كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
وكذلك اجتمع الشيخ محي الدين بقطب الزمان سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بمدينة فاس حيث أطلعه الله عليه في واقعة وعرفه به فلما اجتمعوا يوماً ببستان بن حيّون بمدينة فاس وهو في الجماعة لا يُؤبه له وكان غريباً من أهل بجاية أشلّ اليد، وكان في المجلس معهم، كما يقول الشيخ محي الدين، شيوخ من أهل الله معتبرون في طريق الله منهم أبو العباس الحصار (توفي 579/1183)[1] وأمثاله. ويقول الشيخ الأكبر أن هذه الجماعة كانوا إذا حضروا يتأدّبون معه، أي مع الشيخ محي الدين، فلا يكون المجلس إلا له ولا يتكلم أحد في علم الطريق فيهم غيره وإن تكلموا فيما بينهم رجعوا فيها إليه. فكان أن وقع ذكر الأقطاب وهذا القطب موجود في الجماعة، فقال لهم الشيخ محي الدين: يا إخواني إني أذكر لكم في قطب زمانكم عجباً. فالتفت إليه ذلك الرجل الذي أراه الله في منامه أنه قطب الوقت وقال له: قل ما أطلعك الله عليه ولا تُسمّ الشخص الذي عيّن لك في الواقعة، وتبسّم وقال الحمد لله. فأخذ الشيخ الأكبر يذكر للجماعة ما أطلعه الله عليه من أمر ذلك الرجل فتعجب السامعون ولكن الشيخ لم يذكر اسمه ولا عيّنه، إلى أن انتهى المجلس مع هؤلاء الإخوان الكرام. فلما انفضت الجماعة جاء ذلك القطب وقال للشيخ محي الدين جزاك الله خيراً ما أحسن ما فعلت حيث لم تسمّ الشخص الذي أطلعك الله عليه، والسلام عليك ورحمة الله. فكان ذلك سلام وداع ولم يعلم الشيخ محي الدين بذلك ولكنه يقول إنه ما رآه بعد ذلك في المدينة إلى الآن.[2]
ثم يقول الشيخ محي الدين أن الأقطاب المحمديين هم الذين ورثوا محمداً صلّى الله عليه وسلّم فيما اختص به من الشرائع والأحوال مما لم يكن في شرع تقدمه ولا في رسول تقدمه، فإن كان في شرع تقدم شرعه وهو من شرعه أو في رسول قبله وهو فيه صلّى الله عليه وسلّم فذلك الرجل وارث ذلك الرسول المخصوص ولكن من محمد صلّى الله عليه وسلّم، فلا ينسب إلا إلى ذلك الرسول وإن كان في هذه الأمة فيقال فيه موسوي إن كان من موسى أو عيسوي أو إبراهيمي أو ما كان من رسول أو نبي ولا يُنسب إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا من كان ممن اختص به محمد صلّى الله عليه وسلّم.[3] ولقد تكلمنا من قبل عن موضوع وراثة الأنبياء في الفصل الثاني.
كتاب منزل القطب (فاس)
ويبدو أنّه في نفس هذا الوقت كتب الشيخ محي الدين كتاب منزل القطب وهو نفسه كتاب القطب والإمامين (والمدلجين)،[4] وقد طبع هذا الكتاب في مجموعة رسائل ابن عربي (طبعة حيدر أباد
[1] انظر في "التشوف": ص280.
[2] الفتوحات المكية: ج4ص76.
[3] الفتوحات المكية: ج4ص76.
[4] مؤلفات ابن عربي: ص515.