المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الفرقان: [الآية 72]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الفرقان | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
«وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» شهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق ، فإن الزور هو الميل «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» أي لم ينظروا لما أسقط اللّه النظر إليه ، فلم يتدنسوا بشيء منه ، فمروا به غير ملتفتين إليه «كِراماً» فما أثر فيهم ، فإنه مقام تستحليه النفوس ، وتقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّه عليه ، وهذه هي النفوس الأبية أي التي تأبى الرذائل ،
فهي نفوس الكرام من عباد اللّه ، والتحقوا بهذه الصفة بالملإ الأعلى ، الذين قال اللّه فيهم : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) فنعتهم بأنهم كرام ، فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك .
------------
(72) الفتوحات ج 2 / 620 ، 37تفسير ابن كثير:
وهذه أيضا من صفات عباد الرحمن ، أنهم : ( لا يشهدون الزور ) قيل : هو الشرك وعبادة الأصنام . وقيل : الكذب ، والفسق ، واللغو ، والباطل .
وقال محمد بن الحنفية : [ هو ] اللهو والغناء .
وقال أبو العالية ، وطاوس ، ومحمد بن سيرين ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، وغيرهم : هي أعياد المشركين .
وقال عمرو بن قيس : هي مجالس السوء والخنا .
وقال مالك ، عن الزهري : [ شرب الخمر ] لا يحضرونه ولا يرغبون فيه ، كما جاء في الحديث : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " .
وقيل : المراد بقوله تعالى : ( لا يشهدون الزور ) أي : شهادة الزور ، وهي الكذب متعمدا على غيره ، كما [ ثبت ] في الصحيحين عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ثلاثا ، قلنا : بلى ، يا رسول الله ، قال : " الشرك بالله ، وعقوق الوالدين " . وكان متكئا فجلس ، فقال : " ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور [ ألا وقول الزور وشهادة الزور ] . فما زال يكررها ، حتى قلنا : ليته سكت .
والأظهر من السياق أن المراد : لا يشهدون الزور ، أي : لا يحضرونه; ولهذا قال : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) أي : لا يحضرون الزور ، وإذا اتفق مرورهم به مروا ، ولم يتدنسوا منه بشيء ; ولهذا قال : ( مروا كراما ) .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو الحسين العجلي ، عن محمد بن مسلم ، أخبرني إبراهيم بن ميسرة ، أن ابن مسعود مر بلهو معرضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد أصبح ابن مسعود ، وأمسى كريما " .
وحدثنا الحسن بن محمد بن سلمة النحوي ، حدثنا حبان ، أنا عبد الله ، أنا محمد بن مسلم ، أخبرني ابن ميسرة قال : بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضا فلم يقف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريما " . ثم تلا إبراهيم بن ميسرة : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } أي: لا يحضرون الزور أي: القول والفعل المحرم، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة، كالخوض في آيات الله والجدال الباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير، والصور ونحو ذلك، وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه.
وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الآية بالأولوية، { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } وهو الكلام الذي لا خير فيه ولا فيه فائدة دينية ولا دنيوية ككلام السفهاء ونحوهم { مَرُّوا كِرَامًا } أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه فإنه سفه ونقص للإنسانية والمروءة فربأوا بأنفسهم عنه.
وفي قوله: { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه، ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.
تفسير البغوي
( والذين لا يشهدون الزور ) قال الضحاك وأكثر المفسرين : يعني الشرك . وقال علي بن طلحة : يعني شهادة الزور . وكان عمر بن الخطاب : يجلد شاهد الزور أربعين جلدة ، ويسخم وجهه ، ويطوف به في السوق . وقال ابن جريج : يعني الكذب وقال مجاهد : يعني أعياد المشركين . وقيل : النوح قال قتادة : لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم . وقال محمد بن الحنفية : لا يشهدون اللهو والغناء . قال ابن مسعود : " الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع " . وأصل " الزور " تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته ، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق
( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) قال مقاتل : إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا وصفحوا ، وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد ، نظيره قوله : وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ( القصص - 55 ) ، قال السدي : وهي منسوخة بآية القتال قال الحسن والكلبي : " اللغو " : المعاصي كلها ، يعني إذا مروا بمجلس اللهو والباطل مروا كراما مسرعين معرضين . يقال : تكرم فلان عما يشينه إذا تنزه وأكرم نفسه عنه .
الإعراب:
(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) اسم الموصول مبتدأ ولا نافية ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والزور مفعوله والجملة مستأنفة (وَإِذا) الواو عاطفة وإذا ظرف يتضمن معنى الشرط (مَرُّوا) الجملة في محل جر بالإضافة (بِاللَّغْوِ) متعلقان بمروا (مَرُّوا كِراماً) ماض وفاعل وحال والجملة لا محل لأنها جواب شرط غير جازم.