«واذكر أخا عاد» هود عليه السلام «إذ» إلخ بدل اشتمال «أنذر قومه» خوَّفهم «بالأحقاف» واد باليمن به منازلهم «وقد خلت النذر» مضت الرسل «من بين يديه ومن خلفه» أي من قبل هود ومن بعده إلى أقوامهم «أن»، أي بأن قال «لا تعبدوا إلا الله» وجملة وقد خلت معترضة «إني أخاف عليكم» إن عبدتم غير الله «عذاب يوم عظيم».
وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (35)
أولو العزم من الرسل هم الذين لقوا الشدائد في تمهيد السبيل ، وهم الذين أرسلوا بالسيف لكمالهم .
(47) سورة محمّد مدنيّة
------------
(35) الفتوحات ج 4 /
347 - كتاب تلقيح الأذهان
يقول تعالى مسليا لنبيه في تكذيب من كذبه من قومه : ( واذكر أخا عاد ) وهو هود ، عليه السلام ، بعثه الله إلى عاد الأولى ، وكانوا يسكنون الأحقاف - جمع حقف وهو : الجبل من الرمل - قاله ابن زيد . وقال عكرمة : الأحقاف : الجبل والغار . وقال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : الأحقاف : واد بحضرموت ، يدعى برهوت ، تلقى فيه أرواح الكفار . وقال قتادة : ذكر لنا أن عادا كانوا حيا باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشحر .
قال ابن ماجه : " باب إذا دعا فليبدأ بنفسه " : حدثنا الحسين بن علي الخلال ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يرحمنا الله ، وأخا عاد " .
وقوله : ( وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ) يعني : وقد أرسل الله إلى من حول بلادهم من القرى مرسلين ومنذرين ، كقوله : ( فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها ) [ البقرة : 66 ] ، وكقوله : ( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون ) [ فصلت : 13 ، 14 ] أي : قال لهم هود ذلك
قوله تعالى {واذكر أخا عاد} هو هود بن عبدالله بن رباح عليه السلام، كان أخاهم في النسب لا في الدين. {إذ أنذر قومه بالأحقاف} أي اذكر لهؤلاء المشركين قصة عاد ليعتبروا بها. وقيل : أمره بأن يتذكر في نفسه قصة هود ليقتدي به، ويهون عليه تكذيب قومه له. والأحقاف : ديار عاد. وهي الرمال العظام، في قول الخليل وغيره. وكانوا قهروا أهل الأرض بفضل قوتهم. والأحقاف جمع حقف، وهو ما استطال من الرمل العظيم وأعوج ولم يبلغ أن يكون جبلا، والجمع حقاف وأحقاف وحقوف. وأحقوقف الرمل والهلال أي اعوج. وقيل : الحقف جمع حقاف. والأحقاف جمع الجمع. ويقال : حِقف أحقف. قال الأعشى : بات إلى أرطاة حقف أحقفا أي رمل مستطيل مشرف. والفعل منه احقوقف. قال العجاج : طي الليالي زلفا فزلفا ** سماوة الهلال حتى احقوقفا أي انحنى واستدار. وقال امرؤ القيس : كحقف النقا يمشي الوليدان فوقه ** بما احتسبا من لين مس وتسهال وفيما أريد بالأحقاف ها هنا مختلف فيه. فقال ابن زيد : هي رمال مشرفة مستطيلة كهيئة الجبال، ولم تبلغ أن تكون جبالا، وشاهده ما ذكرناه. وقال قتادة : هي جبال مشرفة بالشحر، والشحر قريب من عدن، يقال : شحر عمان وشحر عمان، وهو ساحل البحر بين عمان وعدن. وعنه أيضا : ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن، أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشحر. وقال مجاهد : هي أرض من حسمى تسمى بالأحقاف. وحسمى (بكسر الحاء) اسم أرض بالبادية فيها جبال شواهق ملس الجوانب لا يكاد القتام يفارقها. قال النابغة : فأصبح عاقلا بجبال حسمى ** دقاق