«قل» يا محمد لأهل مكة «ما» نافية «يعبأ» يكترث «بكم ربي لولا دعاؤكم» إياه في الشدائد فيكشفها «فقد» أي فكيف يعبأ بكم وقد «كذبتم» الرسول والقرآن «فسوف يكون» العذاب «لزاما» ملازما لكم في الآخرة بعد ما يحلّ بكم في الدنيا، فقتل منهم يوم بدر سبعون وجواب لولا دلَّ عليه ما قبلها.
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
«وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» شهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق ، فإن الزور هو الميل «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» أي لم ينظروا لما أسقط اللّه النظر إليه ، فلم يتدنسوا بشيء منه ، فمروا به غير ملتفتين إليه «كِراماً» فما أثر فيهم ، فإنه مقام تستحليه النفوس ، وتقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّه عليه ، وهذه هي النفوس الأبية أي التي تأبى الرذائل ،
فهي نفوس الكرام من عباد اللّه ، والتحقوا بهذه الصفة بالملإ الأعلى ، الذين قال اللّه فيهم : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) فنعتهم بأنهم كرام ، فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك .
------------
(72) الفتوحات ج 2 /
620 ، 37
ثم قال تعالى : ( قل ما يعبأ بكم ربي ) أي : لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه; فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا .
وقال مجاهد ، وعمرو بن شعيب : ( ما يعبأ بكم ربي ) يقول : ما يفعل بكم ربي .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) يقول : لولا إيمانكم ، وأخبر الله الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين .
وقوله : ( فقد كذبتم ) أي : أيها الكافرون ( فسوف يكون لزاما ) أي : فسوف يكون تكذيبكم لزاما لكم ، يعني : مقتضيا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدنيا والآخرة ، ويدخل في ذلك يوم بدر ، كما فسره بذلك عبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم .
وقال الحسن البصري : ( فسوف يكون لزاما ) يعني : يوم القيامة . ولا منافاة بينهما . والله أعلم .
آخر تفسير سورة الفرقان ولله الحمد والمنة.
قوله {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} قال الضحاك : أي مطيعين لك. وفيه جواز الدعاء بالولد. والذرية تكون واحدا وجمعا. فكونها للواحد قوله {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة} {فهب لي من لدنك وليا} مريم 5 وكونها للجمع {ذرية ضعافا} النساء 9 وقد مضى في البقرة اشتقاقها مستوفى. وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر والحسن {وذرياتنا} وقرأ أبو عمر وحمزة والكسائي وطلحة وعيسى {وذريتنا}بالإفراد. {قرة أعين} نصب على المفعول، أي قرة أعين لنا. وهذا نحو قوله عليه الصلاة والسلام لأنس : (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه). وذلك أن الإنسان إذا بورك له في ماله وولده قرت عينه بأهله وعياله، حتى إذا كانت عنده زوجة اجتمعت له فيها أمانيه من جمال وعفة ونظر وحوطة أو كانت عنده ذرية محافظون على الطاعة، معاونون له على وظائف الدين والدنيا، لم يلتفت إلى زوج أحد ولا إلى ولده، فتسكن عينه عن الملاحظة، ولا تمتد عينه إلى ما ترى؛ فذلك حين قرة العين، وسكون النفس. ووحد {قرة} لأنه مصدر؛ تقول : قرت عينك قرة. وقرة العين يحتمل أن تكون من القرار، ويحتمل أن تكون من القر وهو الأشهر. والقر البرد؛ لأن العرب تتأذى بالحر وتستريح إلى البرد. وأيضا فإن دمع السرور بارد، ودمع الحزن سخن، فمن هذا يقال : أقر الله عينك، وأسخن الله عين العدو. وقال الشاعر : فكم سخنت