«إنا منزلون» بالتخفيف والتشديد «على أهل هذه القرية رجزا» عذابا «من السماء بما» بالفعل الذي «كانوا يفسقون» به أي بسبب فسقهم.
فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)
«فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» عندما بدت لهم آيات اللّه غير المعتادة ، ذهبت عنهم الغفلة «فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ» فعادوا إلى شركهم بعد إخلاصهم للّه.
------------
(65) الفتوحات ج 1 /
208
وذلك أن جبريل عليه السلام اقتلع قراهم من قرار الأرض ، ثم رفعها إلى عنان السماء ، ثم قلبها عليهم . وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود ، مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ، وجعل [ الله ] مكانها بحيرة خبيثة منتنة ، وجعلهم عبرة إلى يوم التناد ، وهم من أشد الناس عذابا يوم المعاد ;
قوله {ولوطا إذ قال لقومه} قال الكسائي: المعنى وأنجينا لوطا أو أرسلنا لوطا قال: وهذا الوجه أحب إلي ويجوز أن يكون المعنى واذكر لوطا إذ قال لقومه موبخا أو محذرا {أئنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} تقدم القراءة فيها. {وتقطعون السبيل} قيل: كانوا قطاع الطريق؛ قال ابن زيد وقيل: كانوا يأخذون الناس من الطرق لقضاء الفاحشة؛ حكاه ابن شجرة وقيل: إنه قطع النسل بالعدول عن النساء إلى الرجال قال وهب بن منبه أي استغنوا بالرجال عن النساء. قلت: ولعل الجميع كان فيهم فكانوا يقطعون الطريق لأخذ الأموال والفاحشة ويستغنون عن النساء بذلك. قوله {وتأتون في ناديكم المنكر} النادي المجلس واختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه؛ فقالت فرقة: كانوا يخذفون النساء بالحصى ويستخفون بالغريب والخاطر عليهم وروته أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت أم هانئ: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل {وتأتون في ناديكم المنكر} قال: (كانوا يخذفون من يمر بهم ويسخرون منه فذلك المنكر الذي كانوا بأتونه) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده وذكره النحاس والثعلبي والمهدوي والماوردي وذكر الثعلبي قال معاوية قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن قوم لوط كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل قصعة فيها الحصى للخذف فإذا مر بهم عابر قذفوه فأيهم أصابه كان أولى به) يعني يذهب به للفاحشة فذلك قوله {وتأتون في ناديكم المنكر} وقالت عائشة وابن عباس والقاسم بن أبي بزة والقاسم بن محمد: إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم وقال منصور عن مجاهد كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضا وعن مجاهد: كان من أمرهم لعب الحمام وتطريف الأصابع بالحناء والصفير والخذف ونبذ الحياء في جميع أمورهم قال ابن عطية: وقد توجد هذه الأمور في بعض عصاة أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فالتناهي واجب قال مكحول: في هذه الأمة عشرة من أخلاق قوم لوط: مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء وحل الإزار وتنقيض الأصابع والعمامة التي تلف حول الرأس والتشابك ورمي الجلاهق والصفير والخذف واللوطية وعن ابن عباس قال: إن قوم لوط كانت فيهم ذنوب غير الفاحشة منها أنهم يتظالمون فيما بينهم ويشم بعضهم بعضا ويتضارطون في مجالسهم ويخذفون ويلعبون بالنرد والشطرنج ويلبسون المصبغات ويتناقرون بالديكة ويتناطحون بالكباش ويطرفون أصابعهم بالحناء وتتشبه الرجال بلباس النساء والنساء بلباس الرجال ويضربون المكوس على كل عابر ومع هذا كله كانوا يشركون بالله وهم أول من ظهر على أيديهم اللوطية والسحاق فلما وقفهم لوط عليه السلام على هذه القبائح رجعوا إلى التكذيب واللجاج فقالوا {ائتنا بعذاب الله}أي إن ذلك لا يكون ولا يقدر عليه وهم لم يقولوا هذا إلا وهم مصممون على أعتقاد كذبه وليس يصح في الفطرة أن يكون معاند يقول هذا ثم استنصر لوط عليه السلام ربه فبعث عليهم ملائكة لعذابهم فجاؤوا إبراهيم أولا مبشرين بنصرة لوط على قومه حسبما تقدم بيانه في - هود - وغيرها. وقرأ الأعمش ويعقوب وحمزة والكسائي {لننجينه وأهله} بالتخفيف وشدد الباقون وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي {إنا منجوك وأهلك} بالتخفيف وشدد الباقون وهما لغتان: أنجى ونجى بمعنى وقد تقدم وقوله ابن عامر {إنا منزلون} بالتشديد وهي قراءة ابن عباس الباقون بالتخفيف وقول {ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون} قال قتادة: هي الحجارة التي أبقيت وقال أبو العالية وقيل: إنه يرجم بها قوم من هذه الأمة وقال ابن عباس: هي آثار منازلهم الخربة وقال مجاهد: هو الماء الأسود على وجه الأرض وكل ذلك باق فلا تعارض.