الترب محتزم القتام قاله الجوهري. وقال ابن عباس والضحاك : الأحقاف جبل بالشام. وعن ابن عباس أيضا : واد بين عمان ومهرة. وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بواد يقال له مهرة، وإليه تنسب الإبل المهرية، فيقال : إبل مهرية ومهاري. وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم، وكانوا من قبيلة إرم. وقال الكلبي : أحقاف الجبل ما نضب عنه الماء زمان الغرف، كان ينضب الماء من الأرض ويبقى أثره. وروى الطفيل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه فال : خير واديين في الناس واد بمكة وواد نزل به آدم بأرض الهند. وشر واديين في الناس واد بالأحقاف وواد بحضرموت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار. وخير بئر في الناس بئر زمزم. وشر بئر في الناس بئر برهوت، وهو في ذلك الوادي الذي بحضر موت. {وقد خلت النذر}أي مضت الرسل. {من بين يديه} أي من قبل هود. {ومن خلفه}أي ومن بعده، قال الفراء. وفي قراءة ابن مسعود {من بين يديه ومن بعده}. {ألا تعبدوا إلا الله}هذا من قول المرسل، فهو كلام معترض. ثم قال هود {إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم}وقيل{ألا تعبدوا إلا الله} من كلام هود، والله أعلم.
واذكر -أيها الرسول- نبيَّ الله هودًا أخا عاد في النَّسب لا في الدين، حين أنذر قومه أن يحل بهم عقاب الله، وهم في منازلهم المعروفة بـ "الأحقاف"، وهي الرمال الكثيرة جنوب الجزيرة العربية، وقد مضت الرسل بإنذار قومها قبل هود وبعده: بأن لا تشركوا مع الله شيئًا في عبادتكم له، إني أخاف عليكم عذاب الله في يوم يَعْظُم هوله، وهو يوم القيامة.
أي: { وَاذْكُرْ } بالثناء الجميل { أَخَا عَادٍ } وهو هود عليه السلام، حيث كان من الرسل الكرام الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة إلى دينه وإرشاد الخلق إليه.
{ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ } وهم عاد { بِالْأَحْقَافِ } أي: في منازلهم المعروفة بالأحقاف وهي: الرمال الكثيرة في أرض اليمن.
{ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } فلم يكن بدعا منهم ولا مخالفا لهم، قائلا لهم: { أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }
فأمرهم بعبادة الله الجامعة لكل قول سديد وعمل حميد، ونهاهم عن الشرك والتنديد وخوفهم -إن لم يطيعوه- العذاب الشديد فلم تفد فيهم تلك الدعوة.
قوله - عز وجل - : ( واذكر أخا عاد ) يعني هودا عليه السلام ( إذ أنذر قومه بالأحقاف ) قال ابن عباس : " الأحقاف " : واد بين عمان ومهرة .
وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بموضع يقال له : " مهرة " وإليها تنسب الإبل المهرية ، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا من قبيلة إرم .
قال قتادة : ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن ، وكانوا أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : " الشحر " . و " الأحقاف " جمع حقف ، وهي المستطيل المعوج من الرمال . قال ابن زيد : هي ما استطال من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلا ، قال الكسائي : هي ما استدار من الرمل .
( وقد خلت النذر ) مضت الرسل ( من بين يديه ) أي من قبل هود ( ومن خلفه ) إلى قومهم ( ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) .