بالأمس عين قريرة ** وقرت عيون دمعها اليوم ساكب قوله {واجعلنا للمتقين إماما} أي قدوة يقتدى بنا في الخير، وهذا لا يكون إلا أن يكون الداعي متقيا قدوة؛ وهذا هو قصد الداعي. وفي الموطأ : (إنكم أيها الرهط أئمة يقتدى بكم) فكان ابن عمر يقول في دعائه : اللهم اجعلنا من أئمة المتقين. وقال {إماما} ولم يقل أئمة على الجمع؛ لأن الإمام مصدر. يقال : أم القوم فلان إماما؛ مثل الصيام والقيام. وقال بعضهم : أراد أئمة، كما يقول القائل أميرنا هؤلاء، يعني أمراءنا. وقال الشاعر : يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي ** إن العواذل لسن لي بأمير أي أمراء. وكان القشيري أبو القاسم شيخ الصوفية يقول : الإمامة بالدعاء لا بالدعوى، يعني بتوفيق الله وتيسيره ومنته لا بما يدعيه كل أحد لنفسه. وقال إبراهيم النخعي : لم يطلبوا الرياسة بل بأن يكونوا قدوة في الدين. وقال ابن عباس : اجعلنا أئمة هدى، كما قال {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا} السجدة 24 وقال مكحول : اجعلنا أئمة في التقوى يقتدي بنا المتقون. وقيل : هذا من المقلوب؛ مجازه : واجعل المتقين لنا إماما؛ وقال مجاهد. والقول الأول أظهر وإليه يرجع قول ابن عباس ومكحول، ويكون فيه دليل. على أن طلب الرياسة في الدين ندب. وإمام واحد يدل على جمع؛ لأنه مصدر كالقيام. قال الأخفش : الإمام جمع آم من أم يؤم جمع على فعال، نحو صاحب وصحاب، وقائم وقيام. قوله {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} {أولئك} خبر {وعباد الرحمن} في قول الزجاج على ما تقدم، وهو أحسن ما قيل فيه. وما تخلل بين المبتدأ وخبره أوصافهم من التحلي والتخلي؛ وهي إحدى عشرة : التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف والإقتار، والنزاهة عن الشرك، والزنى والقتل، والتوبة وتجنب الكذب، والعفو عن المسيء، وقبول المواعظ، والابتهال إلى الله. و{الغرفة} الدرجة الرفيعة وهي أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا. حكاه ابن شجره. وقال الضحاك : الغرفة الجنة. {بما صبروا} أي بصبرهم على أمر ربهم : وطاعة نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام. وقال محمد بن علي بن الحسين {بما صبروا} على الفقر والفاقة في الدنيا. وقال الضحاك {بما صبروا} عن الشهوات. {ويلقون فيها تحية وسلاما} قرأ أبو بكر والمفضل والأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وخلف {ويلقون} مخففة، واختاره الفراء؛ قال لأن العرب تقول : فلان يتلقى بالسلام وبالتحية وبالخير بالتاء، وقلما يقولون فلان يلقى السلامة. وقرأ الباقون {ويلقون} واختاره أبو عبيد وأبو حاتم؛ لقوله {ولقاهم نضرة وسرورا} الإنسان 11 . قال أبو جعفر النحاس : وما ذهب إليه الفراء واختاره غلط؛ لأنه يزعم أنها لو كانت {يلقون} كانت في العربية بتحية وسلام، وقال كما يقال : فلان يتلقى بالسلام وبالخير؛ فمن عجيب ما في هذا الباب أنه قال يتلقى والآية {يلقون} والفرق بينهما بين : لأنه يقال فلان يتلقى بالخير ولا يجوز حذف الباء، فكيف يشبه هذا ذاك! وأعجب من هذا أن في القرآن {ولقاهم نضرة وسرورا} ولا يجوز أن يقرأ بغيره. وهذا يبين أن الأولى على خلاف ما قال. والتحية من الله والسلام من الملائكة. وقيل : التحية البقاء الدائم والملك العظيم؛ والأظهر أنهما بمعنى واحد، وأنهما من قبل الله تعالى؛ دليله قوله {تحيتهم يوم يلقونه سلام} الأحزاب 44 وسيأتي. {خالدين} نصب على الحال {فيها حسنت مستقرا ومقاما}. قوله {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} هذه آية مشكلة تعلقت بها الملحدة. يقال : ما عبأت بفلان أي ما باليت به؛ أي ما