«إنما يؤمن بآياتنا» القرآن «الذين إذا ذُكِّروا» وعظوا «بها خرُّوا سجَّدا وسبَّحوا» متلبسين «بحمد ربهم» أي قالوا: سبحان الله وبحمده «وهم لا يستكبرون» عن الإيمان والطاعة.
وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ فَلا يُبْصِرُونَ (27)
[ جميع الحواس لا تخطئ أبدا ]
إن العين لا تخطئ أبدا ، لا هي ولا جميع الحواس ، فإن إدراك الحواس إدراك ذاتي ، ولا تؤثر العلل الظاهرة العارضة في الذاتيات ، وإدراك العقل على قسمين : إدراك ذاتي هو فيه كالحواس لا يخطئ ، وإدراك غير ذاتي ، وهو ما يدركه بالآلة التي هي الفكر وبالآلة التي هي الحس ، فالخيال يقلد الحس فيما يعطيه ، والفكر ينظر في الخيال فيجد الأمور مفردات فيحب أن ينشئ منها صورة يحفظها العقل ، فينسب بعض المفردات إلى بعض ، فقد يخطئ في النسبة الأمر على ما هو عليه وقد يصيب ، فيحكم العقل على ذلك الحد فيخطئ ، فالعقل مقلد ، ولهذا اتصف بالخطإ ، وقد حصرت الآيات في السمع والبصر ، فإما شهود وإما خبر .
------------
(27) الفتوحات ج 2 /
628 - ج 3 /
351
يقول تعالى : ( إنما يؤمن بآياتنا ) أي : إنما يصدق بها ( الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا ) أي : استمعوا لها وأطاعوها قولا وفعلا ( وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ) [ أي ] عن اتباعها والانقياد لها ، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة ، [ وقد ] قال الله تعالى : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] .
هذه تسلية للنبّي صلى الله عليه وسلم؛ أي أنهم لإلفهم الكفر لا يؤمنون بك؛ إنما يؤمن بك وبالقرآن المتدبرون له والمتعظون به، وهم الذين إذا قرئ عليهم القرآن {خروا سجدا} قال ابن عباس : ركعا. قال المهدوي : وهذا على مذهب من يرى الركوع عند قراءة السجدة؛ واستدل بقوله تبارك وتعالى: {وخر راكعا وأناب} ص : 24]. وقيل : المراد به السجود، وعليه أكثر العلماء؛ أي خروا سجدا لله تعالى على وجوههم تعظيما لآياته وخوفا من سطوته وعذابه. {وسبحوا بحمد ربهم} أي خلطوا التسبيح بالحمد؛ أي نزهوه وحمدوه؛ فقالوا في سجودهم : سبحان الله وبحمده، سبحان ربي الأعلى وبحمده؛ أي تنزيها لله تعالى عن قول المشركين. وقال سفيان "وسبحوا بحمد ربهم" أي صلوا حمدا لربهم. {وهم لا يستكبرون} عن عبادته؛ قاله يحيى بن سلام. النقاش {لا يستكبرون} كما استكبر أهل مكة عن السجود.
إنما يصدق بآيات القرآن ويعمل بها الذين إذا وُعِظوا بها أو تُليت عليهم سجدوا لربهم خاشعين مطيعين، وسبَّحوا الله في سجودهم بحمده، وهم لا يستكبرون عن السجود والتسبيح له، وعبادته وحده لا شريك له.
لما ذكر تعالى الكافرين بآياته، وما أعد لهم من العذاب، ذكر المؤمنين بها، ووصفهم، وما أعد لهم من الثواب، فقال: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } [أي] إيمانًا حقيقيًا، من يوجد منه شواهد الإيمان، وهم: { الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا } بآيات ربهم فتليت عليهم آيات القرآن، وأتتهم النصائح على أيدي رسل اللّه، ودُعُوا إلى التذكر، سمعوها فقبلوها، وانقادوا، و { خَرُّوا سُجَّدًا } أي: خاضعين لها، خضوع ذكر للّه، وفرح بمعرفته.
{ وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } لا بقلوبهم، ولا بأبدانهم، فيمتنعون من الانقياد لها، بل متواضعون لها، قد تلقوها بالقبول، والتسليم، وقابلوها بالانشراح والتسليم، وتوصلوا بها إلى مرضاة الرب الرحيم، واهتدوا بها إلى الصراط المستقيم.
قوله - عز وجل - : ( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها ) وعظوا بها ( خروا سجدا ) سقطوا على وجوههم ساجدين ( وسبحوا بحمد ربهم ) قيل : صلوا بأمر ربهم . وقيل : قالوا سبحان الله وبحمده ( وهم لا يستكبرون ) عن الإيمان والسجود له . )
(إِنَّما) كافة ومكفوفة (يُؤْمِنُ) مضارع مرفوع (بِآياتِنَا) متعلقان بالفعل (الَّذِينَ) فاعل والجملة مستأنفة لا محل لها (إِذا) ظرفية شرطية غير جازمة (ذُكِّرُوا) ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل (بِها) متعلقان بالفعل والجملة في محل جر بالإضافة.
(خَرُّوا) ماض وفاعله والجملة جواب الشرط لا محل لها (سُجَّداً) حال (وَسَبَّحُوا) معطوف على خروا (بِحَمْدِ) متعلقان بالفعل (رَبِّهِمْ) مضاف إليه (وَهُمْ) الواو حالية وهم مبتدأ (لا) نافية (يَسْتَكْبِرُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الفعلية خبر هم والجملة الاسمية حال.
Traslation and Transliteration:
Innama yuminu biayatina allatheena itha thukkiroo biha kharroo sujjadan wasabbahoo bihamdi rabbihim wahum la yastakbiroona
Only those believe in Our revelations who, when they are reminded of them, fall down prostrate and hymn the praise of their Lord, and they are not scornful,
Âyetlerimize, ancak kendilerine anılıp öğüt verildiği zaman yerlere kapanıp secde edenler ve Rablerine hamd ederek onu tenzih edenler ve hiç ululanmaya kalkışmayanlar, inanırlar.
Seuls croient en Nos versets ceux qui, lorsqu'on les leur rappelle, tombent prosternés et, par des louanges à leur Seigneur, célèbrent Sa gloire et ne s'enflent pas d'orgueil.
Den Iman an Unsere Ayat verinnerlichen nur diejenigen, die, wenn sie an sie erinnert wurden, in Sudschud niederfielen und mit dem Lob ihres HERRN lob-priesen, während sie sich nicht in Arroganz erheben.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة السجدة (As-Sajda - The Prostration) |
ترتيبها |
32 |
عدد آياتها |
30 |
عدد كلماتها |
374 |
عدد حروفها |
1523 |
معنى اسمها |
سَجَدَ: خَضَعَ، ومِنْهُ سُجُودُ الصَّلاةِ، وَالمُرَادُ (بِالسَّجْدَةِ): سَجْدَةُ التِّلاوَةِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (السَّجْدَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةِ، وَسُورَةَ (المَضَاجِعِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى فِي الكَونِ وفِي الخَلْقِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
تُسَنُّ قِراءَتُها فَجْرَ الجُمُعَةِ، فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَومَ الجُمُعَةِ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ و ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ ...١﴾». (رَوَاهُ البُخارِيّ وَمُسْلِم).
تُستَحَبُّ قِراءَتُهَا كُلَّ لَيلَةٍ قَبلَ النَّومِ، فعَنْ جَابِـرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَى يَقرَأَ: ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ السَّجْدَةَ وَ ﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ ...١﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن شُبْهَةِ اخْتِلاقِ القُرْآنِ وَتَوْجِيهُ النَّبِيِّ ﷺ تِجَاهِهَا، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ ...٣﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ٣٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (لُقْمَانَ): لَمَّا خَتَمَ سُبْحَانَهُ سُورَةَ (لُقْمَانٍ) بِذِكْرِ مَفَاتِيحِ الْغَيبِ الخَمسَةِ مُجْمَلَة؛ جَاءَ بَيَانُها فِي (السَّجْدَةِ). |