المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الفتح: [الآية 4]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الفتح | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)
[ «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ. . .» الآية : ]
لما كان صلّى اللّه عليه وسلّم مشكاة فلك الرحمة الذي هو الظاهر من فلك الحياة ، والكلمة التي هي أم الكتاب ، وكانت نبوته ختما على النبوات ، إذ النبوة إنباء بأسرار وإرث بأنوار ، علم
بذلك كونه النازل في جميع الأقطار . والمنبأ في جميع الأخبار ، والحامل لواء الحمد الغفار وأول مشفع في دار القرار ، فسمي من حيث تكرار حمده محمدا ، ومن حيث كونه حامل لواء الحمد أحمد ،
فقال تعالى : «مُحَمَّدٌ» لما جمع فيه من المحامد «رَسُولُ اللَّهِ» فإن الحق المشروع ظهر بصورة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حياته ، ولذلك كان يقال له : رسول اللّه في التعريف ، ما كان يقال له : محمد فقط «وَالَّذِينَ» آمنوا «مَعَهُ» أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، فازوا بالمقام العلي هنا وفي دار السلام ، أعلى درجات القربة ، التحقق في الإيمان بالصحبة ، لا يبلغ أحدنا مد أحدهم ولا نصيفه ، ولا يصلح أن يكون وصيفه ، نحن الإخوان فلنا الأمان ، وهم الأصحاب فهم الأحباب ، فمن رأى الصحبة عين الاتباع ، من أهل الحقائق ، ألحق اللاحق بالسابق ، فغاية السابق تعجيل الرؤية ، لحصول البغية ، ولكن ما لها بالسعادة استقلال فيما أعطاه الدليل ، وصححه السبيل ، وكم شخص رآه وشقي ، والذي تمناه بعدم اتباعه ما لقي ، فما أعطته رؤيته ، وقد فاتته بغيته ؟ فما ثمّ إلا الاقتداء ، وما يسعدك إلا الاهتداء ، فتعجل النعيم الصاحب ، فهو أقرب الأقارب ، وقد خلع اللّه تعالى على نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم خلعه وسماه بالعبد والرسول والنبي ، فإن هذه الأسماء وصلة بين الإنسان وعبوديته من أكمل الوجوه ، فإن العبد على قدر ما يخرج به عن عبوديته ينقصه من تقريبه من سيده ، لأنه يزاحمه في أسمائه ، وأقل المزاحمة الاسمية ، فأبقى علينا اسم الولي وهو من أسمائه سبحانه ، ونزع هذا الاسم من رسوله وسماه بالرسول ، فإن هذا الاسم من خصائص العبودية التي لا تصح أن تكون للرب ، وسبب إطلاق هذا الاسم وجود الرسالة ، والرسالة قد انقطعت ، فارتفع حكم هذا الاسم بارتفاعها من حيث نسبتها إلى اللّه ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : [ إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي ] فكان هذا من أشد ما جرعت الأولياء مرارته ، فإنه قاطع للوصلة بين الإنسان وبين عبوديته ، ولما علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن في أمته من يجرع مثل هذا الكأس ، وعلم ما يطرأ عليهم في نفوسهم من الألم لذلك ، رحمهم فجعل لهم نصيبا ، فقال للصحابة : [ ليبلغ الشاهد الغائب ] فأمرهم بالتبليغ كما أمره اللّه بالتبليغ ، لينطلق عليهم أسماء الرسل التي هي مخصوصة بالعبيد ، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ رحم اللّه امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ] يعني حرفا حرفا ، وهذا لا يكون إلا لمن بلغ الوحي من قرآن أو سنة بلفظه الذي جاء به ، وهذا لا يكون إلا لنقلة
الوحي من المقرئين والمحدثين ، ليس للفقهاء ولا لمن نقل الحديث النبوي على المعنى نصيب ولاحظ فيه ، فإن الناقل على المعنى إنما نقل إلينا فهمه في ذلك الحديث النبوي ، فلا يحشر يوم القيامة فيمن بلغ الوحي كما سمعه وأدى الرسالة ، كما يحشر المقرئ والمحدث الناقل لفظ الرسول عينه في صف الرسل عليهم السلام ، فالصحابة إذا نقلوا الوحي على لفظه فهم رسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، والتابعون رسل الصحابة ، وهكذا الأمر جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة ، وهو خير عظيم امتن به عليهم ، ومهما لم ينقله الشخص بسنده متصلا غير منقطع فليس له هذا المقام ، ومن هنا تعرف شرف مقام العبودية وشرف المحدثين نقلة الوحي بالرواية
[ إشارة : معاذ رسول رسول اللّه ، ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم رسول اللّه ]
-إشارة -كان معاذ وغيره رسول رسول اللّه إلى من أرسل إليهم ، وقيل في محمد صلّى اللّه عليه وسلّم :
رسول اللّه ، وكان يأخذ عن جبريل ، ولم يقل في معاذ وغيره : رسول اللّه ، وقيل فيه :
رسول رسول اللّه ، فلما ذا ترك ذكر الواسطة في «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ؟إنما نسب رسول الرسول إليه ، لاشتراكهما في التكليف الذي أنزل عليه ، ولم ينسب الرسول عليه الصلاة والسلام إلى جبريل لأنه ليس له من رسالته غير التعريف الذي أودع الرحمن لديه ، فنسب الرسول إلى اللّه تعالى بغير واسطة ، لعدم هذه الرابطة .
