المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الجاثية: [الآية 17]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الجاثية | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)
[ الملأ الأعلى والملأ الأسفل : ]
اعلم أن العالم محصور في علو وسفل ، والعلو والسفل له أمر إضافي نسبي ، فالعالي منه يسمى سماء والأسفل منه يسمى أرضا ، ولا يكون له هاتان النسبتان إلا بأمر وسط يكون بينهما ، ويكون ذلك الأمر في نفسه ذا جهات ، فما أظلّه فهو سماء ، وما أقله فهو أرض له ، وإن شئت قلت في الملأ الأعلى والملأ الأسفل : إنه كل ما تكون من الطبيعة فهو الملأ الأسفل ، وكل ما تولد من النور فهو الملأ الأعلى ، وأكمل العالم من جمع بينهما ، وهو البرزخ الذي بجهاته ميزهما ، أو بجمعيته ميزهما بالعلو والسفل ، والحق تعالى بالنظر إلى نفسه لا يتصف بشيء مما يتصف به وجود العالم ، فإن اللّه لما نسب الكبرياء الذي له ما جعل محله إلا السماوات والأرض ، فقال : «وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ما قال في نفسه ، فالمحل هو الموصوف بالكبرياء الذي للّه ، فالعالم إذا نظر إلى نفسه صغيرا ، ورأى موجده منزها عما يليق به ، سمى ربه كبيرا وذا كبرياء ، لما كبر عنده بما له فيه من التأثير والقهر ، فلو لم يكن العالم مؤثرا فيه للّه تعالى ما علم أنه صغير ، ولا أن ربه كبير ، وأمثال ذلك من الصفات ، لما رأى العبد أنه قامت به الحاجة والفقر إلى غيره ، احتاج أن يعتقد ويعلم أن الذي استند إليه في فقره له الغنى ، فهو الغني سبحانه في نفس عبده ، وهو بالنظر إلى ذاته معرى عن النظر إلى العالم لا يتصف بالغنى ، لأنه ما ثمّ عن من ، وكذلك إذا نظر العبد إلى ذله ، علم أنه لا يذل لنفسه ، وإنما يذل تحت سلطان غيره ، فسماه عزيزا ، لأنه عزّ الحق في نفس هذا العبد لذله ، فالعبد هو محل الكبرياء والغنى والعظمة والعزة التي للّه ، فوصف العبد ربه بما قام به ، فأوجب المعنى حكمه لغير من قام به ، فالحق منزه عن قيام الكبرياء به بحيث أن يكون محلا له ، بل الكبرياء محله الذي عينه الحق له ، وهو السماوات والأرض «وَهُوَ» أي هوية الحق «الْعَزِيزُ» أي المنيع لذاته أن تكون محلا لما هي السماوات والأرض له محل ، وليس إلا الكبرياء ، فما كبر إلا في نفس العالم ، وهو أجل من أن يقوم به أمر ليس هو ، بل هو الواحد من جميع الوجوه «الْحَكِيمُ» بما رتبه في الخلق ، ومن جملة ما رتبه بعلمه وحكمته أن جعل السماوات والأرض محلا لكبريائه ، فكأنه يقول : وله الكبرياء الذي خلقه في نفس السماوات والأرض ، حتى يكبروا إلههم به ، وكذلك وقع ،
فكبروه في نفوسهم ، فقالوا : إنه ذو الجلال ، أي صاحب الجلال الذي نجده في نفوسنا له ، والإكرام بنا .
(46) سورة الأحقاف مكيّة
------------
(37) الفتوحات ج 3 / 537 ، 538تفسير ابن كثير:
( وآتيناهم بينات من الأمر ) أي : حججا وبراهين وأدلة قاطعات ، فقامت عليهم الحجج ثم اختلفوا بعد ذلك من بعد قيام الحجة ، وإنما كان ذلك بغيا منهم على بعضهم بعضا ، ( إن ربك ) يا محمد ( يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) أي : سيفصل بينهم بحكمه العدل . وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم ، وأن تقصد منهجهم ;
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ وَآتَيْنَاهُمْ } أي: آتينا بني إسرائيل { بَيِّنَاتٍ } أي: دلالات تبين الحق من الباطل { مِنَ الْأَمْرِ } القدري الذي أوصله الله إليهم.
وتلك الآيات هي المعجزات التي رأوها على يد موسى عليه السلام، فهذه النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل تقتضي الحال أن يقوموا بها على أكمل الوجوه وأن يجتمعوا على الحق الذي بينه الله لهم، ولكن انعكس الأمر فعاملوها بعكس ما يجب.
وافترقوا فيما أمروا بالاجتماع به ولهذا قال: { فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ } أي: الموجب لعدم الاختلاف، وإنما حملهم على الاختلاف البغي من بعضهم على بعض والظلم.
{ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } فيميز المحق من المبطل والذي حمله على الاختلاف الهوى أو غيره.
تفسير البغوي
( وآتيناهم بينات من الأمر ) يعني العلم بمبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - وما بين لهم من أمره ( فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) .
الإعراب:
(وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ) الواو حرف عطف وماض وفاعله ومفعوله الأول وبينات مفعوله الثاني (مِنَ الْأَمْرِ) متعلقان ببينات (فَمَا) الفاء حرف استئناف وما نافية (اخْتَلَفُوا) ماض وفاعله والجملة مستأنفة (إِلَّا) حرف حصر (مِنْ بَعْدِ) متعلقان بالفعل (ما) مصدرية (جاءَهُمُ) ماض ومفعوله (الْعِلْمُ) فاعل (بَغْياً) مفعول لأجله (بَيْنَهُمْ) ظرف مكان والمصدر المؤول من ما وما بعدها في محل جر بالإضافة (إِنَّ رَبَّكَ) إن واسمها والجملة الاسمية مستأنفة (يَقْضِي) مضارع فاعله مستتر والجملة الفعلية خبر إن (بَيْنَهُمْ) ظرف مكان (يَوْمَ) ظرف زمان (الْقِيامَةِ) مضاف إليه (فِيما) متعلقان بالفعل (كانُوا) كان واسمها (فِيهِ) متعلقان بما بعدهما والجملة صلة ما (يَخْتَلِفُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر كانوا.