«والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة» من الحيض وكل قذر «وندخلهم ظلا ظليلا» دائما لا تنسخه شمس وهو ظل الجنة,
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .
------------
(174) الفتوحات ج 4 /
352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 /
94 - ج 2 /
107
وقوله : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ) هذا إخبار عن مآل السعداء في جنات عدن ، التي تجري فيها الأنهار في جميع فجاجها ومحالها وأرجائها حيث شاؤوا وأين أرادوا ، وهم خالدون فيها أبدا ، لا يحولون ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا .
وقوله : ( لهم فيها أزواج مطهرة ) أي : من الحيض والنفاس والأذى . والأخلاق الرذيلة ، والصفات الناقصة ، كما قال ابن عباس : مطهرة من الأقذار والأذى . وكذا قال عطاء ، والحسن ، والضحاك ، والنخعي ، وأبو صالح ، وعطية ، والسدي .
وقال مجاهد : مطهرة من البول والحيض والنخام والبزاق والمني والولد .
وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمآثم ولا حيض ولا كلف .
وقوله : ( وندخلهم ظلا ظليلا ) أي : ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا .
قال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن - وحدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن جعفر - قالا حدثنا شعبة قال : سمعت أبا الضحاك يحدث ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، شجرة الخلد " .
قد تقدم معنى الإصلاء أول السورة. وقرأ حميد بن قيس {نصليهم } بفتح النون أي نشويهم. يقال : شاة مصلية. ونصب {نارا }على هذه القراءة بنزع الخافض تقديره بنار. {كلما نضجت جلودهم} يقال : نضج الشيء نُضْجا ونضَجا، وفلان نضيج الرأي محكمه. والمعنى في الآية : تبدل الجلود جلودا أخر. فإن قال من يطعن في القرآن من الزنادقة : كيف جاز أن يعذب جلدا لم يعصه ؟ قيل له : ليس الجلد بمعذب ولا معاقب، وإنما الألم واقع على النفوس؛ لأنها هي التي تحس وتعرف فتبديل الجلود زيادة في عذاب النفوس. يدل عليه قوله تعالى {ليذوقوا العذاب } وقوله تعالى {كلما خبت زدناهم سعيرا }[
الإسراء : 97]. فالمقصود تعذيب الأبدان وإيلام الأرواح. ولو أراد الجلود لقال : ليذقن العذاب. مقاتل : تأكله النار كل يوم سبع مرات. الحسن : سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم : عودوا فعادوا كما كانوا. ابن عمر : إذا احترقوا بدلت لهم جلود بيض كالقراطيس. وقيل : عنى بالجلود السرابيل؛ كما قال تعالى {وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران } [إبراهيم:49 ، 50] سميت جلودا للزومها جلودهم على المجاورة؛ كما يقال للشيء الخاص بالإنسان : هو جلدة ما بين عينيه. وأنشد ابن عمر رضي الله عنه : يلومونني في سالم وألومهم ** وجلدة بين العين والأنف سالم فكلما احترقت السرابيل أعيدت. قال الشاعر : كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها ** فويل لتيم من سرابيلها الخضر فكنى عن الجلود بالسرابيل. وقيل : المعنى أعدنا الجلد الأول جديدا؛ كما تقول للصائغ : صغ لي من هذا الخاتم خاتما غيره؛ فيكسره ويصوغ لك منه خاتما. فالخاتم المصوغ هو الأول إلا أن الصياغة تغيرت والفضة واحدة. وهذا كالنفس إذا صارت ترابا وصارت لا شيء ثم أحياها الله تعالى. وكعهدك بأخ لك صحيح ثم تراه بعد ذلك سقيما مدنفا فتقول له : كيف أنت ؟ فيقول : أنا غير الذي عهدت. فهو هو، ولكن حاله تغيرت. فقول القائل : أنا غير الذي عهدت، وقوله تعالى{غيرها} مجاز. ونظيره قوله تعالى{يوم تبدل الأرض غير الأرض } [إبراهيم : 48] وهي تلك الأرض بعينها إلا أنها تغير آكامها وجبالها وأنهارها وأشجارها، ويزاد في سعتها ويسوى ذلك منها؛ على ما يأتي بيانه في سورة [إبراهيم ]عليه السلام. ومن هذا المعنى قول الشاعر : فما الناس بالناس الذين عهدتهم ** ولا الدار بالدار التي كنت أعرف وقال الشعبي : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : ألا ترى ما صنعت عائشة. ذمت دهرها، وأنشدت بيتي لبيد : ذهب الذين يعاش في أكنافهم ** وبقيت في خلف كجلد الأجرب يتلذذون مجانة ومذلة ** ويعاب قائلهم وإن لم يشغب فقالت : رحم الله لبيدا فكيف لو أدرك زماننا هذا ! فقال ابن عباس : لئن ذمت عائشة دهرها لقد ذمت عاد دهرها؛ لأنه وجد في خزانة عاد بعدما هلكوا بزمن طويل كأطول ما يكون من رماح ذلك الزمن عليه مكتوب : بلاد بها كنا ونحن بأهلها ** إذ الناس ناس والبلاد بلاد البلاد باقية كما هي إلا أن أحوالها وأحوال أهلها تنكرت وتغيرت. {إن الله كان عزيزا} أي لا يعجزه شيء ولا يفوته. {حكيما} في إيعاده عباده. وقوله في صفة أهل الجنة{وندخلهم ظلا ظليلا } يعني كثيفا لا شمس فيه. الحسن : وصف بأنه ظليل؛ لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم ونحو ذلك. وقال الضحاك : يعني ظلال الأشجار وظلال قصورها الكلبي {ظلا ظليلا} يعني دائما.
والذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان بالله تعالى والتصديق برسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، واستقاموا على الطاعة، سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار، ينعمون فيها أبدًا ولا يخرجون منها، ولهم فيها أزواج طهرها الله مِن كل أذى، وندخلهم ظلا كثيفًا ممتدًا في الجنة.
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا } أي: بالله وما أوجب الإيمانَ به { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } من الواجبات والمستحبات { سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } أي: من الأخلاق الرذيلة، والخلْق الذميم، ومما يكون من نساء الدنيا من كل دنس وعيب { وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا }
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا ) كنينا لا تنسخه الشمس ولا يؤذيهم حر ولا برد .
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) اسم الموصول مبتدأ وجملة آمنوا صلته وجملة عملوا الصالحات معطوفة (سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ) فعل مضارع ومفعولاه والسين للإستقبال والجملة خبر المبتدأ (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والأنهار فاعله والجملة صفة جنات (خالِدِينَ) حال منصوبة بالياء تعلق بها الجار والمجرور بعدها وظرف الزمان (أَبَداً).
(لَهُمْ) متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ (أَزْواجٌ) (فِيها) متعلقان بمحذوف حال من أزواج (مُطَهَّرَةٌ) صفة أزواج والجملة مستأنفة لا محل لها (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) فعل مضارع والهاء مفعوله الأول ظلا المفعول الثاني ظليلا صفة والجملة معطوفة.
Traslation and Transliteration:
Waallatheena amanoo waAAamiloo alssalihati sanudkhiluhum jannatin tajree min tahtiha alanharu khalideena feeha abadan lahum feeha azwajun mutahharatun wanudkhiluhum thillan thaleelan
And as for those who believe and do good works, We shall make them enter Gardens underneath which rivers flow - to dwell therein for ever; there for them are pure companions - and We shall make them enter plenteous shade.
İnanıp iyi işlerde bulunanlarıysa kıyılarından ırmaklar akan cennetlere sokarız. Ebedi kalırlar orada. Onlara orada her çeşit ayıptan arınmış tertemiz eşler var ve onları kaba gölgelikte huzura, rahata kavuştururuz.
Et quant à ceux qui ont cru et fait de bonnes œuvres, bientôt Nous les ferons entrer aux Jardins sous lesquels coulent des ruisseaux. Ils y demeureront éternellement. Il y aura là pour eux des épouses purifiées. Et Nous les ferons entrer sous un ombrage épais.
Und diejenigen, die den Iman verinnerlicht haben und gottgefällig Gutes taten, werden WIR in Dschannat eintreten lassen, die von Flüssen durchflossen sind, dort werden sie für immer und ewig bleiben. Dort haben sie gereinigte Partnerwesen, und WIR lassen sie in nicht vergehenden Schatten eintreten.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النساء (An-Nisaa - The Women) |
ترتيبها |
4 |
عدد آياتها |
176 |
عدد كلماتها |
3712 |
عدد حروفها |
15937 |
معنى اسمها |
(النُّـِسْوَةُ) بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَ(النِّسَاءُ) وَ(النِّسْوَانُ) جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لفْظِهَا |
سبب تسميتها |
كَثْرَةُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ وَمَسَائِلِ الْأُسْرَّةِ وَالْمُجْتَمَعِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النِّسَاءِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِّسَاءِ الكُبْرَى) أَوْ (النِّسَاءِ الطُوْلَى) |
مقاصدها |
تَنْظِيمُ الشُّؤُونِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالعَلَاقَاتِ الْخَارِجِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النِّسَاءِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَحْكَامِ المَوَارِيثِ.
فقَالَ سُبْحَانَهُ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ ...١٧٥﴾... الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النِّسَاءِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (آلِ عِمرَانَ):
اختُتِمَتْ (آلُ عِمْرَانَ) بِالأَمْرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ٢٠٠﴾ ، وَافْتُتِحَتِ (النِّسَاءُ) بِالأَمرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ...١﴾. |