إنا منزلون على أهل هذه القرية عذابًا من السماء؛ بسبب معصيتهم لله وارتكابهم الفاحشة.
}إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا } أي: عذابا { مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } فأمروه أن يسري بأهله ليلا، فلما أصبحوا، قلب اللّه عليهم ديارهم، فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل متتابعة حتى أبادتهم وأهلكتهم، فصاروا سَمَرًا من الأسمار، وعبرة من العِبر.
( إنا منزلون ) قرأ ابن عامر بالتشديد ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ( على أهل هذه القرية رجزا ) عذابا ) ( من السماء ) قال مقاتل : الخسف والحصب ( بما كانوا يفسقون )
(إِنَّا) إن واسمها (مُنْزِلُونَ) خبرها والجملة تعليل (عَلى أَهْلِ) متعلقان بما قبلهما (هذِهِ) اسم الإشارة مضاف إليه (الْقَرْيَةِ) بدل من اسم الإشارة (رِجْزاً) مفعول به لمنزلون (مِنَ السَّماءِ) متعلقان بمحذوف صفة رجزا (بِما) الباء حرف جر (ما) مصدرية والمصدر المؤول من ما وما بعدها في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بمنزلون (كانُوا) كان واسمها (يَفْسُقُونَ) مضارع وفاعله والجملة خبر كانوا.
Traslation and Transliteration:
Inna munziloona AAala ahli hathihi alqaryati rijzan mina alssamai bima kanoo yafsuqoona
Lo! We are about to bring down upon the folk of this township a fury from the sky because they are evil-livers.
Şüphe yok ki bu şehir halkının üstüne, buyruktan çıkarak yapageldikleri işler yüzünden, gökten bir azap indireceğiz.
Nous ferons tomber du ciel un châtiment sur les habitants de cette cité, pour leur perversité».
Ja! Wir werden auf die Bewohner dieser Ortschaft eine Peinigung vom Himmel hinabsenden für das, was sie an Fisq zu begehen pflegten."
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة العنكبوت (Al-Ankabut - The Spider) |
ترتيبها |
29 |
عدد آياتها |
69 |
عدد كلماتها |
982 |
عدد حروفها |
4200 |
معنى اسمها |
(العَنْكَبُوتُ): الأُنْثَى، وَذَكَرُها: عَنْكَبُ، والجَمْعُ: عَنَاكِبُ وعَنَاكِيبُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بضَرْبِ الْمَثَلِ (بِالْعَنْكَبُوتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (العَنْكَبُوتِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ وَهَنِ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِن دُونِ اللهِ تَعَالَى وَبُطْلَانِ فِكْرِهِ وَعَقِيدَتِهِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ ...٦﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ ...٦٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْعَنْكَبُوتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقَصَصِ):لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الْقَصَصَ) بِالأَمْرِ بِتَوحِيدِ اللهِ تَعَالَى قَائِلاً: ﴿وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ ...٨٨﴾ نَاسَبَ ذَلِكَ افْتِتَاحَ (الْعَنْكَبُوتِ) بِقَولهِ: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢﴾. |