كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
البيضاء (Aksehir) وقد ذكره الناسخ في مخطوطة أسعد أفندي 312 لكتاب مشكاة الأنوار،[1] ويبدو أنه من معارف الشيخ محي الدين مع أننا لا نعرف أية معلومات أخرى عنه.[2]
من جهة أخرى من المحتمل أن يكون هذا الشخص هو شهاب الدين السهروردي! رغم أن هذا الافتراض غريب ولكن هناك أدلّة تؤيّده، فالدار البيضاء هنا قد تكون إشارة إلى بغداد نفسها لأنها كما هو معروف بُنيت على موقع مدينة "طيسفون" العاصمة الفارسية القديمة للعراق والتي يعني اسمها بالفارسية "المدينة البيضاء"، وهي الآن لا تزال موجودة جنوبي بغداد وتسمى "المدائن".
ولكن هذا الفرض إن صح فمن شأنه أن يغيّر الكثير من رؤيتنا لسيرة الشيخ الأكبر لأنه يعني أن الشيخ رضي الله عنه كان في قونية في أواخر سنة 631 (حين مات السهروردي) وذهب منها إلى بغداد حيث حضر احتضاره وشيّعه ثم عاد، بينما نحن نعرف أن الشيخ محي الدين قد استقرّ في دمشق منذ سنة 620 كما سنرى في الفصل السادس، ولكن هذا لا يعني أنه لم يغادر دمشق أبداً، حيث هناك دلائل على أنه كان في حلب سنة 623، وكذلك لا نعلم أين كان في سنة 631 تحديداً وخاصة في أواخرها.
على كلّ حال، وإن لم يكن هذا الاحتمال الذي فرضناه ممكنا عملياً، فمن الممكن أيضاً أن يكون الشيخ محي الدين قد ذهب فعلا إلى بغداد ولكن ليس بالطريق الطبيعي المعروف، وإنما بشكل روحاني كما يفعله أصحاب الخطوة، ولقد ذكر الشيخ محي الدين رضي الله عنه أشياءً حصلت معه من هذا القبيل من قبل. وهذا ما يفسّر غموض الشيخ محي الدين في هذا الموضوع وعدم ذكره الاسم الكامل لشهاب الدين. ولكننا لا نعرف أي شخص آخر بهذا الاسم يمكن أن يتجاوب مع الشيخ محي الدين ويفهم هذه القصيدة التي أرسلها له تعبيراً عمّا حصل له في هذه الليلة العصيبة مما أدى به إلى الموت من شدّة التفكير بها.
الرجوع إلى ملطية (9 ربيع الأول 602/1205 [تشرين الأول])
بعد إقامته في قونية التي قاربت السنة قضى فيها صيفا ممتعا هناك، أراد الشيخ محي الدين أن يعود جنوبا إلى فلسطين ومصر، وستكون هذه هي المرة الأولى التي يمرّ بها في سورية وخاصة بدمشق. ولكن الشيخ لم يذهب إلى دمشق مباشرة بل يبدو أنه عاد إلى ملطية. ما يجعلنا نؤكد ذلك هو وجود إشارة على مخطوطة لكتاب حلية الأبدال، الذي كان قد كتبه في الطائف قبل ثلاث سنوات، تقول أن الشيخ محي الدين كان في ملطية بتاريخ 9 ربيع الأول 602.[3]
بعد ذلك شدّ الركب رحاله جنوبا باتجاه فلسطين مرورا بسورية في رحلة ستدوم عدة سنوات
[1] مؤلفات ابن عربي: ص560-561.
[2] يعود الفضل في توفير هذه المعلومات لنا للدكتور ستفين هرتنشتاين، وقد ذكر أيضاً هذه المعلومات في كتاب (Divine Sayings, pp. 137-8).
[3] مخطوطة يوسف آغا رقم 4868.