«وإذا قيل لهم تعالوا» معتذرين «يستغفر لكم رسول الله لوّوا» بالتشديد والتخفيف عطفوا «رؤوسهم ورأيتهم يصدون» يعرضون عن ذلك «وهم مستكبرون».
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (11)
فإنها أنفاس معدودة وآجال مضروبة محدودة ، يبلغ الكتاب فيها أجله ، ويرى كل مؤمل ما أمله .
(64) سورة التغابن مدنيّة
------------
(11) الفتوحات ج 3 /
440
يقول تعالى مخبرا عن المنافقين - عليهم لعائن الله - أنهم ( وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ) أي : صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكبارا عن ذلك ، واحتقارا لما قيل لهم ولهذا قال : ( ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون )
قوله تعالى {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله} لما نزل القرآن بصفتهم مشى إليهم عشائرهم وقالوا : افتضحتم بالنفاق فتوبوا إلى رسول الله من النفاق، واطلبوا أن يستغفر لكم. فلووا رءوسهم؛ أي حركوها استهزاء وإباء؛ قال ابن عباس. وعنه أنه كان لعبدالله بن أبي موقف في كل سبب يحض على طاعة الله وطاعة رسوله؛ فقيل له : وما ينفعك ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان : فأته يستغفر لك؛ فأبى وقال : لا أذهب إليه. وسبب نزول هذه الآيات أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق على ماء يقال له (المريسيع) من ناحية (قديد) إلى الساحل، فازدحم أجير لعمر يقال له(جهجاه) مع حليف لعبدالله بن أبي يقال له (سنان) على ماء (بالمشلل)؛ فصرخ جهجاه بالمهاجرين، وصرخ سنان بالأنصار؛ فلطم جهجاه سنانا فقال عبدالله بن أبي : أوقد فعلوها! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز - يعني أبيا - الأذل؛ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. ثم قال لقومه : كفوا طعامكم عن هذا الرجل، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضوا ويتركوه. فقال زيد بن أرقم - وهو من رهط عبدالله - أنت والله الذليل المنتقص في قومك؛ ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن ومودة من المسلمين، والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبدا. فقال عبدالله : اسكت إنما كنت ألعب. فأخبر زيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : فأقسم بالله ما فعل ولا قال؛ فعذره النبي صلى الله عليه وسلم. قال زيد : فوجدت في نفسي ولامني الناس؛ فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبدالله. فقيل لعبدالله : قد نزلت فيك آيات شديدة فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك؛ فألوى برأسه، فنزلت الآيات. خرجه البخاري ومسلم والترمذي بمعناه. وقد تقدم أول السورة. وقيل {يستغفر لكم} يستتبكم من النفاق؛ لأن التوبة استغفار. {ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون} أي يعرضون عن الرسول متكبرين عن الإيمان. وقرأ نافع {لووا} بالتخفيف. وشدد الباقون؛ واختاره أبو عبيد وقال : هو فعل لجماعة. النحاس : وغلط في هذا؛ لأنه نزل في عبدالله بن أبي لما قيل له : تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حرك رأسه استهزاء. فإن قيل : كيف أخبر عنه بفعل الجماعة؟ قيل له : العرب تفعل هذا إذا كنَّت عن الإنسان. أنشد سيبويه لحسان : ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم ** وفينا رسول عنده الوحي واضعه وإنما خاطب حسان ابن الأبيرق في شيء سرقه بمكة. وقصته مشهورة. وقد يجوز أن يخبر عنه وعمن فعل فعله. وقيل : قال ابن أبي لما لوى رأسه : أمرتموني أن أومن فقد آمنت، وأن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت؛ فما بقي إلا أن أسجد لمحمد.
وإذا قيل لهؤلاء المنافقين: أقبلوا تائبين معتذرين عمَّا بدر منكم من سيِّئ القول وسفه الحديث، يستغفر لكم رسول الله ويسأل الله لكم المغفرة والعفو عن ذنوبكم، أمالوا رؤوسهم وحركوها استهزاءً واستكبارًا، وأبصرتهم -أيها الرسول- يعرضون عنك، وهم مستكبرون عن الامتثال لما طُلِب منهم.