(وَ اذْكُرْ) الواو حرف استئناف وأمر فاعله مستتر (أَخا) مفعول به (عادٍ) مضاف إليه والجملة مستأنفة (إِذْ) بدل من أخا عاد (أَنْذَرَ) ماض (قَوْمَهُ) مفعول به والفاعل مستتر والجملة في محل جر بالإضافة (بِالْأَحْقافِ) متعلقان بمحذوف حال (وَ قَدْ) الواو حالية وقد حرف تحقيق (خَلَتِ النُّذُرُ) ماض وفاعله والجملة حال (مِنْ بَيْنِ) متعلقان بخلت (يَدَيْهِ) مضاف إليه (وَ مِنْ خَلْفِهِ) عطف على ما قبلهما (أَلَّا تَعْبُدُوا) أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ولا ناهية ومضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحرف جر محذوف والجار والمجرور متعلقان بأنذر (أَلَّا) حرف حصر (اللَّهَ) مفعول به (إِنِّي) إن واسمها (أَخافُ) مضارع مرفوع فاعله مستتر والجملة خبر إن والجملة الاسمية تعليل للعبادة (عَلَيْكُمْ) متعلقان بالفعل (عَذابَ) مفعول به (يَوْمٍ) مضاف إليه (عَظِيمٍ) صفة.
Traslation and Transliteration:
Waothkur akha AAadin ith anthara qawmahu bialahqafi waqad khalati alnnuthuru min bayni yadayhi wamin khalfihi alla taAAbudoo illa Allaha innee akhafu AAalaykum AAathaba yawmin AAatheemin
And make mention (O Muhammad) of the brother of A'ad when he warned his folk among the wind-curved sandhills - and verily warners came and went before and after him - saying: Serve none but Allah. Lo! I fear for you the doom of a tremendous Day.
Ve an Âd'ın kardeşini, hani kavmini Ahkaaf'ta korkutmuştu ve ondan önce ve ondan sonra gelip geçen korkutucular da, ancak Allah'a kulluk edin diye korkutmuşlardı; o da öyle demiş ve şüphe yok ki ben demişti, o pek büyük günün azabına uğrayacağınızdan korkuyorum.
Et rappelle-toi le frère des 'Aad (Hûd) quand il avertit son peuple à Al-Ahqâf - alors qu'avant et après lui, des avertisseurs sont passés - [en disant]: «N'adorez qu'Allah. Je crains pour vous le châtiment d'un jour terrible».
Und erwähne den Bruder von 'Aad, als er seine Leute in Al-ahqaf warnte, und bereits vergingen die Warner vor ihm und hinter ihm: "Dient nichts anderes als ALLAH! Ja! Ich fürchte um euch die Peinigung eines gewaltigen Tages."
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الأحقاف (Al-Ahqaf - The Wind-Curved Sandhills) |
ترتيبها |
46 |
عدد آياتها |
35 |
عدد كلماتها |
646 |
عدد حروفها |
2602 |
معنى اسمها |
الأَحْقَافُ جَمْعُ (حِقْفٍ)، وَهُوَ مَا اعْوَجَّ مِنَ الرَّمْلِ وَاسْتَطَالَ، وَالمُرَادُ (بالأحْقَافِ) دِيَارُ قَومِ عَادٍ فِي الْيَمَنِ، وَكَانَتْ مَلِيئَةً بِالتِّلالِ العَظِيمَةِ مِنَ الرِّمَالِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الأَحْقَافِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الأحْقَافِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الأَحْقَافِ) |
مقاصدها |
تَذْكِيرُ الْكَافِرِينَ بِنِعَمِ اللهِ، وَإِقَامَةِ الحُجَّةَ عَلَيهِم بِالرُّسُلِ، وَبَيَانُ عَاقِبَتِهِمْ فِي الدَّارَين |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الأَحْقَافِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ وَصْفِ أَهْلِ البَاطِلِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿... وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ ٣﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿...فَهَلۡ يُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَحْقَافِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْجَاثِيَةِ): خُتِمَتِ (الجَاثِيَةُ) بِاسْمِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ؛ فَقَالَ: ﴿...وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٣٧﴾، وَافْتُتِحَتِ (الأَحْقَافُ) بِهِمَا؛ فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ٢﴾. |