كان له عندي وزن ولا قدر. وأصل يعبأ من العبء وهو الثقل. وقول الشاعر : كأن بصدره وبجانبيه ** عبيرا بات يعبؤه عروس أي يجعل بعضه على بعض. فالعبء الحمل الثقيل، والجمع أعباء. والعبء المصدر. وما استفهامية؛ ظهر في أثناء كلام الزجاج، وصرح به الفراء. وليس يبعد أن تكون نافية؛ لأنك إذا حكمت بأنها استفهام فهو نفي خرج مخرج الاستفهام؛ كما قال {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} الرحمن 60 قال ابن الشجري : وحقيقة القول عندي أن موضع {ما} نصب؛ والتقدير : أي عبء يعبأ بكم؛ أي أيّ مبالاة يبالي ربي بكم لولا دعاؤكم؛ أي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه، فالمصدر الذي هو الدعاء على هذا القول مضاف إلى مفعوله؛ وهو اختصار الفراء. وفاعله محذوف وجوابه لولا محذوف كما حذف في قوله {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال} الرعد 31 تقديره : لم يعبأ بكم. ودليل هذا القول قوله {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} الذاريات 56 فالخطاب لجميع الناس؛ فكأنه قال لقريش منهم : أي ما يبال الله بكم لولا عبادتكم إياه أن لو كانت؛ وذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله. ويؤيد هذا قراءة ابن الزبير وغيره. {فقد كذب الكافرون} فالخطاب بما يعبأ لجميع الناس، ثم يقول لقريش : فأنتم قد كذبتم ولم تعبدوه فسوف يكون التكذيب هو سبب العذاب لزاما. وقال النقاش وغيره : المعنى؛ لولا استغاثتكم إليه في الشدائد ونحو ذلك. بيانه {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين} العنكبوت 65 ونحو هذا. وقيل {ما يعبأ بكم} أي بمغفرة ذنوبكم ولا هو عنده عظيم {لولا دعاؤكم} معه الآلهة والشركاء. بيانه{ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} النساء 147 . قال الضحاك. وقال الوليد بن أبي الوليد : بلغني فيها أي ما خلقتكم ولي حاجة إليكم إلا تسألوني فأغفر لكم وأعطيكم. وروى وهب بن منبه أنه كان في التوراة "يا ابن آدم وعزتي ما خلقتك لأربح عليك إنما خلقتك لتربح علي فاتخذني بدلا من كل شيء فأنا خير لك من كل شيء . قال ابن جني : قرأ ابن الزبير وابن عباس {فقد كذب الكافرون} . قال الزهراوي والنحاس : وهي قراءة ابن مسعود وهي على التفسير؛ للتاء والميم في {كذبتم}. وذهب القتبي والفارسي إلى أن الدعاء مضاف إلى الفاعل والمفعول محذوف. الأصل لولا دعاؤكم آلهة من دونه؛ وجواب {لولا} محذوف تقديره في هذا الوجه : لم يعذبكم. ونظير قوله : لولا دعاؤكم آلهة قوله {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} الأعراف 194 . {فقد كذبتم} أي كذبتم بما دعيتم إليه؛ هذا على القول الأول؛ وكذبتم بتوحيد الله على الثاني. {فسوف يكون لزاما} أي يكون تكذيبكم ملازما لكم. والمعنى : فسوف يكون جزاء التكذيب كما قال {ووجدوا ما عملوا حاضرا} الكهف 49 أي جزاء ما عملوا وقوله {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} الأنعام 30 أي جزاء ما كنتم تكفرون. وحسن إضمار التكذيب لتقدم ذكر فعله؛ لأنك إذا ذكرت الفعل دل بلفظه على مصدره، كما قال {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم} آل عمران110 أي لكان الإيمان. وقوله {وإن تشكروا يرضه لكم} الزمر 7 أي يرضى الشكر. ومثله كثير. وجمهور المفسرين على أن المراد باللزام هنا ما نزل بهم يوم بدر، وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبي مالك ومجاهد ومقاتل وغيرهم. وفي صحيح مسلم عن عبد الله : وقد مضت البطشة والدخان واللزام. وسيأتي مبينا في سورة الدخان إن شاء الله تعالى. وقالت فرقة : هو توعد بعذاب الآخرة. وعن ابن مسعود أيضا : اللزام