{ وَإِذَا قِيلَ } لهؤلاء المنافقين { تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ } عما صدر منكم، لتحسن أحوالكم، وتقبل أعمالكم، امتنعوا من ذلك أشد الامتناع، و { لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ } امتناعًا من طلب الدعاء من الرسول، { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ } عن الحق بغضًا له { وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } عن اتباعه بغيًا وعنادًا، فهذه حالهم عندما يدعون إلى طلب الدعاء من الرسول، وهذا من لطف الله وكرامته لرسوله، حيث لم يأتوا إليه، فيستغفر لهم،
( وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ) أي عطفوا وأعرضوا بوجوههم رغبة عن الاستغفار . قرأ نافع ويعقوب " لووا " بالتخفيف ، وقرأ الآخرون بالتشديد ، لأنهم فعلوه مرة بعد مرة .
( ورأيتهم يصدون ) يعرضون عما دعوا إليه ، ( وهم مستكبرون ) متكبرون عن استغفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم .
(وَ) الواو عاطفة (إِذا) ظرفية شرطية غير جازمة (قِيلَ) ماض مبني للمجهول والجملة في محل جر بالإضافة (لَهُمْ) متعلقان بالفعل (تَعالَوْا) أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والجملة مقول القول (يَسْتَغْفِرْ) مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب (لَكُمْ) متعلقان بالفعل (رَسُولُ اللَّهِ) فاعل مضاف إلى لفظ الجلالة والجملة جواب الطلب لا محل لها.
(لَوَّوْا) ماض وفاعله (رُؤُسَهُمْ) مفعوله والجملة جواب إذا لا محل لها.
(وَرَأَيْتَهُمْ) الواو حرف عطف وماض وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة على ما قبلها.
(يَصُدُّونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة حال (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) مبتدأ وخبره والجملة حال.
Traslation and Transliteration:
Waitha qeela lahum taAAalaw yastaghfir lakum rasoolu Allahi lawwaw ruoosahum waraaytahum yasuddoona wahum mustakbiroona
And when it is said unto them: Come! The messenger of Allah will ask forgiveness for you! they avert their faces and thou seest them turning away, disdainful.
Ve onlara, gelin de Allah'ın Peygamberi size yarlıganma dilesin denirse başlarını sallarlar alay ederek ve görürsün ki ululuk satarak dönüp gitmedeler.
Et quand on leur dit: «Venez que le Messager d'Allah implore le pardon pour vous», ils détournent leurs têtes, et tu les vois se détourner tandis qu'ils s'enflent d'orgueil.
Und wenn ihnen gesagt wird: "Kommt, damit ALLAHs Gesandter für euch um Vergebung bittet!", wenden sie ihre Köpfe weg. Und du siehst sie sich abwenden, während sie sich in Arroganz erheben.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة المنافقون (Al-Munafiqun - The Hypocrites) |
ترتيبها |
63 |
عدد آياتها |
11 |
عدد كلماتها |
180 |
عدد حروفها |
780 |
معنى اسمها |
النِّفَاقُ: إِبْطَانُ الْكُفْرِ وَإِظْهَارُ الإِيمَانِ. وَالمُرَادُ (بِالمُنَافِقِينَ): المُشْرِكُونَ الَّذِينَ سَكَنُوا الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ |
سبب تسميتها |
حَدِيثُ السُّورَةِ عَنِ الْمُنَافِقِينَ؛ فَسُمِّيَتْ بِهِم |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْمُنَافِقُونَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ﴾ |
مقاصدها |
بَيَانُ صِفَاتِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالتَّحْذِيرُ مِن الاتِّصَافِ بِهِم |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِن النَّظَائِرِ التِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَعَنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كان النَّبِيُّ ﷺ يقرأُ فِي صَلاةِ الجُمُعَةِ (سُورَةَ الجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقُونَ)». (رَوَاهُ مُسلِم) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (المنافقون) بِآخِرِهَا: السُّورَةُ كُلُّهَا تَتَحَدَّثُ عَن صِفَاتِ المُنَافِقِينَ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْمُنَافِقُونَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْجُمُعَةِ): (الجُمُعَةُ) أَعْطَت مِثَالًا لِوَحْدَةِ الصَّفِّ؛ وَ(المُنَافِقُونَ) أَعْطَت مِثَالًا لِمَن انْشَقَّ عَن وِحْدَةِ الصَّفِّ. |