«ما تذر من شيء» نفس أو مال «أتت عليه إلا جعلته كالرميم» كالبالي المتفتت.
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
فالحاصل من هذا أنه من لم يغب عن عبوديته للّه في كل حال ، فقد أدى ما خلق له وكان طائعا وسواء كان مطيعا أو مخالفا ، فإن العبد الآبق لا يخرجه إباقه عن الرق ، وإنما يخرجه عن لوازم العبودية ، من الوقوف بين يدي سيده لامتثال أوامره ومراسمه ، ألا ترى اسم العبودية ينسحب عليه سواء كان مطيعا أو مخالفا .
(52) سورة الطّور مكيّة
------------
(60) الفتوحات ج 3 /
124
ولهذا قال : ( ما تذر من شيء أتت عليه ) أي : مما تفسده الريح ( إلا جعلته كالرميم ) أي : كالشيء الهالك البالي .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، حدثني عبد الله - يعني : ابن عياش - القتباني ، حدثني عبد الله بن سليمان ، عن دراج ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الريح مسخرة من الثانية - يعني من الأرض الثانية - فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا ، قال : أي رب ، أرسل عليهم [ من ] الريح قدر منخر الثور ؟ قال له الجبار : لا إذا تكفأ الأرض ومن عليها ، ولكن أرسل [ عليهم ] بقدر خاتم . فهي التي يقول الله في كتابه : ( ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم )
هذا الحديث رفعه منكر ، والأقرب أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو ، من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك ، والله أعلم .
قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله : ( إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ) قالوا : هي الجنوب . وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور " .
قوله تعالى {وفي عاد} أي وتركنا في عاد آية لمن تأمل. {إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم}وهي التي لا تلقح سحابا ولا شجرا، ولا رحمة فيها ولا بركة ولا منفعة؛ ومنه امرأة عقيم لا تحمل ولا تلد. ثم قيل : هي الجنوب. روى ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبدالرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الريح العقيم الجنوب) وقال مقاتل : هي الدبور ""كما في الصحيح"" عن النبي صلى الله عليه وسلم (نصرت بالصبا) وأهلكت عاد بالدبور). وقال ابن عباس : هي النكباء. وقال عبيد بن عمير : مسكنها الأرض الرابعة وما فتح على عاد منها إلا كقدر منخر الثور. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أيضا أنها الصبا؛ فالله أعلم. قوله تعالى {ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم} أي كالشيء الهشيم؛ يقال للنبت إذا يبس وتفتت : رميم وهشيم. قال ابن عباس : كالشيء الهالك البالي؛ وقاله مجاهد : ومنه قول الشاعر : تركتني حين كف الدهر من بصري ** وإذ بقيت كعظم الرمة البالي وقال قتادة : إنه الذي ديس من يابس النبات. وقال أبو العالية والسدي : كالتراب المدقوق. قطرب : الرميم الرماد. وقال يمان : ما رمته الماشية من الكلأ بمرمتها. ويقال للشفة المرمة والمقمة بالكسر، والمرمة بالفتح لغة فيه. وأصل الكلمة من رم العظم إذا بلي؛ تقول منه : رم العظم يرم بالكسر رمة فهو رميم، قال الشاعر : ورأى عواقب خلف ذاك مذمة ** تبقى عليه والعظام رميم والرمة بالكسر العظام البالية والجمع رمم ورمام. ونظير هذه الآية {تدمر كل شيء}{الأحقاف : 25] حسب ما تقدم.
وفي شأن عاد وإهلاكهم آيات وعبر لمن تأمل، إذ أرسلنا عليهم الريح التي لا بركة فيها ولا تأتي بخير، ما تَدَعُ شيئًا مرَّت عليه إلا صيَّرته كالشيء البالي.
{ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } أي: كالرميم البالية، فالذي أهلكهم على قوتهم وبطشهم، دليل على [كمال] قوته واقتداره، الذي لا يعجزه شيء، المنتقم ممن عصاه.
( ما تذر من شيء أتت عليه ) من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم ( إلا جعلته كالرميم ) كالشيء الهالك البالي ، وهو نبات الأرض إذا يبس وديس . قال مجاهد : كالتبن اليابس . قال قتادة : كرميم الشجر . قال أبو العالية : كالتراب المدقوق . وقيل : أصله من العظم البالي .
(ما تَذَرُ) ما نافية ومضارع فاعله مستتر (مِنْ شَيْءٍ) من حرف جر زائد ومجرور لفظا منصوب محلا مفعول تذر (أَتَتْ) ماض فاعله مستتر (عَلَيْهِ) متعلقان بالفعل والجملة صفة شيء (إِلَّا) حرف حصر (جَعَلَتْهُ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة في محل نصب مفعول به ثان لتذر (كَالرَّمِيمِ) الكاف بمعنى مثل مفعول به ثان لجعلته والرميم مضاف إليه وجملة ما تذر حال
Traslation and Transliteration:
Ma tatharu min shayin atat AAalayhi illa jaAAalathu kaalrrameemi
It spared naught that it reached, but made it (all) as dust.
Nereden geçmiş, neye dokunmuşsa orasını ve o şeyi çürümüş kemiğe döndürmüştü.
n'épargnant rien sur son passage sans le réduire en poussière.
der nichts von dem läßt, worüber er wehte, ohne daß er es zu Zermalmtem machte.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الذاريات (Az-Zariyat - The Winnowing Winds) |
ترتيبها |
51 |
عدد آياتها |
60 |
عدد كلماتها |
360 |
عدد حروفها |
1510 |
معنى اسمها |
(الذَّارِيَاتُ): الرِّيَاحُ تَذْرُوْ التُّرَابَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ حَتَّى يَتَطَايَرُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الذَّارِيَاتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) |
مقاصدها |
مُعَالَجَةُ إِنْكَارِ عَقِيدَةِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَضَرْبُ الأَمْثِلَةِ عَلَى عُقُوبَةِ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
مِنْ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَات، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورتينِ في رَكعةٍ ، (وَالطُّورَ والذَّارِيَاتِ) فِي رَكعةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن الْوَعْدِ بِيَومِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٞ ٥﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوۡمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ ٦٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الذَّارِيَاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (ق): السُّوَرَتَانِ مَوْضُوْعُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ إِنْكَارُ الكُفَّارِ لِيَومِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ. |