
لواقح الأنوار القدسية في مناقب الأخيار والصوفية
وهو كتاب الطبقات الكبرى
تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني
![]() |
![]() |
ومنهم منصور بن المعتمر (رضي الله عنه)
كان الثوري رضي الله عنه يقول: لو رأيت منصوراً وهو واقف يصلي لقلت إنه يموت الساعة، فكانت لحيته تلصق بصدره، وكان يقوم الليل على سطح داره، فلما مات قالت ابنة جاره لأبيها يا أبت أين ذلك العمود الذي كان فوق سطح جارنا وذلك لأنها كانت لا تصعد إلا ليلا، وصام ستين سنة، وقام ليلها، وكان يبكي حتى يرحمه أهله طول ليله، فإذا أصبح كحل عينيه وادهن، وخرج إلى الناس حتى كأنه بات نائماً يخفي عمله عن الناس وكان رضي الله عنه قد عمش من البكاء. وحبسوه شهراً ليتولى القضاء فلم يرض فقالوا لعامل الكوفة لو نشرت لحمه لم يل لك قضاء فخلى عنه وحل قيده، وكان منصور رضي الله عنه لا يراه أحد إلا ظن أنه قريب عهد بمصيبة منكسر الطرف منخفض الصوت رطب العينين إذا حركته جاءت عيناه بالدموع.
توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة رضي الله تعالى عنه، وكان رضي الله عنه يقول: أولم يكن لنا ذنب إلا محبتنا للدنيا لاستحقينا دخول النار، وكان يقول للعلماء إنما أنتم متلذذون يسمع أحدكم العلم ويحكيه وإنما يراد من العلم العمل ولو عملتم بعلمكم لهربتم من الدنيا، لأن العلم ليس فيه شيء يدل على حبها وكان يقول من أعظم الزهد في الدنيا الزهد في لقاء الناس وكان رضي الله عنه يقول اللهم لا ترزقني مالا ولا ولداً ولا داراً ولا خادماً وما أعطيت لي مما تكره فخذه مني.
![]() |
![]() |