(49) سورة الحجرات مدنيّة
------------
(29) كتاب تلقيح الأذهان - الفتوحات ج 1 / 430 - ج 4 / 193 ، 366 - ج 1 / 229 - كتاب التنزلات الموصليةتفسير ابن كثير:
يقول تعالى : ( هو الذي أنزل السكينة ) أي : جعل الطمأنينة . قاله ابن عباس ، وعنه : الرحمة .
وقال قتادة : الوقار في قلوب المؤمنين . وهم الصحابة يوم الحديبية ، الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله ، فلما اطمأنت قلوبهم لذلك ، واستقرت ، زادهم إيمانا مع إيمانهم .
وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الإيمان في القلوب .
ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين ، فقال : ( ولله جنود السماوات والأرض ) أي : ولو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم ، ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة ، والبراهين الدامغة ; ولهذا قال : ( وكان الله عليما حكيما )
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون والطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المقلقة، والأمور الصعبة، التي تشوش القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس، فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه، وينزل عليه السكينة، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال، فيزداد بذلك إيمانه، ويتم إيقانه، فالصحابة رضي الله عنهم لما جرى ما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين، من تلك الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم، وحط من أقدارهم، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس، فلما صبروا عليها ووطنوا أنفسهم لها، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم. وقوله: { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي: جميعها في ملكه، وتحت تدبيره وقهره، فلا يظن المشركون أن الله لا ينصر دينه ونبيه، ولكنه تعالى عليم حكيم، فتقتضي حكمته المداولة بين الناس في الأيام، وتأخير نصر المؤمنين إلى وقت آخر.
تفسير البغوي
( هو الذي أنزل السكينة ) الطمأنينة والوقار ( في قلوب المؤمنين ) لئلا تنزعج نفوسهم لما يرد عليهم . قال ابن عباس : كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة إلا التي في سورة البقرة ( ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) .
قال ابن عباس : بعث الله رسوله بشهادة أن لا إله إلا الله ، فلما صدقوه زادهم الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم الجهاد ، حتى أكمل لهم دينهم ، فكلما أمروا بشيء فصدقوه ازدادوا تصديقا إلى تصديقهم .
وقال الضحاك : يقينا مع يقينهم .
قال الكلبي : هذا في أمر الحديبية حين صدق الله رسوله الرؤيا بالحق .
( ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ) .
الإعراب:
(هُوَ الَّذِي) مبتدأ وخبره والجملة مستأنفة (أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صلة (فِي قُلُوبِ) متعلقان بالفعل (الْمُؤْمِنِينَ) مضاف إليه (لِيَزْدادُوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل (إِيماناً) تمييز والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلقان بأنزل (مَعَ) ظرف مكان (إِيمانِهِمْ) مضاف إليه (وَلِلَّهِ) حرف استئناف وجار ومجرور خبر مقدم (جُنُودُ) مبتدأ مؤخر (السَّماواتِ) مضاف إليه (وَالْأَرْضِ) معطوف على السموات والجملة مستأنفة (وَكانَ) الواو حالية وماض ناقص (اللَّهُ) لفظ الجلالة اسمها (عَلِيماً حَكِيماً) خبران لكان والجملة حال