كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
وهي قلب القرآن،[1] فكانت هي حارسه من هذه الأرواح الشريرة التي كانت تحاول القضاء عليه.
عمّه عبد الله بن محمد ابن العربي الطائي وقصة توبته
يروي الشيخ محي الدين قصة عمّه عبد الله وهو شقيق أبيه الذي كان في أواخر عمره في بداية العقد الثامن ولم يكن إذ ذاك يعتقد بالتصوف والزهد حتى هداه صبي صغير إلى هذا الطريق بسبب كلمة قالها له وهو في دكّان العطّار عندما جاء هذا الصبيُّ الصغير فطلب منه أن يعطيه قليلا من "الشونيز الأبيض"، والشونيز هو الحبة السوداء ولا تكون أبداً بيضاء اللون. فاستهجن ذلك أبو محمد وضحك وقال للصبي إنني أضحك من شدة جهلك لأن الشونيز لا يكون أبيضاً. وهنا جاء جواب الصبي صاعقا ومؤثرا حيث قال له: إن جهلي بهذه الأمور لن يضرّني عند الله ولكن لهوك وغفلتك التي أنت فيها ستضرّك عنده حيث أنك لا تزال معرضا عنه رغم تقدمك في العمر. فأثّر ذلك الكلام كثيرا في نفس الرجل المسن وكان ذلك سبب رجوعه إلى طريق الله، فكان يختم القرآن كل يوم ويهدي نصف ثوابه لهذا الصبي.[2] فلما دخل طريق التصوف زهد في الدنيا وعاش بعد ذلك ثلاث سنوات بلغ خلالها مقامات عالية في الولاية، ثم مات وعمره ثلاث وثمانون سنة، وكان ذلك قبل دخول ابن العربي في طريق التصوف.
وبالإضافة إلى كتاب الدرة الفاخرة، فقد ذكر الشيخ محي الدين قصة عمّه عبد الله في كتاب روح القدس حيث ذكر له أيضاً عدة كرامات مثل تنسمه ريح الجنة في الصباح واختفاء الأدرة الكبيرة التي أصيب بها عند موته بالإضافة إلى تنبؤه الدقيق بموعد موت ابنه وموته. يقول ابن العربي في روح القدس:
ومنهم رضي الله عنهم أبو محمد عبد الله بن محمد ابن العربي الطائي وهو عمي شقيق والدي دخل هذه الطريق في آخر عمره على يد صبي صغير لم يدر ما هذا الطريق. دخله وهو في عمر الثمانين فلازم المجاهدة والسواحل حتى برع فيه. كانت له في كل يوم ختمة لازمة يهب نصفها لذلك الصبي الذي
[1] جاء في سنن النسائي الكبرى (ج6ص265) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال "ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، اقرؤوها على موتاكم".
[2] بالإضافة إلى كتاب "روح القدس" كما سننقله أدناه، لقد ذكر الشيخ محي الدين هذه القصة بالتفصيل في كتاب "الدرة الفاخرة" (انظر مؤلفات ابن عربي تاريخها وتصنيفها، تأليف عثمان يحيى، ترجمة أحمد الطيبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب-القاهرة، 2001، ص309-310) وهو لم يحقق بعد. ولقد أخذنا هذه الرواية من ترجمة رالف أوستين في كتاب صوفيو الأندلس، ص99-100:
(Sufis of Andalusia: the Ruh Al-Quds ; Al-Durrat Al-Fakhirah by Muhyiddin Ibn Arabi, R. W. J. Austin, New Leaf Distributing Company, 1988, p. 99-100).
انظر أيضاً: كتاب "البحث عن الكبريت الأحمر: حياة ابن العربي"، تأليف كلوديا عداس، ترجمه من الفرنسية للإنكليزية: بيتر كنغسلي، ص20-21:
(Quest for the Red Sulpher, The Life of Ibn Arabî, Claude Addas, trans. Peter Kingsley, The Islamic Texts Society, 1993, p. 20-21).
و كتاب "الرحمن المطلق: ابن العربي فكره وحياته الروحية"، تأليف ستيفين هرتنشتاين، ص38:
(The Unlimited Mercifier, The Spiritual Life and Thought of Ibn Arabî, Stephen Hirtenstein, Anqa Publ. Oxford, 1999, p. 38).