كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
ويبدو أن أمير المؤمنين حاول أن يحمل ابن العربي على العمل معه وصحبته وربما يمنحه بعض المناصب كأبيه، ولكن الشيخ محي الدين كان يرفض ذلك. يقول الشيخ محي الدين في كتاب الدرة الفاخرة في ترجمته لشيخه صالح البربري الذي كان قد نصحه من قبل أن لا يلتفت إلى دعوات أهله وقومه أن يترك طريق الزهد ويسعى وراء حياته الشخصية ويستقر ويؤمّن العيش لأهله وأختيه اليتيمتين التين تركهما له والده بعد وفاته رحمه الله.
فيقول الشيخ محي الدين أن أمير المؤمنين كان يرسل القاضي أبا القاسم أحمد بن محمد بن بقي إلى الشيخ محي الدين ليقنعه بالعمل مع السلطان يعقوب المنصور ولكنه كان يرفض. ويبدو أن أمير المؤمنين كان يتوقع ذلك لأنه كان يأمر القاضي أن يعرض عليه الأمر من غير أن يجبره.
ثم يقول الشيخ محي الدين أنه التقى بعد ذلك بأمير المؤمنين الذي سأله عن أختيه اللتين كانتا بحاجة إلى حماية ورعاية بعد وفاة أبيه، وعرض عليه أن يجد لهما زوجان مناسبان، ولكن الشيخ محي الدين شكره وقال له أنه هو سيتولى ذلك. ولكن الأمير أصرّ وقال له أن لهما عنده مهمة كبيرة.
ثم بعد هذا اللقاء أرسل له أمير المؤمنين رسولا يجدد له العرض الذي عرضه عليه. ولكن الشيخ يقول إنه بعد هذا اللقاء بقليل ترك إشبيلية ورحل مع أهله وابن عمه إلى فاس.
رحلته الثالثة إلى المغرب العربي (593/1197)
فإذن قرر الشيخ محي الرحيل إلى المغرب من جديد، ويبدو أنه ما ترك مدينة فاس إلا ليعود إليها ولكنه اضطر أن يذهب إلى إشبيلية حتى يحضر أهله وخاصة أختيه اللتين كانتا بحاجة إليه.
لا يخبرنا الشيخ محي الدين فيما إذا كان قد توقف على الطريق في الجزيرة الخضراء وفي سبتة كما كان يفعل من قبل حين ذهب إلى تونس مثلا، ربما لم يتوقف كثيراً هذه المرة ربما لأن أهله معه فكان يريد أن يوصلهم إلى مدينة فاس التي وجد فيها الاستقرار وفيها سيزوّج أختيه حالما يصل. ولكننا نعلم من خلال تحليل بعض النصوص أنّ الشيخ محي الدين قد ألّف كتاباً في سبتة هو كتاب مفتاح أقفال الإلهام.
كتاب مفتاح أقفال الإلهام (سبتة)
فيقول الشيخ محي الدين أنّه ألّف كتاب "مفتاح أقفال الإلهام الوحيد وإيضاح أشكال أعلام المريد في شرح أحوال أبي يزيد" في سبتة وذلك عن أمرٍ إلهيّ وجاء هذا الكتاب في كرّاسين.[1] ويبدو أن ابن العربي قد ألّف هذا الكتاب في هذه السنة أثناء مغادرته الأندلس إلى فاس لأنّه يذكره في كتاب منزل القطب الذي يبدو أنّه قد ألّفه في فاس سنة 593 كما سنرى أدناه.
[1] مؤلفات ابن عربي: ص573.