موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية

وهو كتاب الطبقات الكبرى

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومنهم الشيخ علي بن وهب السنجاري (رضي الله عنه)

انتهت إليه تربية المريدين بسنجار وما يليها وتتلمذت له جماعة من أكابر مثل الشيخ سويد السنجاري، والشيخ أبي بكي الجاري والشيخ سعد الصنابحي، وغيرهم. مات رضي الله عنه عن أربعين مريداً كلهم من أرباب الأحوال وحكي أنه لما مات اجتمع هؤلاء المريدون في روضة تجاه زاويته فجعل كل منهم يأخذ من تلك الروضة قبضة من نباتها، ويتنفس عليها فتزهر من جميع الأزهار المختلفة الألوان من أصفر، وأخضر، وأزرق، وأبيض، وغير ذلك حتى أقر بعضهم لبعض بالتمكين والتصريف.

وكان رضي الله عنه يقول: حفظت القرآن العظيم وأنا ابن سبع سنين ثم اشتغلت بالعلم، وكنت أتعبد في مسجد بظاهر البرية فبينما أنا نائم ليلة رأيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال: يا علي أمرت أن ألبسك هذا الطاقية، وأخرج من كمه طاقية ووضعها على رأسي ثم جاءني الخضر عليه السلام بعد أيام وقال لي يا علي اخرج إلى الناس ينتفعوا بك فتثبت في أمري ثم رأيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه في النوم فقال لي: كمقالة الخضر عليه السلام فاستيقظت، وتثبت في أمري ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثالثة فقال لي كمقالة الصديق رضي الله عنه فاستيقظت، وعزمت على الخروج، ونمت في آخر الليل من ليلتي تلك فرأيت الحق جل، وعلا فقال لي يا عبدي قد جعلتك من صفوتي في أرضي، وأيدتك في جميع أحوالك بروح مني، وأقمتك رحمة لخلقي فاخرج إليهم، واحكم فيهم بما علمتك من حكمي، وأظهر لهم بما أيدتك به من آياتي فاستيقظت، وخرجت إلى الناس فهرعوا إلي من كل جانب رضي الله عنه. ومن كلامه رضي الله تعالى عنه: معرفة الله عز وجل عزيزة لا تدرك بالعقل بل يقتبس أصلها من الشرع ثم تتفرع حقائقها على قدر القرب فقوم عرفوه بالوحدانية فاستراحوا إلى الصمدانية، وقوم عرفوه بالقدرة فتحيروا، وقوم عرفوه بالعظمة فوقفوا على أقدام الدهشة، وأيقنوا أن لن يدرك أحد عينه، وقوم عرفوه بعزة الإلهية فتنزهوا عن الكيفية، والماهية وقوم عرفوه بصنائعه، واستدلوا عليه ببدائعه فشاهدوه بإبداعه، وصنعه، ورأوه في إعطائه، ومنعه، وقوم عرفوه بالتكوين فعرفوه بالثبات، والتمكين، وقوم عرفوه بلا غيره فأراهم من آياته ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وكان رضي الله عنه يقول: من أحبه الحق، وأراده أسكن في قلبه الإرادة، فالمريد محب طالب، والشوق لقلبه غالب، والتوق للبه سالب، والمراد محبوب مطلوب مأخوذ مسلوب إلى الجناب مجذوب قد ظهر عليه الشوق، وغلب إذ قد وجد ما طلب قد قطع الطريق وطواها، وأزال نفسه ونحاها ومحاها ومحا الأكوان من نظره فما يراها.

وكان رضي الله عنه يقول: الزهد فريضة، وفضيلة، وقربة فالفريضة في الحرام، والفضيلة في المتشابه، والقربة في الحلال، والزهد أعظم من الورع لأن الورع إبقاء، والزهد قطع الكل، وكان رضي الله عنه يقول: علامة الإخلاص أن يغيب عنك الحق في مشاهدة الحق،، وكان يقول: بقاء الأبد في فنائك عنك، وكان يقول: من سكن بسره إلى غير الله تعالى نزع الله تعالى الرحمة من قلوب الخلق عليه، وألبسه لباس الطمع فيهم. مات رحمه الله تعالى بسنجار، وقبره بها يزار رضي الله عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!