التكذيب نفسه؛ أي لا يعطون التوبة منه؛ ذكره الزهراوي؛ فدخل في هذا يوم بدر وغيره من العذاب الذي يلزمونه. وقال أبو عبيدة : لزاما فيصلا أي فسوف يكون فيصلا بينكم وبين المؤمنين. والجمهور من القراء على كسر اللام؛ وأنشد أبو عبيدة لصخر : فإما ينجوا من خسف أرض ** فقد لقيا حتوفهما لزاما ولزاما وملازمة واحد. وقال الطبري {لزاما} يعني عذابا دائما لازما، وهلاكا مفنيا يلحق بعضكم ببعض؛ كقول أبي ذؤيب : ففاجأه بعادية لزام ** كما يتفجر الحوض اللقيف يعني باللزام الذي يتبع بعضه بعضا، وباللقيف المتساقط الحجارة المتهدم. النحاس : وحكى أبو حاتم عن أبي زيد قال سمعت قعنبا أبا السمال يقرأ {لزاما} بفتح اللام. قال أبو جعفر : يكون مصدر لزم والكسر أولى، يكون مثل قتال ومقاتلة، كما أجمعوا على الكسر في قوله عز وجل {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} طه 129 . قال غيره : اللزام بالكسر مصدر لازم لزاما مثل خاصم خصاما، واللزام بالفتح مصدر لزم مثل سلم سلاما أي سلامة؛ فاللزام بالفتح اللزوم، واللزام الملازمة، والمصدر في القراءتين وقع موقع اسم الفاعل. فاللزام وقع موقع ملازم، واللزام وقع موقع لازم. كما قال {قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا} الملك 30 أي غائرا. قال النحاس : وللفراء قول في اسم يكون؛ قال : يكون مجهولا وهذا غلط؛ لأن المجهول لا يكون خبره إلا جملة، كما قال {إنه من يتق ويصبر} يوسف 90 وكما حكى النحويون كان زيد منطلق يكون في كان مجهول ويكون المبتدأ وخبره خبر المجهول، التقدير : كان الحديث؛ فأما أن يقال كان منطلقا، ويكون في كان مجهول فلا يجوز عند أحد علمناه. وبالله التوفيق وهو المستعان والحمد لله رب العالمين.
أخبر الله تعالى أنه لا يبالي ولا يعبأ بالناس، لولا دعاؤهم إياه دعاء العبادة ودعاء المسألة، فقد كَذَّبتم-أيها الكافرون- فسوف يكون تكذيبكم مُفْضِيًا لعذاب يلزمكم لزوم الغريم لغريمه، ويهلككم في الدنيا والآخرة.
فأخبر تعالى أنه لا يبالي ولا يعبأ بغير هؤلاء وأنه لولا دعاؤكم إياه دعاء العبادة ودعاء المسألة ما عبأ بكم ولا أحبكم فقال: { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أي: عذابا يلزمكم لزوم الغريم لغريمه وسوف يحكم الله بينكم وبين عباده المؤمنين.
( قل ما يعبأ بكم ربي ) قال مجاهد وابن زيد : أي : ما يصنع وما يفعل بكم . قال أبو عبيدة يقال : ما عبأت به شيئا أي : لم أعده ، فوجوده وعدمه سواء ، مجازه : أي وزن وأي مقدار لكم عنده ، ) ( لولا دعاؤكم ) إياه ، وقيل : لولا إيمانكم ، وقيل : لولا عبادتكم ، وقيل : لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام ، فإذا آمنتم ظهر لكم قدر . وقال قوم : معناها : قل ما يعبأ بخلقكم ربي لولا عبادتكم وطاعتكم إياه يعني إنه خلقكم لعبادته ، كما قال : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ( الذاريات - 56 ) وهذا قول ابن عباس ومجاهد . وقال قوم : " قل ما يعبأ " ما يبالي بمغفرتكم ربي لولا دعاؤكم معه آلهة ، أو ما يفعل بعذابكم لولا شرككم ، كما قال الله تعالى : ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ( النساء - 147 ) . وقيل : ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم إياه في الشدائد ، كما قال : فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله ( العنكبوت - 65 ) ، وقال : فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ( الأنعام - 42 ) . وقيل : " قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم " يقول : ما خلقتكم ولي إليكم حاجة إلا أن تسألوني فأعطيكم وتستغفروني فأغفر لكم .
