ومنهم عامر بن عبد الله بن قيس رضي الله عنه ورحمه
كان رضي الله عنه يقول لو أن الدنيا كانت لي بحذافيرها ثم أمرني الله تعالى بإخراجها كلها لأخرجتها بطيب نفس، وكان قد فرض على نفسه كل يوم ألف ركعة وفي رواية ثمانمائة ركعة، فلا ينصرف منها إلا وقد انتفخت قدماه وساقاه ثم يقول لنفسه إنما خلقت للعبادة والله لأعملن بك عملا حتى لا يأخذ الفراش منك نصيباً، وكان يقول لا أبالي حين أحببت الله عز وجل على أي حال أمسيت وأصبحت، وكان رضي الله عنه يقول منذ عرفت الله تعالى لم أخف سواه، وكان إذا تشوش من إنسان ودعا عليه يقول اللهم أكثر ماله وأصح جسمه وأطل عمره، وكان رضي الله عنه يقول كم من شيء كنت أحسنه أود الآن أني لا أحسنه وما يغني في ما أحسن من الخير إذا لم أعمل به، وكان إذا سافر إن شاء صب من الركوة ماء للوضوء وإن شاء صب منها لبناً للشرب، وكان إذا دخل عليه شيء من الدراهم ينفق منها على المساكين ما شاء ولا ينقص منها شيء، وكان إذا أعطى السائل الرغيف يقول: إني لأستحي أن يكون في ميزاني أقل من رغيف، وقيل له مرة من هو خير منك فقال: من كان صمته تفكراً وكلامه ذكراً ومشيه تدبراً فهذا خير مني، وكان يقول: ذكر الله شفاء وذكر غيره داء، وكان يقول: من جهل العبد أن يخاف على الناس من ذنوبهم، ويأمن هو على ذنوب نفسه، وكان رضي الله عنه يقول: ما غيركم اليوم بخير ولكنه خير من أشر منه. وكان يطعم المجانين فيقول له الناس إنهم لا يدرون الأكل فيقول إن لم يكونوا يدرون فإن الله تعالى يدري، وكان يقول في قوله تعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً " " الطلاق: 2 " أي من كل شيء ضاق على الناس، وكان يقول إذا مت فلا تعلموا بي أحداً وسلوني إلى ربي سلا رضي الله عنه.