَّةَ عَشْرَ نَبِيًّا؛ فَسُمِّيَتْ بِهِم (1)
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الأَنْبِيَاءِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ ﴿ٱقۡتَرَبَ﴾
مقاصدها بَيَانُ مُهِمَّةِ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، وَرِعَايَةِ اللهِ وَلُطْفِهِ بِهِم
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، فَعَنِ ابْنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: فِي (بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ، وَطَهَ، وَالأنْبِيَاءِ) - «هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي». (رَوَاهُ البُخَارِيّ)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الأَنْبِيَاءَ عليه السلام) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ السَّاعَةِ وَعَلامَاتِهَا، فقَالَ تَعَالَى فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ ١٠٣﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الأَنْبِيَاءَ عليه السلام) لِمَا قََبْلَهَا مِنْ سُورَةِ (طَهَ): لَمَّا خَتَمَ سُبحَانَهُ (طَهَ) بِذِكْرِ أَهْلِ الاسْتِقَامَةِ وَالهِدَايَةِ بِقَولِهِ: ﴿فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ ١٣٥﴾ افْتَتَحَ (الأَنْبِيَاءَ) بِذِكْرِ الغافلينَ عَنِ الهِدايَةِ، فَقَالَ: ﴿ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!