كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
إشبيلية (595/1198)
ثم شدّ ابن العربي وصحبه الرحال إلى إشبيلية حيث يقول إنه التقى فيها بالوارث الإمام الأوحدي، أبي عبد الله المحاسبي، والشيخ أبي عمران موسى ابن عمران الميرتلي، والفقيه العابد التقيّ الزاهد أبي عبد الله بن عيسوم، خليفة الإمام أبي عبد الله المنسوب إلى قسطلة. ثم قدم أيضاً إليهم هناك الحاج السني الأخلاق أبو محمد عبد الله الموروري الذي ذكرناه في الفصل الثاني.
قرطبة (595/1198)
ثم وصل ابن العربي إلى قرطبة وهناك التقى بالشاب الصالح أبي عبد الله الأسطني، فذكر له من محاسن صاحبه ما يُحب، فدعا له بمنال أسنى الرتب (كما ذكر في الرسالة التي ذكرناها).
جنازة ابن رشد (قرطبة، ~شهر صفر 595/1198)
ولقد نوّهنا من قبل أن الشيخ محي الدين قد ذكر أنه حضر جنازة ابن رشد الذي توفي في هذه السنة في اليوم التاسع من شهر صفر (11/12/1198) في مراكش وحُمل إلى قرطبة حيث يروي الشيخ الأكبر في الباب الخامس عشر من الفتوحات المكية أنه عندما مات ابن رشد في مراكش وحُمل إلى إشبيلية جُعل التابوت الذي فيه جسده على الدابة وجُعلت مؤلفاته تعادله من الجانب الآخر، وكان الشيخ محي الدين واقفا ومعه الفقيه الأديب أبو الحسين محمد بن جبير (توفي 614/1217) كاتب السيد أبي سعيد وصاحبه أبو الحكم عمرو ابن السراج الناسخ. فيقول الشيخ محي الدين أن أبا الحكم التفت وقال: ألا تنظرون إلى من يعادل الإمام ابن رشد في مركوبه، هذا الإمام وهذه أعماله يعني مؤلفاته. فقال له ابن جبير: يا ولدي نِعم ما نظرت لا فُضّ فوك. ومن ذلك الوقت يقول الشيخ محي الدين أنه قيّدها عنده موعظة وتذكرة وقال فيها شعرا:
هذا الإمام وهذه أعمــاله |
|
يا ليت شعري هل أتت آماله![1] |
الشيخ أبو محمد عبد الله الشكاز (غرناطة 595/1199)
وفي الشهور الأولى من سنة 595 مرّ الشيخ بمدينة غرناطة ليزور فيها صاحبه الشيخ عبد الله الشكّاز وهو من أهل باغة بغرناطة، وهو يقول عنه أنه من أكبر من لقيه في هذا الطريق لم ير في طريقه مثله في الاجتهاد. وينقل الشيخ الأكبر عن عبد الله ما يؤكد صحة الحديث الذي أجمع أهل الكشف على صحته عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال في آي القرآن "إنه ما من آية إلا ولها ظاهر وباطن وحد ومطلع". فقال له
[1] الفتوحات المكية: ج1ص154.