) ( فقد كذبتم ) أيها الكافرون ، يخاطب أهل مكة ، يعني : إن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوه . ( فسوف يكون لزاما ) هذا تهديده لهم ، أي : يكون تكذيبكم لزاما ، قال ابن عباس : موتا . وقال أبو عبيدة : هلاكا وقال ابن زيد : قتالا . والمعنى : يكون التكذيب لازما لمن كذب ، فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله . وقال ابن جرير عذابا دائما لازما وهلاكا مقيما يلحق بعضكم ببعض . واختلفوا فيه ، فقال قوم : هو يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون . وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومجاهد ومقاتل ، يعني : أنهم قتلوا يوم بدر واتصل بهم عذاب الآخرة لازما لهم . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عمر بن حفص بن غياث ، أخبرنا أبي ، أخبرنا الأعمش ، حدثنا مسلم ، عن مسروق قال : قال عبد الله : خمس قد مضين : الدخان ، والقمر ، والروم ، والبطشة ، واللزام " ( فسوف يكون لزاما ) وقيل : اللزام هو عذاب الآخرة .
(قُلْ) الجملة مستأنفة (ما) نافية (يَعْبَؤُا) مضارع مرفوع (بِكُمْ) متعلقان بيعبؤ (رَبِّي) فاعل والياء مضاف إليه والجملة مقول القول (لَوْ لا) حرف شرط غير جازم (دُعاؤُكُمْ) مبتدأ والكاف مضاف إليه والخبر محذوف (فَقَدْ) الفاء الفصيحة وقد حرف تحقيق (كَذَّبْتُمْ) ماض وفاعل والميم علامة جمع الذكور والجملة مستأنفة (فَسَوْفَ) الفاء عاطفة وسوف للاستقبال والتسويف (يَكُونُ) مضارع ناقص واسمه محذوف (لِزاماً) خبر والجملة معطوفة على ما قبلها.
Traslation and Transliteration:
Qul ma yaAAbao bikum rabbee lawla duAAaokum faqad kaththabtum fasawfa yakoonu lizaman
Say (O Muhammad, unto the disbelievers): My Lord would not concern Himself with you but for your prayer. But now ye have denied (the Truth), therefor there will be judgment.
De ki: Sizi imana davet etmeseydi ne değeriniz olabilirdi Rabbimin katında; ama siz gerçekten de yalanladınız tebliğ edilenleri, artık azaplandırmak gerekmekte sizi.
Dis: «Mon Seigneur ne se souciera pas de vous sans votre prière; mais vous avez, démenti (le Prophète). Votre [châtiment] sera inévitable et permanent.
Sag: "Mein HERR würde euch nicht beachten, wäre nicht euer Bittgebet. Ihr habt bereits doch abgeleugnet, so wird es (das Vergelten) unabdingbar sein."
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الفرقان (Al-Furqan - The Criterian) |
ترتيبها |
25 |
عدد آياتها |
77 |
عدد كلماتها |
896 |
عدد حروفها |
3786 |
معنى اسمها |
(الْفُرْقَانُ): مِن أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ؛ وسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ فَرَّقَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الفُرْقَانِ) |
مقاصدها |
مَعْرِفَةُ أَهْلِ البَاطِلِ وَصِفَاتِهِم، وَأَهْلِ الحَقِّ وَصِفَاتِهِم |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَعْمَالِ الكُفَّارِ وَدَعْوَتِهِم لِلْحَقِّ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ ...٣﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النُّورِ): اتِّفَاقُ الْلَّفْظِ وَالمَعْنَى، فَفِي خِتَامِ (النُّورِ) قَالَ: ﴿أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ...٦٤﴾، وَفِي مُفْتَتَحِ (الفُرْقَانِ) قَالَ: ﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ...٢﴾. |