المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة فاطر: [الآية 28]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة فاطر | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
قُلْ رَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً ( (40إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (41) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (42)
«فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ» يعني دعاء الحق على لسان الرسول صلّى اللّه عليه وسلم «ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً» .
------------
(42) الفتوحات ج 3 / 226تفسير ابن كثير:
وقوله تعالى : ( ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ) أي : [ و ] كذلك الحيوانات من الأناسي والدواب - وهو : كل ما دب على قوائم - والأنعام ، من باب عطف الخاص على العام . كذلك هي مختلفة أيضا ، فالناس منهم بربر وحبوش وطماطم في غاية السواد ، وصقالبة وروم في غاية البياض ، والعرب بين ذلك ، والهنود دون ذلك; ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى : ( واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ) [ الروم : 22 ] . وكذلك الدواب والأنعام مختلفة الألوان ، حتى في الجنس الواحد ، بل النوع الواحد منهن مختلف الألوان ، بل الحيوان الواحد يكون أبلق ، فيه من هذا اللون وهذا اللون ، فتبارك الله أحسن الخالقين .
وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا الفضل بن سهل ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح ، حدثنا زياد بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أيصبغ ربك ؟ قال : " نعم صبغا لا ينفض ، أحمر وأصفر وأبيض " . وروي مرسلا وموقوفا ، والله أعلم .
ولهذا قال تعالى بعد هذا : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) أي : إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به; لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى - كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل ، كانت الخشية له أعظم وأكثر .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير .
وقال ابن لهيعة ، عن ابن أبي عمرة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : العالم بالرحمن من لم يشرك به شيئا ، وأحل حلاله ، وحرم حرامه ، وحفظ وصيته ، وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله .
وقال سعيد بن جبير : الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل .
وقال الحسن البصري : العالم من خشي الرحمن بالغيب ، ورغب فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ، ثم تلا الحسن : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ) .
وعن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أنه قال : ليس العلم عن كثرة الحديث ، ولكن العلم عن كثرة الخشية .
وقال أحمد بن صالح المصري ، عن ابن وهب ، عن مالك قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، وإنما العلم نور يجعله الله في القلب .
قال أحمد بن صالح المصري : معناه : أن الخشية لا تدرك بكثرة الرواية ، وأما العلم الذي فرض الله ، عز وجل ، أن يتبع فإنما هو الكتاب والسنة ، وما جاء عن الصحابة ، رضي الله عنهم ، ومن بعدهم من أئمة المسلمين ، فهذا لا يدرك إلا بالرواية ويكون تأويل قوله : " نور " يريد به فهم العلم ، ومعرفة معانيه .
وقال سفيان الثوري ، عن أبي حيان [ التميمي ] ، عن رجل قال : كان يقال : العلماء ثلاثة : عالم بالله عالم بأمر الله ، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله . فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض . والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض . والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ، ولا يخشى الله عز وجل .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
ومن ذلك: الناس والدواب، والأنعام، فيها من اختلاف الألوان والأوصاف والأصوات والهيئات، ما هو مرئي بالأبصار، مشهود للنظار، والكل من أصل واحد ومادة واحدة.
فتفاوتها دليل عقلي على مشيئة اللّه تعالى، التي خصصت ما خصصت منها، بلونه، ووصفه، وقدرة اللّه تعالى حيث أوجدها كذلك، وحكمته ورحمته، حيث كان ذلك الاختلاف، وذلك التفاوت، فيه من المصالح والمنافع، ومعرفة الطرق، ومعرفة الناس بعضهم بعضا، ما هو معلوم.
وذلك أيضا، دليل على سعة علم اللّه تعالى، وأنه يبعث من في القبور، ولكن الغافل ينظر في هذه الأشياء وغيرها نظر غفلة لا تحدث له التذكر، وإنما ينتفع بها من يخشى اللّه تعالى، ويعلم بفكره الصائب وجه الحكمة فيها.
ولهذا قال: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } فكل من كان باللّه أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية اللّه، الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء من يخشاه، وهذا دليل على فضيلة العلم، فإنه داع إلى خشية اللّه، وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى: { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }
{ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ } كامل العزة، ومن عزته خلق هذه المخلوقات المتضادات.
{ غَفُورٌ } لذنوب التائبين.
تفسير البغوي
( ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه ) ذكر الكناية لأجل " من " وقيل : رد الكناية إلى ما في الإضمار ، مجازه : ومن الناس والدواب والأنعام ما هو مختلف ألوانه ) ( كذلك ) يعني كما اختلف ألوان الثمار والجبال ، وتم الكلام هاهنا ثم ابتدأ فقال : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال ابن عباس : يريد إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عمر بن حفص ، أخبرنا الأعمش ، أخبرنا مسلم ، عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها : صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فرخص فيه ، فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فخطب فحمد الله ثم قال : " ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية " .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " .
وقال مسروق : كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا . وقال رجل للشعبي : أفتني أيها العالم ، فقال الشعبي : إنما العالم من خشي الله - عز وجل - .
( إن الله عزيز غفور ) أي : عزيز في ملكه غفور لذنوب عباده .
الإعراب:
(وَمِنَ النَّاسِ) متعلقان بمحذوف خبر مقدم (وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ) معطوف على الناس (مُخْتَلِفٌ) صفة لمبتدأ محذوف (أَلْوانُهُ) فاعل لمختلف (كَذلِكَ) الكاف حرف جر واسم الإشارة مجرور به ومتعلقان بصفة لمفعول مطلق محذوف واللام للبعد والكاف للخطاب (إِنَّما) كافة مكفوفة (يَخْشَى) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر (اللَّهَ) لفظ الجلالة مفعول به (مِنْ عِبادِهِ) متعلقان بمحذوف حال (الْعُلَماءُ) فاعل مؤخر (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) إن ولفظ الجلالة اسمها وعزيز غفور خبراها المرفوعان