كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
الإقامة في ملطية (شهر رمضان 612/1216)
بعد سيواس عاد الشيخ محي الدين إلى ملطية من جديد ليقضي فيها عدة سنوات ويترك الترحال لبعض الوقت. ولكن التوقف عن الترحال لا يعني أبداً التوقف عن العمل وعن متابعة النصيحة تنفيذاً لأمر الله تعالى: "انصح عبادي"، وللحديث العام الذي ذكرناه: "الدين النصيحة". والنصيحة ليست فقط لأئمة المسلمين مثل ما فعل مع كيكاؤس، بل للعامة أيضاً كما كان يفعل أيضاً في كلّ مكان زاره أقام فيه أم لم يُقِم. فهناك في ملطية قام الشيخ محي الدين رضي الله عنه بتدريس كتبه للمريدين وتأليف عددٍ من الكتب الأخرى.
تبشير كيكاؤس بالنصر (ملطية، نهاية شهر رمضان 612/1216)
بعد أن رأى الشيخ محي الدين الرؤيا المبشرة في سيواس لم يكتب بها إلى الملك كيكاؤس مباشرة، إذ يبدو أنه كان على عجل يريد السفر إلى ملطية، فلم يراسل الملك ليبشّره بالنصر إلا بعدما وصل إلى ملطية ولكن قبل أن يتم النصر الذي حصل بالفعل في آخر شهر رمضان وكان الفتح يوم عيد الفطر في بداية شوال.
وكما أشرنا أعلاه فإنّ الملك غياث الدين كيخسرو والد عزّ الدين كيكاؤس كان قد استرجع أنطاكية من يد الفرنجة سنة 602/1205 وبقيت بيده حتى سنة 607/1210 حيث هجم الفرنجة النصارى عليها وقتلوا من بها من المسلمين، ولذلك كما ذكرنا أعلاه كان ابن العربي متشدّداً في نصيحته للملك كيكاؤس حينما أرسل يستشيره بأمر النصارى الذين هم في بلده، ولكنّه طبعا لم يبلغ حدّ ما بلغوه من القتل وانتهاك الأعراض وإنّما اكتفى بالتشديد عليهم على لا يصدر مثل هذا عنهم بالمسلمين مرّة أخرى. فلما تولى ابنه كيكاؤس الحكم أعدّ جيشاً كبيراً وحاصرها حتى استرجعها منهم.
تحذيره للملك كيكاؤس (ملطية)
وبعد أن منّ الله بالنصر على الملك كيكاؤس ودخل إلى أنطاكية، يبدو أن بعض أعوانه أشار عليه بأمرٍ لم يكن فيه الملك على يقين ولم يعرف كيف يتصرّف به، فأرسل إلى الشيخ محي الدين مرة أخرى يستفتيه. وكعادته ردّ عليه الشيخ محي الدين شعراً فيه غموض ورموز، ربّما خوفا من أن يقع بأيدٍ غريبة، فلا يمكننا تحديد ما هي المسألة التي أرسل الملك كيكاؤس لابن العربي يستشيره بها، ولكن لا شك أن الملك هو الذي يستطيع أن يفكّ هذه الرموز كونه هو الذي أرسل الكتاب الأول الذي طرح فيه المسألة. ولكن يبدو أن المسألة تتعلق بالنصيحة السابقة التي أرسلها له الشيخ محي الدين سنة 609 كما ذكرنا أعلاه، حيث يحذره هنا أيضاً من بعض أفراد بطانته.