المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المؤمنون: [الآية 70]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة المؤمنون | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)
[ «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» ]
فأمر نبيه أن يقول «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» هذه الفرق التي وفّت النظر استطاعتها التي آتيتها ، فلم تصل إلا إلى التعطيل أو الشرك «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» فإنهم ما تعدوا ما آتاهم اللّه ، فيشفع هنا فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من حيث لا يشعرون ، فإذا نالتهم السعادة بالخروج من النار ، وقد غفر لهم اللّه بسؤال الرسول فيهم إذ قال «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» حين أمره اللّه بذلك ، وما أمره بهذا الدعاء إلا ليجيبه ، فأجابه في ذلك ، فعرفوا قدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند ذلك إذا دخلوا الجنة ، فينتمون إليه فيها لأنه السيد الأكبر ، وهذا الدعاء يعم كل من هو بهذه المثابة من وقت آدم إلى نفخة الصعق ، لأنه ما خصص في دعوته إلا من هذه صفته ، ومن ينبغي أن يرحم ويغفر له ، فكل موحد للّه ولو بدليله وإن لم يكن مؤمنا ففي الجنة ، يدخله اللّه خاصة لا غيره ، ويشفع المؤمنون والأنبياء في أهل الكبائر من أهل الإيمان ، لأن الأنبياء بعثت بالخير وهو الإيمان ، والموحدون الذين لم يؤمنوا لكونهم ما بعث إليهم رسول ، أو كانوا في فترة ، فهم الذين يحشر كل واحد منهم أمة وحده ، فإن بعث في أمة - هو فيهم - رسول فلم يؤمن به مع علمه بأحدية خالقه دخل النار ، فما يخرج منها إلا بإخراج خالقه ، لأن الخلود في النار لا يكون بالنص لأهل التوحيد بأي وجه حصل لهم ، قال صلّى اللّه عليه وسلم [ من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللّه دخل الجنة ]
ولم يقل يقول ولا يؤمن ، وإنما ذكر العلم خاصة ، فلا يبقى في النار إلا مشرك أو معطل لا عن شبهة ولا عن نظر مستوف في النظر قوته ، فلم يبق في النار إلا المقلدة الذين كان في قوتهم واستعدادهم أن ينظروا فما نظرو
- مسئلة -قوله تعالى : «خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» من باب المفاضلة ، فمعلوم أنه ما يرحم أحد من المخلوقين أحدا إلا بالرحمة التي أوجدها الرحمن فيه ، فهي رحمته تعالى ، لا رحمتهم ، ظهرت
في صورة مخلوق ، كما قال في [ سمع اللّه لمن حمده ] أن ذلك القول هو قول اللّه على لسان عبده ، فقوله تعالى الذي سمعه موسى أتم في الشرف من قوله تعالى على لسان قائل ، فوقع التفاضل بالمحل الذي سمع منه القول المعلوم أنه قول اللّه ،
وكذلك أيضا رحمته من حيث ظهورها من مخلوق أدنى من رحمته بعبده في غير صورة مخلوق ، فتعيّن التفاضل والأفضلية بالمحال ، إلا أن رحمة اللّه بعبده في صورة المخلوق تكون عظيمة ، فإنه يرحم عن ذوق ، فيزيل برحمته ما يجده الراحم من الألم في نفسه من هذا المرحوم ، والحق ليس كذلك ، فرحمته خالصة لا يعود عليه منها إزالة ألم ، فهو خير الراحمين ، فرحمة المخلوق عن شفقة ورحمة اللّه مطلقة .
(24) سورة النّور مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(118) الفتوحات ج 3 / 285 ، 553تفسير ابن كثير:
وقوله : ( أم يقولون به جنة ) يحكي قول المشركين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تقول القرآن ، أي : افتراه من عنده ، أو أن به جنونا لا يدري ما يقول . وأخبر عنهم أن قلوبهم لا تؤمن به ، وهم يعلمون بطلان ما يقولونه في القرآن ، فإنه قد أتاهم من كلام الله ما لا يطاق ولا يدافع ، وقد تحداهم وجميع أهل الأرض أن يأتوا بمثله ، فما استطاعوا ولا يستطيعون أبد الآبدين; ولهذا قال : ( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ) يحتمل أن تكون هذه جملة حالية ، أي : في حال كراهة أكثرهم للحق ، ويحتمل أن تكون خبرية مستأنفة ، والله أعلم .
وقال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له : " أسلم " فقال الرجل : إنك لتدعوني إلى أمر أنا له كاره . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : " وإن كنت كارها " . وذكر لنا أنه لقي رجلا فقال له : " أسلم " فتصعده ذلك وكبر عليه ، فقال له نبي الله : " أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث ، فلقيت رجلا تعرف وجهه ، وتعرف نسبه ، فدعاك إلى طريق واسع سهل ، أكنت متبعه ؟ " قال : نعم . فقال : " فوالذي نفس محمد بيده ، إنك لفي أوعر من ذلك الطريق لو قد كنت عليه ، وإني لأدعوك إلى أسهل من ذلك لو دعيت إليه " . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له : " أسلم " فتصعده ذلك ، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : " أرأيت فتييك ، أحدهما إذا حدثك صدقك ، وإذا ائتمنته أدى إليك أهو أحب إليك ، أم فتاك الذي إذا حدثك كذبك وإذا ائتمنته خانك؟ " . قال : بل فتاي الذي إذا حدثني صدقني ، وإذا ائتمنته أدى إلي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كذاكم أنتم عند ربكم " .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } أي: جنون، فلهذا قال ما قال، والمجنون غير مسموع منه، ولا عبرة بكلامه، لأنه يهذي بالباطل والكلام السخيف.قال الله في الرد عليهم في هذه المقالة: { بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ } أي: بالأمر الثابت، الذي هو صدق وعدل، لا اختلاف فيه ولا تناقض، فكيف يكون من جاء به، به جنة؟! وهلا يكون إلا في أعلى درج الكمال، من العلم والعقل ومكارم الأخلاق، وأيضا فإن في هذا الانتقال مما تقدم، أي: بل الحقيقة التي منعتهم من الإيمان أنه جاءهم بالحق { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } وأعظم الحق الذي جاءهم به إخلاص العبادة لله وحده، وترك ما يعبد من دون الله، وقد علم كراهتهم لهذا الأمر وتعجبهم منه، فكون الرسول أتى بالحق، وكونهم كارهين للحق بالأصل، هو الذي أوجب لهم التكذيب بالحق لا شكا ولا تكذيبا للرسول، كما قال تعالى: { فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }
تفسير البغوي
( أم يقولون به جنة ) جنون ، وليس كذلك ، ( بل جاءهم بالحق ) يعني بالصدق والقول الذي لا تخفى صحته وحسنه على عاقل ، ( وأكثرهم للحق كارهون )
الإعراب:
(أَمْ) عاطفة (يَقُولُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة (بِهِ) متعلقان بخبر مقدم (جِنَّةٌ) مبتدأ مؤخر والجملة مقول القول (بَلْ) حرف إضراب (جاءَهُمْ) ماض ومفعوله وفاعله مستتر (بِالْحَقِّ) متعلقان بمحذوف حال (وَأَكْثَرُهُمْ) الواو حالية ومبتدأ والهاء مضاف اليه (لِلْحَقِّ) متعلقان بكارهون (كارِهُونَ) خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة حالية