«إن الذين كفروا لن تغني» تدفع «عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله» أي من عذابه «شيئا» وخصها بالذكر لأن الإنسان يدفع عن نفسه تارة بفداء المال وتارة بالاستعانة بالأولاد «وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون».
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل
489
سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .
------------
(200) الفتوحات ج 4 /
482 ، 347 ،
482
ثم قال تعالى مخبرا عن الكفرة المشركين بأنه ( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ) أي لا يرد عنهم بأس الله ولا عذابه إذا أراده بهم ( وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )
قوله تعالى {إن الذين كفروا} اسم إن، والخبر {لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا}. قال مقاتل : لما ذكر تعالى مؤمني أهل الكتاب ذكر كفارهم وهو قوله {إن الذين كفروا}. وقال الكلبي : جعل هذا ابتداء فقال : إن الذين كفروا لن تغني عنهم كثرة أموالهم ولا كثرة أولادهم من عذاب الله شيئا. وخص الأولاد لأنهم أقرب أنسابهم إليهم. {وأولئك أصحاب النار} ابتداء وخبر، وكذا و{هم فيها خالدون}. وقد تقدم جميع هذا.
إن الذين كفروا بآيات الله، وكذبوا رسله، لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم شيئًا من عذاب الله في الدنيا ولا في الآخرة، وأولئك أصحاب النار الملازمون لها، لا يخرجون منها.
يخبر تعالى أن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا، أي: لا تدفع عنهم شيئا من عذاب الله، ولا تجدي عليهم شيئا من ثواب الله، كما قال تعالى: { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا } بل تكون أموالهم وأولادهم زادا لهم إلى النار، وحجة عليهم في زيادة نعم الله عليهم، تقتضي منهم شكرها، ويعاقبون على عدم القيام بها وعلى كفرها، ولهذا قال: { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }
( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ) أي : لا تدفع أموالهم بالفدية ولا أولادهم بالنصرة شيئا من عذاب الله ، وخصهما بالذكر لأن الإنسان يدفع عن نفسه تارة بفداء المال وتارة بالاستعانة بالأولاد . ( وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) وإنما جعلهم من أصحابها لأنهم أهلها لا يخرجون منها ولا يفارقونها ، كصاحب الرجل لا يفارقه .
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ الله شَيْئًا) ينظر في إعرابها الآية رقم 10 من هذه السورة (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) مبتدأ وخبر النار مضاف إليه والجملة معطوفة على جملة لن تغني (هُمْ فِيها خالِدُونَ) مبتدأ وخبر تعلق به الجار والمجرور والجملة خبر ثأن لاولئك.
Traslation and Transliteration:
Inna allatheena kafaroo lan tughniya AAanhum amwaluhum wala awladuhum mina Allahi shayan waolaika ashabu alnnari hum feeha khalidoona
Lo! the riches and the progeny of those who disbelieve will not avail them aught against Allah; and such are rightful owners of the Fire. They will abide therein.
Gerçekten de o kafirlerin ne malları Allah azabından onları koruyabilir, ne evlatları ve onlardır ateş ehli olanlar, orada ebedi kalırlar.
Quant à ceux qui ne croient pas, ni leurs biens, ni leurs enfants ne pourront jamais leur servir contre la punition d'Allah. Et ce sont les gens du Feu: ils y demeureront éternellement.
Gewiß, denjenigen, die Kufr betrieben haben, werden weder ihre Vermögenswerte noch ihre Kinder vor ALLAH etwas nutzen. Und diese sind die Weggenossen des Feuers. Darin werden sie ewig bleiben.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة آل عمران (Al-i'Imran - Family of Imran) |
ترتيبها |
3 |
عدد آياتها |
200 |
عدد كلماتها |
3503 |
عدد حروفها |
14605 |
معنى اسمها |
عِمرَانُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالمُرَادُ بِـ(آلِ عِمْرَانَ): عِيسَى وَأُمُّهُ مَريَمُ وَيَحْيَى عليه السلام |
سبب تسميتها |
ذِكْرُ قِصَّةِ آلِ عِمْرَانَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (آلِ عِمرَانَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الكَنـْزِ)، وَسُورَةَ (الأَمَانِ)، وَتُلقَّبُ بِـ(الزَّهْرَاءِ) |
مقاصدها |
بَيانُ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَأَحْكَامِ الجِهَادِ وغَيرِهِ، وَردِّ شُبُهَاتِ النَّصَارَى |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ ِلنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ ﷺ: «اقرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أي سَحَابتانِ- أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما». (رَوَاهُ مُسْلِم).
هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَنْ أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ مِنَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِشَارَةُ إِلَيهَا.
فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ ...الآيَاتِ،وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ ...الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (آلِ عِمْرانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (البَقَرَةِ):
ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَوَاتِيم سُورَةِ (البَقَرَةِ) وفي أوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ). |