كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
اللباس المعروف عنده والمنقول عن المحققين من شيوخه.[1]
ثم بعد ذلك تلقى الشيخ محي الدين الخرقة بطرق مختلفة في فاس ومكة والموصل وغيرها، كما سيأتي ذكرها في حينها. ولقد ذكر الشيخ بمزيد من التفصيل سند الخرقة التي تلقاها في إشبيلية وغيرها في رسالة له سماها "نسب الخرقة"، ولكن يبدو أن النسخ المطبوعة منها كلها ناقصة ولا تتفق مع المخطوطات الموجودة والتي قدّمت لها كلوديا عداس دراسة جيدة في كتابها "البحث عن الكبريت الأحمر" الذي ذكرناه في المقدمة. وتقول كلوديا عداس أن الشيخ محي الدين لم يذكر التاريخ الذي لبس فيه الخرقة إلا في مخطوطة أرسلها لها الدكتور عثمان يحيى رحمه الله. وقد وضعت كلوديا عداس في نهاية كتابها هذا ملحقا عن الطرق المختلفة التي تلقى بها الشيخ محي الدين الخرقة، وأوضحت أنه هناك بعض التناقض في رجال السلسلة بين النص الذي ذكرناه أعلاه والذي ذكره الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية في الباب الخامس والعشرين عندما تكلّم عن الخضر عليه السلام، وبين النص المذكور في رسالة نسب الخرقة. ولكن كلوديا عدّاس أخطأت عندما اعتبرت أن الشيخ محي الدين قد غيّر رأيه بلبس الخرقة عندما تلقاها في الموصل من شيخه علي ابن جامع بحضور قضيب البان وذلك كان سنة 601،[2] وإنما هو قال إنه أصبح يقول بلباس الخرقة لمّا رأى الخضر قد اعتبرها وذلك بعدما تلقاها من الشيخ تقيّ الدين عبد الرحمن بن علي بن ميمون بن أبي الوزري في إشبيلية سنة 592.
لقاؤه بأمير المؤمنين يعقوب المنصور (إشبيلية، 592)
بعد أن انتصر المسلمون بقيادة أميرهم يعقوب المنصور في معركة الأرك أقام أمير المؤمنين بإشبيلية بقية سنة 591 ثم تابع الغزو في السنة الثانية فنزل على مدينة طليطلة بعساكره، ثم عاد في السنة الثالثة أيضاً وتوغل شمالا إلى أن وصل إلى مواضع لم يصل إليها ملك من ملوك المسلمين قط ورجع إلى مدينة إشبيلية، فأرسل الأدفنش (ألفونسو الثامن) يسأله المهادنة فهادنه إلى عشر سنين ثم عبر المضيق بعد أن أصلح الأندلس ورتب فيها من يقوم بحمايتها وقصد مدينة مراكش وذلك في سنة 594.
فلما خرج أمير المؤمنين إلى الغزوة الثانية سنة 592 كتب قبل خروجه إلى جميع البلاد بالبحث عن الصالحين وحملهم إليه فكان يجعلهم بين يديه كلما سار للحرب، وكان كلما نظر إليهم يقول لمن عنده: هؤلاء الجند لا هؤلاء! ويشير إلى العسكر.[3]
[1] الباب 25، والتاريخ موجود في رسالة نسب الخرقة، مخطوطة يحيى أفندي رقم 2415، راجع كتاب عثمان يحيى عن تاريخ مؤلفات ابن العربي، ترجمة أحمد الطيبي، المؤلف رقم 936.
[2] راجع كتاب كلوديا عداس، ص145.
[3] المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تأليف عبد الواحد علي المراكشي (توفي 647/1249)، تحقيق محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي، ط7، الدار البيضاء، 1978، ص176.